"لا يكفي الاتصال الهاتفي لتأكيد تضامن فلسطين مع لبنان في محنته الراهنة، اذهبوا إليه مباشرة" هذا ما أبلغه الرئيس أبو مازن للوفد الذي شكله من منظمة التحرير الفلسطينية، ليذهب إلى لبنان، ويؤكد استعداد فلسطين لتقديم كل عون ممكن كي تداوي بيروت جراحها البليغة، التي أحدثها الانفجار المهول في مرفئها.

ولفلسطين وإن كانت لا تملك من ترسانة المال شيئًا يذكر لدعم مادي ملموس، غير أن لها في مواقفها الداعمة، حجرًا لطالما كان في مكانه قنطارًا، ومن ذلك أنها باتت من أول الواصلين إلى بيروت من بين أشقائها العرب، بعد أمين جامعة الدول العربية، لتقدم ما تستطيع أن تقدم من دعم ومساندة لأشقائها اللبنانيين، وكان أبناؤها هناك من شبان المخيمات، تداعوا إلى المشافي للتبرع بالدم، وفرق الدفاع المدني الفلسطيني، كانت من أول الواصلين إلى موقع الكارثة، لانتشال الضحايا من بين الركام، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الحياة، وقد أخبرتنا مراسلتنا من بيروت، في تقاريرها الإخبارية، أن رجال الدفاع المدني الفلسطيني هرعوا إلى مكان الانفجار المهول، وكأن أطفالهم هناك.

ولسنا نزاود على أحد في هذا السياق، ولطالما أكدت وقائعنا وسيرتنا النضالية، أن فلسطين لا تخطئ بوصلتها العربية ولا تتأخر عن واجبها الأخلاقي ولا تساوم على دورها بهذا الصدد، ولا تطالب بأي ثمن لهذا الدور الذي هو من صلب واجباتها، ولا تريد بسبب ذلك، جزاء ولا شكورًا، لم تكن فلسطين يوماً ولن تكون في الواقعات خذولة لأشقائها، وقد عرفتها الرماح والهمم، واسمها في هذا الإطار أشهر من نار على علم.

وأوضح من ذلك في التقوى ولسان حالنا ما زال وسيبقى ممتثلاً لحديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وأي عضو هو لبنان في جسد الأمة إن لم يكن هو القلب في اللحظة الراهنة، القلب الموجوع المطعون بالزمن الرخو كمثل احتشاء في عضلته ما يدعونا جميعاً لإنعاشه بالمواقف العملية، والتضامن الحميم، بعيداً عن أية حسابات سياسية، أو حزبية، أو إقليمية، أو دولية، وبهذه الروح وهذا الوعي وهذا الموقف قال الرئيس أبو مازن لوفده: اذهبوا إلى لبنان.