تنشر وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، اليوم الجمعة، بالتعاون مع اتحاد وكالات الأنباء العربية "فانا"، تقريرا عن المرأة اللبنانية بعنوان "وزيرة الاعلام: التجربة النسوية في الحكومة قوة ناعمة وصدمة إيجابية"، أعدته الوكالة الوطنية للإعلام، هذا نصه:

أردنا في ملفنا النسوي لهذه السنة أن نلقي الضوء على قدرات المرأة أكاديميا وعلميا وعمليا، فحملنا جملة من الأسئلة إلى مسؤولة رائعة في التعاطي مع موظفيها، تجلس معها فتخال أنها زميلة يدخل حديثها القلب وتبهج ابتسامتها الروح.

حائزة على دكتوراه دولة في القانون، من جامعة باريس السوربون، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، وتنويه من اللجنة الفاحصة عن تفعيل النظام الضريبي في لبنان، وتستفيد حاليا من تجربتها الباريسية لإعداد الأبحاث المتخصصة باللغات العربية والأجنبية، ولديها مؤلفات عدة في هذا المجال، ناهيك عن الجوائز العلمية والعملية الجمة التي حصدتها، والمناصب العديدة التي شغلتها وما زالت، والتي جعلت منها امرأة لامعة أوصلتها إلى وزارة.

صحيح أنها ليست من اختصاصها، بعيدة كل البعد عن عالم الأرقام، لكنها نجحت في ما أنجزت، إنها الوزيرة الأولى للاعلام في لبنان الدكتورة منال عبد الصمد نجد.

التقتها "الوكالة الوطنية للإعلام" في مكتبها بالوزارة وسألتها عن الجديد الذي أضافته التجربة النسوية الحكومية الى الحياة السياسية في لبنان، فأكدت أن "التجربة النسوية كانت القوة الناعمة في الحكومة"، معتبرة أن "وجود ست وزيرات في الحكومة للمرة الأولى في تاريخ البلاد، شكل نوعا من الصدمة الإيجابية، وخصوصا أنها وصفت بحكومة التكنوقراط، وهذا ما أتاح أمامنا فرصة لإثبات الكفاءة والجدارة وتحمل المسؤولية من باب المهنية والإنتاجية، في إطار سلطة سياسية تنفيذية.

تبقى نسبة التمثيل الأنثوي في لبنان والدول العربية أقل من بقية الدول، إذ أن نسبة التمثيل في برلمانات دول العالم هي حوالى 22%، بينما في الدول العربية لا تتجاوز الـ 15%، وفي لبنان لا تتجاوز الـ5% (أي في ظل وجود ست نائبات من أصل 128 حدا أقصى)، وايضا بالنسبة إلى الحكومة خطت خطوة إيجابية الآن، وهي التمثيل الأنثوي الكبير أي حوالى الثلث، 6 من أصل 19".

وتابعت: "أما خلال تسلمي وزارة الإعلام، فأردت أن أعزز دور المرأة من خلال قانون الإعلام، ففي الهيئة الناظمة التي كنا نقترح تأسيسها، وضعنا شرطا أنه يجب أن يكون المرشحون لمجلس إدارة الهيئة الناظمة مناصفة بين الرجال والنساء، وهذا يجبر المرشحين بأن يكون نصفهم رجال ونصفهم الآخر نساء وحكما سيكون في مجلس الإدارة نسبة جيدة من النساء".

وأوضحت أن الحكومة المستقيلة شهدت تنوعا من حيث ازدياد عدد الإناث وهذا أمر لم نعهده من قبل، ما أغنى العمل السياسي، وخصوصا أن المرأة تتميز بقراراتها ومواقفها الفريدة، وهذا لا يتطلب أي بحث جندري لكي نقول إن المرأة يجب أن تتبوأ مركزا سياسيا أو لا، هذا يتطلب بحثا في مؤهلاتها ومدى إلمامها القانوني والمالي والثقافي والسياسي، وقدرتها على اتخاذ القرارات وإظهار موقفها وبالتالي إيصال المعلومة وإبداء رأيها بشكل صريح وواضح، هذا المطلوب، فإذا كان متوافرا لدى رجل او امرأة ليس مهما، فليس الجندر الذي يلعب دورا في تحديد هذه المواصفات أو مدى نجاحها".

