ستتعزز ثقة الشعب الفلسطيني برئيسه وقائد حركة تحرره الوطنية محمود عباس أبو مازن وبمنهج سياسته كلما طوت الإدارة الأميركية نظامًا رسميًا عربيًا ووضعته في ركن من أركان متحفها الخاص بالتبعية. 
سيصبح استقلال القرار الوطني الفلسطيني نموذجًا في قاموس العلوم السياسية وستكون حيثيات هذا القرار بمثابة علامات فارقة تهدي الشعوب الأصيلة ذات الجذور الحضارية المتضررة من الحملات الاستعمارية للاستدلال على المعنى الحقيقي والكامل للحرية والاستقلال. 
صحيح أن فلسطين هي أحدث دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن على أرضها أقدم مدينة مأهولة في تاريخ  البشرية، وفيها أقدس مدينة في العالم لكل أتباع الديانات السماوية (القدس مدينة الله)، وهي مركز تقاطع خطوط الإمبراطوريات الحضارية والدول العظمى قديمًا وحديثًا، وفيها جذوة نضال وكفاح لم تنطفئ منذ أكثر من مئة عام، ناهيك عن أنها المصدر الرئيس والأول لتعليم دول عربية تعتبر حديثة جدًا انقضى من عمرها عشرات السنوات فقط، قياسًا مع دول عربية ومع فلسطين بالذات انقضى من عمرها مئات القرون أي ما يعادل آلاف السنين. 
تستمد الشعوب الحرة وعلى رأسها شعبنا الفلسطيني الثقة بذاتها من تجارب هذا العمق والمدى التاريخي المتجسد بمعالم حضارية، منها مازال غير مكتشف تحت الأرض ومنها الماثل فوقها، وتستمد سر قوتها للبقاء والاستمرار في الحياة بعنفوان وكرامة وعزة وشموخ من روح خلاصة تجارب تاريخية مضت وحديثة نعيشها، رغم ظروف تاريخية قاسية مرت عليها وعلى المنطقة منعتها من تحقيق الاستقلال المادي المعروف بالعلوم السياسية والمعرف بالقانون الدولي، وأهمها السيادة على حدود جغرافية معلومة وسلطة قانون تمثل ارادة الشعب، وهذه جميعها مقومات (الدولة) المستقلة.. ولكن.
هل كل الدول في العالم تتمتع بالمعنى الجوهري للحرية واستقلالية القرار والسيادة رغم كونها مسجلة في الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية وحدودها معلومة ولها نظام وسلطة لشعب بغض النظر عن عدد افراده؟؟ الجواب بالتأكيد (لا) وهذا الجواب هو خلاصة  تجاربنا المؤلمة مع حكام دول عربية، امتلكوا كل مقومات الدولة إلا أنهم افتقدوا الفهم الحقيقي والتطبيق العملي الصحيح لمعنى استقلالية القرار والسيادة. 
درست قيادة الشعب الفلسطيني وحركة تحرر وطنية كل تجارب الشعب وثوراته وانتفاضاته وحركاته الشعبية بعقل تجريبي منفتح، ومارست النقد الذاتي، ونظمت مبادئ وأهداف قابلة للتطبيق والتحقق، ورفعت كل مقدراتها على قواعد الارادة الشعبية التي لا قدرة لأي قوة في العالم من تكسيرها وتحطيمها حتى لو استطاعت خدشها في جانب ما وفي وقت ما، لذا فإن أي باحث عن الحقائق التي مكنت الشعب الفلسطيني من إثبات وجوده رغم المؤامرة الاستعمارية الكونية عليه، ورغم تنكر (الحركة الصهيونية) التي هي رأس حربة القوى الاستعمارية المتعاقبة حملاتها على فلسطين لوجود الشعب الفلسطيني ليس هنا على أرض  فلسطين وحسب بل تنكرت لوجدوه أصلاً، وزاد عليها أنها استطاعت خلق منظومة حكومات رسمية عربية خاضعة لها عبر  الوكالة اليهودية التي انطلقت تجوب البلاد العربية منذ عشرينيات القرن الماضي لتحبك المؤامرة على الشعب الفلسطيني ووطنه فلسطين رغم خضوع البلاد العربية حينها لسلطات استعمارية (دول الانتداب)، ونجحت فعلا في إيجاد مرجعيات في أنظمة حكم تابعة تم تحديثها خلال العقود التالية وبقيت إلى يومنا هذا، منهم ما كان يتلذذ بممارسة هواية التبعية والخضوع سرًا، ومنهم من راوغ، ومنهم من أعلنها صريحة، ومنح صفة (الاعلان التاريخي) لإشهار خضوعه وتبعيته وبيعه لوطنه لقوى الاستعمار الجديد المنكَّهِ بخلطة الصهيونية اليهودية الاحتلالية العنصرية. 
