الذين يعلنون رسميًا التطبيع مع الكيان الإسرائيلي يسهلون علينا مهمة مواجهتهم، لكننا نعاني من أولئك الذين يلعبون على الحبلين، فمن جهة يؤيدون حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى الوطن، ويرفضون الإحتلال، ويدعون إلى تحرير الأقصى من الحصار الذي تفرضه عليه سلطة الاحتلال بقصد توهين الفلسطينيين وإضعافهم، وحملهم على الاستسلام، والشعور باليأس، والمضي في خيار التطبيع، وتأكيد بقاء الكيان الإسرائيلي هو المهيمن والمسيطر بالكامل، وبيده القرار، وتقع عليه مسؤولية قيادة المنطقة، وإدارة شؤونها لما تجده من موافقة وقبول من دول أعربت قولًا وفعلاً عن رضاها بسلوكه، بل والحديث المباشر معه عن تهديدات مباشرة، ونخشى أن يأتي اليوم الذي يتحول هولاء المطبعون إلى شركاء وأصدقاء، وربما يقولون لإسرائيل: مصيرنا واحد، ومستقبلنا واحد، وعدونا واحد، وسنقاتل معا لنحافظ عليه. 
ومن جهة نجد أن هولاء يكتبون وينشرون ما يعن في خواطرهم من أفكار، ويبحثون عن طرق جديدة لتوهين الشعوب، وتسخيف مشاعر الوحدة والتضامن مع فلسطين، ويذهبون أبعد من ذلك إلى تحميل الفلسطينيين مسؤولية جرائم الاحتلال ووحشيته، وما يقوم به من إبادة بشرية، وتهديم للمنازل، وتجريف للمزارع، ويحاولون تحسين صورته، والترويج لفكرة إن الفلسطينيين لا يستحقون الدعم، بل لا بد من التعايش مع الكيان الإسرائيلي والتقارب معه والتفكير بما يجمع العرب به من مشتركات، وكأنه دولة حضارية تمتلك تاريخا وحضارة وتستحق العلاقة المتوازنة.
يمارس هؤلاء دورهم في الترويج للتطبيع بوسائل وطرق تقليدية، وبعضها مبتكر تعتمد أدوات الخبث، والعبارات المنمقة، والإشارات إلى ضرورات التخلص من العداوات والحروب والمشاكل التي دفعت شعوب المنطقة ثمنا باهظا لها، ومنها الشعب الإسرائيلي قفزًا على حقائق التاريخ والجغرافيا والدين حيث يتحول المغتصب إلى ضحية وشريك، وإن المعاناة والموت والتهجير الذي أصاب الفلسطينيين من الصهاينة هو ذاته الذي واجهه الصهاينة من الفلسطينيين، حيث يتحول الضحية إلى مجرم، والقاتل الحقيقي إلى ضحية، ولا بد من إنصافه، والاقتصاص له من الجاني، وعلى الأقل التنازل المشترك من الطرفين لتمضي الأمور قدمًا، وترك العذابات والمعاناة وجرائم الاحتلال لتبقى مجرد ذكريات في رؤوس الضحايا لاقيمة لها!! 
هؤلاء بحاجة إلى عرض على جهاز كشف التطبيع، وليس الكذب، فمثلهم يحار معه جهاز كشف الكذب، وقد يتعطل، والأفضل هو ابتكار جهاز لكشف التطبيع، ولنتيقن من كل واحد منهم، هل هو مطبع أم لا؟

 

المصدر: الحياة الجديدة