منذ أن صعد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ودخل إلى المكتب البيضاوي الذي جلس عليه منذ تأسيسه أربعة وأربعون رئيسًا أميركيًا من أصول وثقافات وخصوصيات مختلفة، كان واضحًا أن هذا الوافد الجديد دونالد ترامب المدمن الضجيج، الذي يتحدث بلغة مسرحية تشبه اللغة التي كان يستخدمها كتاب المسرح اليونانيون واشهرهم (إسخيايوس) ومسرحيته المبهرة (أوديب الملك) والتوقعات تزداد بان ساكن البيت الأبيض الجديد سيضع نهايته بيديه وهو نفسه وليس أحد آخر سواه سيحول الرؤيا إلى فاجعة، سيحول ضجيجه العالي إلى سقوط مدوٍ.
هذه هي باختصار حكاية دونالد ترامب، انتخب بنفسه الإدارة التي تعمل معه ولكنه بسرعة شديدة حولها إلى أعداء، وتعامل مع أعظم قضية في التاريخ الإنساني وهي القضية الفلسطينية إلى قضية سطحية سهلة الحل فاستغرقته وذهبت به إلى الجنون المطبق، وجعل من تغريداته السطحية أهم قواميس السياسة في مواجهة اهانته السياسة، ووضع على عينيه عصابة سميكة حتى لا يرى، وناصب الجميع العداء، حتى أصبح لا يثق بأي أحد فاستولت عليه كوابيسه السوداء، باختصار قد نجح نجاحًا منقطع النظير في رسم نهايته، وليوم الاربعاء السادس من يناير 2021 جعل منه اربعاء عظيمة حينما هاجم الأمة التي هو رئيسها، وهاجم النظام الذي هو رئيسه، وفي يوم الاربعاء الذي يليه، جاءه الجواب ردًا على كل ما فعلت يداه، وكان الجواب حصريًا هذا السقوط بالطبع.
التراجيديات في التاريخ لا تنتهي بهذا التسلسل البسيط، اوديب الملك في مسرحية اسخيليوس، قتل الوحش الذي يقرأ الاسئلة، لكنه قتل أباه، وتزوج من أمه، وفقأ عينيه التي يبصر بهما، ودار في المسافات يتلو حكايته السوداء، فهل يفعل ترامب ذلك؟ لا أعتقد، ربما هداه عقله المضطرب إلى جائحة جنونية اخيرة تصلح لكي تروى مثل الحكايات، لكنه لن يجد أحدًا يبكي عليه، لأنه رجل لا يستحق حتى البكاء.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها