عندما قرأت خبرًا عن هدنة أبرمها وجهاء بين عائلتين فلسطينيين في جنوب الخليل أُصبت وأصيب كل إنسان وطني بالصدمة. على امتداد ليلة كاملة وحتى صباح أمس تبادلت العائلتان إطلاق النار، فشلت هدنة ليلية ونجحت الهدنة الصباحية، يا للهول! لم أصدق ما كنت أقرأ. وقبل أن أطرح عددًا من الأسئلة  لا بدّ من التوضيح أن المنطقة التي اندلع فيها الاشتباك المسلح هي تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي لا تستطيع القوى الأمنية الفلسطينية  الدخول إليها، ومع وقف التنسيق الأمني لا يمكن لهذه القوى بأي حال الدخول.
إن ما جرى هو شيء معيب ومتخلف، وكأننا لا نزال نعيش في زمن " داحس والغبراء " زمن الفوضى وغياب القانون، والمشكلة أن الجميع تحت هذا الاحتلال البغيض.. أليس في ذلك عبرة ورادع. ثم من اين كل هذا السلاح الذي لا يظهر إلا ضد بعضنا البعض، سلاح لا يستخدم إلا لإثارة الفوضى والتوتر وقتل الفلسطيني للفلسطيني، إنه أمر غير مقبول ان ننفذ ما يريده الاحتلال بايدينا مهما كانت الأسباب والمسببات، إنه سلاح لاثارة الفتن ولا هدف له سوى خراب البيوت وهو بالضبط ما يريده الاحتلال الذي يسرب لنا السلاح ويزرع بيننا الكراهية والاحقاد، وما هو غير مقبول التماهي مع الاهداف الإسرائيلية.
الجميع يدرك لماذا تسرب إسرائيل لنا السلاح، وهي تعلم إنه لن يستخدم ضد الاحتلال، وإنما لخلق حالة من الفوضى والفلتان. صحيح أننا نعيش حالة صعبة ومعقدة، نعيش حالة من الاحباط السياسي، ولكن لا شيء يبرر ما جرى جنوب الخليل، وخاصة في ظل جائحة الكورونا التي تهاجمنا جميعًا. كيف نسمح لأنفسنا بان نقدم صورة ومشهدًا لا يليق بالشعب الفلسطيني الذي يقدم كل يوم الشهداء والأسرى كي يزيل عن كاهله الاحتلال وينال حريته واستقلاله، كيف يمكن أن نسهم بتنفيذ أهداف هذا الاحتلال، وكأننا ننساق لحبائله دون أي تفكير، أن من شأن هكذا أمور ان تؤثر سلبيًا وبشكل قاتل على نضالنا الوطني.
إن أي سبب مهما كبر أو صغر يجب أن لا يؤدي إلى أن نستخدم السلاح في وجه بعضنا البعض، إلى متى ندع غرائزنا هي من يتحكم بنا، وأن ندع ظاهرة أخذ  القانون باليد هي من تسود بيننا وتحصد الأرواح البريئة.
من الواضح أن الرهان على الوعي الوطني وحده لا يكفي، نحن، أقصد حكومة ومنظمات مجتمع مدني عليهم مسؤولية التصدي بكل السبل  لمثل هذه الظواهر السلبية والخطيرة هناك حاجة لفرض احترام سيادة القانون عبر عمل توعوي مكثف وربط كل ذلك بالنضال الوطني ضد الاحتلال، فاحترام القانون هو عمل وطني من الطراز الأول. والأهم التنبيه والحذر من سلاح الفلتان الإسرائيلي الذي يزرع الفتن بيننا.