لا يمنع قانون الانتخابات الفلسطيني أن تكون نسبة النساء في القائمة المترشحة للانتخابات التشريعية 100%- رغم أن نصًا صريحًا بهذا الخصوص ليس موجودًا في مواد القانون، لكن القرار بقانون رقم واحد للعام 2021 الصادر عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس لتعديل قانون الانتخابات قبل أيام قد حدد النسبة التي لا يجوز لأي قائمة المشاركة من دونها، ففرض  القانون ألا تقل نسبة عدد المترشحات من مجموع المترشحين في القائمة الواحدة عن 26% وقد بدا ذلك واضحًا في قانون التعديلات حيث ألزم القوائم المترشحة بتضمين اسم امرأة في أول ثلاثة اسماء في ترتيب القائمة، ثم تضمين اسم امرأة في كل أربعة اسماء تالية وهذا مبين ومثبت في نص المادة 5 من القرار بقانون رقم 1 لسنة 2021م بتعديل قرار بقانون رقم 1 لسنة 2007م بشأن الانتخابات العامة وهذا نصها: "تلغى الفقرة 3 من المادة 5 من القانون الأصلي، وتعدل الفقرة 2 من ذات المادة، لتصبح على النحو التالي: "مادة 2: كل أربعة أسماء تلي ذلك" وبالاطلاع على نص المادة  الخامسة من قرار بقانون رقم 1 لسنة 2007 نقرأ التالي: المادة 5 الخاصة بتمثيل المرأة ونصها: يجب أن تتضمن كل قائمة من القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات حداً أدنى لتمثيل المرأة لا يقل عن امرأة واحدة من بين الأسماء الثلاثة الأولى في القائمة. وهذا منصوص في الفقرة رقم واحد من المادة 5 ومن بين الأسماء الأربعة التي تلي ذلك. أما الفقرة الثالثة فقد الغيت بحكم قرار التعديل وكان نصها في القانون السابق في الفقرة الثالثة  "كل خمسة أسماء تلي ذلك" أي تضمين امرأة في كل خمسة أسماء تلي الأسماء السبعة الأولى.

بعملية حسابية وفق القانون السابق سنجد أن نسبة المقاعد المخصصة للمرأة 20% من إجمالي عدد مقاعد التشريعي الـ132 أي أن الحد الأدنى سيكون 27 امرأة بينما ستصل النسبة حسب القانون المعدل الى 26% أي سيضمن وجود 33 امرأة كحد أدنى من إجمالي عدد أعضاء المجلس.

لم يفرق القانون الأساس المعدل لسنة 2003 للسلطة الوطنية الفلسطينية بين الجنسين أبدا، ومن قبل كان ميثاق منظمة التحرير قد أكد العدالة والمساواة أما وثيقة الاستقلال الصادرة عن الدورة 19 للمجلس الوطني الفلسطيني في العام 1988 التي تعتبر حتى اليوم مرجعية للقانون الفلسطيني ودستور دولة فلسطين الذي سيرى النور حتما قد ثبتت العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين الجنسين حيث نصت على: "إن دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن سيادة القانون والقضاء المستقل وعلى أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون".

نعتقد أن التمييز الإيجابي للمرأة حق لا يدركه إلا الأحرار في موقع المسؤولية والقرار والتشريع المؤمنون بمبادئ وقيم الحرية والتحرر والعدل والمساواة، ونعتقد أيضا أن الرئيس قد انتصر للمرأة الفلسطينية بهذا التمييز الايجابي، الذي لا يعتبره فضلًا عليها وإنما انتصار لحقوقها ومحاولة لتيسير الدرب أمامها للنهوض بذاتها، وفرصة لإبراز إمكانياتها وإبداعاتها، وقدراتها على العطاء والعمل ليس في سياق المنافسة مع الرجل وإنما في سياق تأكيد كينونتها الانسانية التي لا تسمح لها إلا أن تكون ذات شخصية مستقلة ومتميزة طبيعيا من حيث النوع، وعليه فإن حق المرأة في النضال وخوض المنافسات التي تؤهلها التربع على رأس الهرم السياسي والقضائي في بلادنا فلسطين مكفول ومضمون في القوانين التي كفلت حتى اليوم الحد الأدنى بسبب خصائص المجتمع التي لا ننكر طغيان مفاهيم الذكورية على نسبة مهمة منه.

أمام المرأة في بلادنا فرصة ثمينة لتطوير وتعزيز مكانتها في مؤسسات الحكم ارتكازًا على  امتلاكها نسبة الـ26% من أعضاء المجلس التشريعي المحكوم بألوان الطيف السياسي الفلسطيني وتصنيفاته من اليمين الى اليسار، ونعتقد أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح  التي اقرت في مؤتمرها السابع ضرورة تمثيل المرأة في اطرها التنظيمية والأطر الوطنية بما لا يقل عن 30 % ستعمل على رفع نسبة المرأة في قائمتها، ولكن لا يعني ذلك إعفاء المرأة من الحضور بقوة في هذه الانتخابات وإثبات ذاتها في قوائم انتخابية متعددة ما سيمكنها من الحضور بقوة في السلطة التشريعية التي نريدها جانبًا من وجه فلسطين الحضاري التحرري التقدمي الديمقراطي.