كانوا يكذبون على شعوب حكموها لعقود، لكنهم هذه المرة بإطلاقهم وصف التاريخي على إعلان تصديق الاستعماري البلفوري الجديد ترامب على إضافتهم إلى (متجره) الرخيص، فخيانة العهد علامة تاريخية فاصلة مابين الخير والشر في حياة أي إنسان.  
كان للقيادة الفلسطينية موقفها الشجاع واعتبرت انضمام أي دولة عربية التطبيع مع منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصرية (اسرائيل) قبل تحقيق شروط المبادرة العربية كاملة غدرا وطعنة في ظهر القضية الفلسطينية وآمال وطموحات الأمة العربية، لننسى أن لسوريا أرضا محتلة (الجولان) وكذلك لبنان (شبعا)، لكن أمام قيادتنا الوطنية المخلصة والمتمسكة بالثوابت والقرار الفلسطيني المستقل ومعها نحن الشعب الفلسطيني مهمة عاجلة وهي البرهان لشعوب أمتنا العربية وتحديدا المبيوعة اوطانها للمستعمر الصهيوني الجديد أن المال لا يشتري حرية وكرامة واستقلالاً، وأن الخضوع لا يحمي وإنما يذل ويفني ببطء، وأن قضايا تحرر الأمة واستقلالها ونموها وتقدمها لا تحل بالاستثمارات وفي قطاع المصارف والبنوك والشركات الأمنية مع منظومة لا تقيم وزنا لكرامة الانسان، ولا تقر بقوانين، ولا تعترف لأحد بحق، وإنما تشرعن السطو على حقوق الآخرين وتعتبره إنجازًا عقائديًا!!  
علينا الحرص ونحن في خضم البيان لشعوبنا العربية أننا رفضنا اغراءات مادية أكثر مما أعلن لكننا رفضنا لأنها بمعيار حريتنا وكرامتنا واستقلال قرارنا الوطني وسيادتنا الحقيقية لا تساوي مثقال شعر طفل رضيع من عائلة دوابشة احرقه المستوطنون اليهود المجرمون، وعلينا أن نعلمهم في السياسة كما علمهم آباؤنا الأساتذة والمدراء في مدارسهم معنى القيم ومعنى المعادلات الحسابية، ومعنى الجغرافيا السياسية التي لا مكان فيها إلا لأصحاب القرار الوطني المستقل، فالدولة الحقيقية لا تقوم على المال وإنما على المبادئ، وويل لشعب يضع مصيره ووجوده كسندات وأسهم في بورصة المستعمر العنصري الجديد ترامب بإدارة رئيس فرعه الخبيث في المنطقة بنيامين نتنياهو.  
 سنعلم أخوتنا العرب أننا عندما نصرخ (آآآآآخ) من طعنة حكامهم فإننا نتألم على حالهم وعلى مآلهم وليس على حالنا فنحن قد تعودنا الجروح في الصدر والجبهة، فهم أخوتنا، صرختنا تنبههم وتنذرهم من مصير لا نتمناه لأخ أو شقيق أو صديق.