وهل استطاعت الفصل بين السياسة "الخشنة" والجانب الإنساني في العمل كونها امرأة، أكدت أن "الهيمنة الذكورية التي كانت سائدة في معترك السياسة لفترة طويلة، عززت فكرة أن ليس هناك للمرأة دور يذكر في الحياة السياسية، باعتبار الرجل مؤهل أكثر للقيادة، المرأة لديها القدرة على أداء المهام المتعددة وإدارة عملها وتنظيم النشاطات والمواعيد الاجتماعية، ومتابعة الأمور ومعالجتها بحكمة ودقة، لذا فإن القرارات السليمة والحكيمة في الميدان السياسي أو أي مجال آخر، تستطيع أن تجمع بين الخشونة ومراعاة الجانب الإنساني، من دون تعارض".

وعن المقومات التي تحتاج اليها المرأة في لبنان لتتولى سدة المسؤولية او لتكون من الرائدات في المجال السياسي، قالت: "لا يمكن للمجتمع أن يتطور ويحقق التنمية الشاملة المطلوبة إذا لم يكن للمرأة دور أساسي في صناعة القرار، وإذا لم تأخذ حصتها في المجالات السياسية والمهنية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية كافة، إن تكافؤ الفرص يعزز المساواة والعدالة الاجتماعية، فالمرأة نصف المجتمع، وأثبتت جدارتها في تولي سدة المسؤولية وهي تحتاج لمنحها الثقة اللازمة لتكون شريكة ومشاركة في العمل السياسي بشكل فعال".

وعن تعرض النساء العاملات في الشأن العام للانتقاد أكثر من زملائهم الرجال، أكدت أن انتقاد النساء العاملات في الشأن العام لا بل اللجوء الى التشهير والاستغلال والابتزاز كنوع من الضغط عليهن ليس بالأمر الجديد، وهذه ظاهرة نراها في مختلف الدول حتى في أكثر الدول تطورا، أما الأسباب فكثيرة، أهمها التربية والصورة النمطية التي تلاحق المرأة أينما حلت بأنها كائن ضعيف، ومن السهل التعرض لشرفها، وغير مؤهلة لاتخاذ القرارات السياسية التي تتطلب قوة وجرأة".

وقالت عبد الصمد: "للأسف ما زال الكثيرون ينظرون الى المرأة من خلال مظهرها الخارجي قبل النظر الى المضمون. وهذا ما لمسته في الفترة الأولى لتولّي الوزارة، حيث كانت معظم التعليقات الأولية تدور حول الشكل رغم كل ما أملكه من مؤهلات علمية ومهنية".

للأسف، عمر حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة التي ضمت ست وزيرات كان قصيرا، لكنهن لم يختلفن البتة عن الرجال في عملهن، عسى أن يخصص الرئيس المكلف مصطفى أديب النساء بحقائب وزارية تتساوى فيها مع الرجال.

وختمت الوزيرة عبد الصمد "إن تمكين المرأة والتشجيع على مشاركتها في الحياة  السياسية، بات يشكل تحديا مهما في لبنان والكثير من الدول، كذلك على صعيد الأمم المتحدة التي تولي الموضوع اهتماما كبيرا، مع البحث في آليات تفعيل دورها في هذا المجال، أخيرا، لا بد من توافر الإرادة السياسية الداعمة لدخول المرأة المعترك السياسي وذلك تطبيقا لمبادىء العدالة والمواطنة والتشاركية والمساواة".