المأزق السياسي الإسرائيلي الداخلي بكل تأثيراته وصل إلى نقطة اللاعودة، وكلما حاول نتنياهو إخفاء هذا المأزق أو التقليل من مظاهره، يجد نفسه يغوص أكثر في المشاكل والفضائح على حد سواء.

يوم الأحد الماضي، لم تجد ابتسامات نتنياهو نفعًا في التغطية على المأزق، فقد وصل الأمر إلى إلغاء الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية الائتلافية بين الليكود وحزب أزرق أبيض، وعدد آخر من الأحزاب اليمينية والأحزاب الدينية، الخلاف الذي أدى إلى إلغاء الاجتماع الأسبوعي الحكومي فشلت كل محاولات تجنبه، والتقليل من آثاره، لابد من التذكير بأن الحكومة الحالية المضطربة، والتي سميت كذبًا حكومة الوحدة أو حكومة التبادل في رئاستها بين نتنياهو وغانتس قد أصبحت مهددة بخطر التلاشي، وهي الحكومة التي استنفدت أكثر من سنة لتشكيلها مع ثلاثة انتخابات، وبالتالي فإن انتخابات رابعة تلوح في الأفق لكن الطريق ليست سالكة وهناك عدة عوائق صعبة، أولها الموقف الفلسطيني الخارق برفض الخيار الذي عول عليه نتنياهو كثيرًا، والمتمثل بعملية الضم التي أعلن الفلسطينيون رفضها والتحذير الجدي من مغبة تنفيذها وما يؤدي إليه هذا التنفيذ من توقعات لا تحمد عقباها. نتنياهو اعتمد في الماضي على أكاذيبه بأن لا بديل له في إسرائيل بعد أن عمل بجدية على كشف هشاشة هذا الحزب، وأن ليس في أركانه من يصلح ولا من يجرؤ على المنافسة، فأصبح نتنياهو في إسرائيل بلا بديل يستطيع أن يكذب كما يشاء.

والعامل الثاني، أن إسرائيل ترزح بقوة تحت وطأة (كوفيد_19)، والتظاهرات ضد نتنياهو على خلفية هذا الوباء أصبحت يومية، ومتواصلة، ليس في تل أبيب فقط، بل في قيساريا، وعلى جميع مفارق الطرق في إسرائيل، شعارها (ارحل يا نتنياهو ...استقل يا نتنياهو).

والعامل الثالث هو العقل العنصري الإسرائيلي الخامل الذي تجاهل عمق القضية الفلسطينية وعمق شعبها وهذا التجاهل انتقل بالعدوى الإسرائيلية إلى أميركا ترامب التي تغرز في الرمال ولا تجد فكاكًا من الثوابت الفلسطينية التي أعلنها الفلسطينيون بنوع خارق من التوحد بين الشعب وقيادته الشرعية، وأن حملات الهجوم المكثف التي أطلقها الإسرائيليون ومعهم بالتبعية الأميركيون ارتدت عليهم وعمقت مأزقهم.

يحاول نتنياهو أن يذهب إلى انتخابات رابعة، ولكن تهديد الأحزاب الدينية له بأنها لن تمنحه صوتها ملأه بالذعر وأفقده الصواب، فبدأ يفكر في ائتلاف ضيق وهذا الآخر مساراته صعبة ومخيفة، وأدق تعبير هو الذي قاله غانتس عن نتنياهو بأنه لا يستطيع أن يستمر رئيسًا للوزراء تحت لائحة اتهام تتسع كلما هرب منها.

الحظ السيئ لنتنياهو جعل مأزقه الإسرائيلي يتفاقم في وقت اقترب فيه موعد الانتخابات الأميركية في الثالث من تشرين الثاني المقبل مع أن هذه الانتخابات تبدأ فعليًا قبل هذا التاريخ، فهل ترامب الذي تتقاذفه الاحتمالات يبقى لديه الفائض الذي يمكنه من مساعدة حليفه المأزوم؟؟