بيان صادر عن إعلام حركة "فتح" - إقليم لبنان في الذكرى السابعة والخمسين لانطلاقة حركة "فتح"

قيادتنا الوطنية الشرعية الأبيّة، 

أبناء شعبنا الفلسطيني الصامد في كل بقاع الأرض، 

أبناء "فتح" الأوفياء القابضين على جمر الثّوابت،

عامٌ جديدٌ من عمرها تدخله حركة "فتح" مُفجّرة ثورتنا الفلسطينية المعاصرة، هو العام السابع والخمسون على ميلاد حركة الكلِّ الفلسطيني التي شقّت عُبابَ النكبةِ عابرةً بشعبنا الفلسطيني من غياهب اللجوء إلى نور الثورة والنضال، تمخرُ بين أمواج المؤامراتِ والتحديات، لتُجسِّد اليوم سفينةَ العبور نحو برّ العودة والدولة بقيادة ربّانها الأمين على القضية والغاية والمصير سيادة الرئيس محمود عبّاس، الذي كان صوتهُ الفيصلَ منذ سبعةٍ وخمسين عامًا لولادة الانطلاقة الاستثنائية لثورة استثنائية، هي ثورةُ المستحيل. 

 

هو المستحيلُ الذي طوَّعته بالإرادة والإصرار "فتح" المتفرّدة قِيَمًا وأهدافًا ومبادئَ لتحيلهُ حقيقةً وواقعًا عبر أسلوبها وتكتيكها وسياستها التي رسمت وقادت المسار التاريخي لنضال شعبنا الفلسطيني المتواصل عبر أجيالنا المتعاقبة، بدءًا من ولادة فكرة الثورة بتلاقي ثلةٍ من الشباب الوطني المندفع الموحَّدةِ أهدافُهُ حول دحر الاحتلال وتحرير فلسطين وفي مقدمهم الشهيد الرمز ياسر عرفات، ثُمَّ انطلاقتها المجيدة في الفاتح من كانون الثاني عام ١٩٦٥ بعملية نفق عيلبون التي أشعلت نار الكفاح مرورًا بمحطّات عزّة وتحدٍّ استعادت فيها كرامة الأمة العربية جمعاء، ومنعطفاتٍ رسَّخت فيها اسم فلسطين وتمثيلها الشرعي في الأمم المتحدة واستعادت حضورها على الخارطة الدولية، ثُمَّ صفحات صمود واستبسال وصونٍ لاستقلالية قرارنا الوطني الفلسطيني سطرتها "فتح" في لبنان والمنافي وأصقاع الشتات وفي داخل الوطن على مدى عقود متواصلة خاضت خلالها أعنف وأشرس المواجهات ضدّ الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه، وتصدّت لكل محاولات شق الصف الفلسطيني وفرض التبعيّة عليها والإلغاء وتصفية الوجود الفلسطيني، لتعودَ إلى الوطن وتخوضَ معركةَ التحرير من أرضنا الطاهرة، وتجسّد رأس حربة في مواجهة العدو الصهيوني ومشروعه الاستيطاني العدواني، وهي تبني اللبنات الأساسية لنواة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس.

 

إنَّ هذا كله وأكثر إنّما حققته "فتح" بعزيمة لا تلين وإرادةٍ لا تستكين تسلّح بها أحرارها الثوّار قادةً وكوادر، وبإيمانها العميق بحتمية النصر، وبامتلاكها عناصر جوهرية في أدبيات الثورة على رأسها الريادة وإخلاص النوايا وحماية استقلالية قرارنا الوطني. 

 

ففتح رائدةٌ في كل ميادين النضال، إذ هي أول الرصاص وأول الحجارة، وهي الشهيد الأول والأسير الأول والجريح الأول، وهي أول من أعاد وضع فلسطين على الخارطة الدولية، والمؤسِّسة الأولى لنواة الدولة الفلسطينية، ومتصدرةُ المقاومة الشعبية. 

وهي التي عمادُها صدقُ وإخلاصُ النوايا لفلسطين، وهو ما ترجمتهُ قولاً وعملاً في نظامها وأسلوبها ونهجها ومسيرتها، إذ جعلت الإخلاص لفلسطين أساس قَسَم الانتماء لها، وقدّمت المصلحة الوطنية العُليا على كلِّ ما سواها، وصانت استقلاليةَ قرارِنا الوطنيّ رغم كل محاولات الترغيب والترهيب والابتزاز، وما رامت يومًا المصالح الفئوية الضيقة أو ما امتهنه البعض من تجارةٍ بالقضية الفلسطينية تحقيقًا للمكاسب الخاصة، بل كان وبقي تناقضها الرئيس مع الاحتلال الإسرائيلي، وبقيت على مدار العقود وما زالت درعًا تصون القرار والمشروع الوطنيّ الفلسطيني والثوابت الوطنية. 

 

أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم، الأخوات والإخوة، 

منذ أطلقت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أول رصاصها كان تدرك مشقة الدرب ووعورته، ومنذ انتمائنا إلى هذه الحركة العظيمة كنا بدورنا مدركين أن الطريق صعب وشائك، ولكننا كنا وما زلنا مؤمنين بأنّ هذه الشرارة التي أضاءت سماء كفاحنا عام ١٩٦٥ ستبقى تنير سبيلنا حتى تحقيق الأهداف والآمال التي انطلقنا من أجلها. واليوم إذ نحتفي بهذه الذكرى المجيدة في ظل أصعب الظروف التي تمر بها قضيتنا الوطنية ومشروعنا الوطني نؤكّد أن "فتح" اليوم أكثر إصرارًا وعزيمةً على مواصلة المسيرة وأشد تمسُّكًا بالوحدة الوطنية وستبقى الأحرص على حفظ أمن وأمان شعبنا ومخيّماتنا كافةً مهما كلّفت التضحيات في خضم هذه المرحلة الصعبة من نضالنا.

 

وفي هذه الذكرى المجيدة لانطلاقة أنبلِ ثورةٍ عرفَها التاريخ، نُجدِّدُ العهدَ بالوفاء لتضحيات الأسرى ودماء الشهداء وعذابات الجرحى، ونجدّدُ القسَم لـ"فتح" التي أشعلت فينا روحَ الثورةِ المُتقدة في الصدور بأن تبقى هذه الثورة بمبادئها وأهدافها مُشتعلةً وهّاجةً نسيرُ على هَديها، هَدي القادة الأوائل وعلى رأسِهم الشهيد الرمز ياسر عرفات، مُخلصينَ لرفيق دربه وحامل أمانتهِ سيادة الرئيس محمود عبّاس ومرددين كلماته خلفه: "لقد عاهدتُ الله والشهداء وشعبنا العظيم أن أدافع عن هذه القضية، ولو اقتضى الأمر إلى الشهادة، لذا سأدافعُ عن هذه الحركة، بإرثها وحاضرها ومستقبلها بدمي، ولن أسمح بسرقة الثورة والمنظمة، ومعكم وبكم سنُحيي إرثَ هذه الحركة العظيمة، قائدة نضال شعبنا العظيم".

 

المجدُ والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاءُ لجرحانا الميامين، والحريةُ لأسرانا البواسل

٥٧ عامًا والمسيرةُ مُستمرّة.. وستبقى "فتح" ثورة حتّى الانتصار

وإنها لثورةٌ حتّى النّصر والتحرير والعودة