كشفت وثيقة إسرائيلية عثر عليها، مؤخرا، عن أساليب يمارسها الاحتلال الإسرائيلي من أجل ترحيل أبناء شعبنا عن أراضيهم بهدف السيطرة عليها، وذلك من خلال الإعلان عنها كـ"مناطق تدريب بالأسلحة النارية"، دون أن تكون هناك حاجة لذلك.

وقدمت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل الوثيقة إلى المحكمة العليا، في إطار التماس مواطنين من قرى في منطقة بلدة يطا، في جنوب جبل الخليل، ضد عملية ترحيلهم عن أراضيهم، وعثر على الوثيقة "معهد عكيفوت- لدراسة الصراع الإسرائيلي– الفلسطيني".

وتعود الوثيقة إلى عام 1981، وتوثق إيعاز وزير الزراعة الإسرائيلي حينذاك، أريئيل شارون، بالسيطرة على أراض في منطقة يطا، وترحيل سكانها عنها وتحويلها إلى مناطق تدريبات بالنيران الحية لصالح الجيش الإسرائيلي، ووقف "انتشار عرب الجبل القرويين" فيها.

وقال شارون، وفقا للوثيقة، "أريد القول لمندوبي هيئة الأركان العامة، إننا نقترح عليكم مناطق أخرى للتدريبات. وينبغي إغلاق مناطق تدريبات أخرى عند الحدود الواقعة عند منحدرات جبال الخليل باتجاه صحراء يهودا. وإثر هذه الظاهرة المتمثلة بانتشار عرب الجبل القرويين في الجزء الخلفي من الجبل باتجاه الصحراء".

وأضاف شارون ان "لدينا مصلحة بتوسيع وزيادة حجم مناطق التدريبات بالنيران الحية هناك، من أجل الحفاظ على تلك المناطق بأيدينا، وهي هامة للغاية... يمكن أن نضيف مناطق تدريبات لصالحكم هناك، ولدينا مصلحة كبيرة بأن تتواجدوا في هذا المكان".

وأجاب مندوب الجيش الإسرائيلي أنه "يسرنا جدا الحصول عليها"، فيما تم الاتفاق لاحقا أن يلتقي مستشار شارون لشؤون الاستيطان مع مندوبي الجيش الإسرائيلي ويستعرض أمامهم المناطق التي يريدون توسيع مناطق التدريبات فيها "من أجل الحفاظ على تلك المناطق بأيدينا".

ونقلت صحيفة "هآرتس" اليوم، الأحد، عن مدير "عكيفوت"، ليئور يافنيه، قوله إنه "يتوقع أن تعزز الوثيقة موقف السكان الفلسطينيين" ضد ترحيلهم من أراضيهم. وقالت المحامية روني بيلي، من جمعية حقوق المواطن، إن الوثيقة تكشف "استخدام مستهتر لمناطق التدريبات".

وجاء في توجه الجمعية إلى المحكمة العليا أن الوثيقة "تفسح المجال لإلقاء نظرة نادرة على الطريقة التي تقرر من خلالها الإعلان عن مناطق تدريبات بالنيران الحية في جنوب جبل الخليل والدوافع التي قادت إلى هذا الإعلان. وخلافا لمبادئ القانون الدولي، فإن مصلحة السكان لم تكن ماثلة أمام أعين صناع القرار. والإعلان عن مناطق تدريبات بالنيران الحية كانت غايته إبعاد المحليين بسبب مصلحة إقليمية للحكومة".

وقالت جمعية حقوق المواطن في التماسها إن مزاعم الاحتلال "تتجاهل بالكامل التوثيق التاريخي الواضح، وبينها بيانات وزارة الأمن، التي تدل على أن الفلسطينيين يسكنون هذه القرى منذ أجيال". كذلك شددت الجمعية الحقوقية على أن ترحيل الفلسطينيين عن قراهم سيبقيهم دون مأوى.

وقدمت الجمعية إلى المحكمة وثيقة تاريخية أخرى، عبارة عن رسالة بعثها مندوب وزارة الزراعة الإسرائيلية إلى الجيش الإسرائيلي، نهاية العام 1981، وبعد عدة أشهر من قرار شارون، وطالب فيها جيش الاحتلال بتنفيذ القرار، بادعاء أن "الوضع الميداني يزداد خطورة... وتتزايد عمليات الاستيلاء على الأراضي والسكان يزرعون المزيد من الأراضي وانتقلوا إلى سكن دائم فيها. ويبدو لي أننا نخسر سنة أخرى ومناطق أخرى. وينبغي تنفيذ التوصيات (قرار شارون) بسرعة".

وقدمت جمعية حقوق المواطن وثيقة ثالثة إلى المحكمة العليا، وهي عبارة عن وجهة نظر قانونية كتبها المدعي العسكري العام عام 1967 مئير شمغار، الذي أصبح لاحقا رئيس المحكمة العليا، وتقضي بعدم ترحيل سكان مدنيين عن مناطق لصالح تدريبات عسكرية.

وجاء في هذه الوثيقة أنه "يحظر إخلاء سكان مدنيين من مناطق من أجل إنشاء مناطق تدريبات بالنيران الحية لصالح الجيش الإسـرائيلي، وذلك لأسباب سياسية وإنسانية، وكذلك لأسباب مرتبطة بنصوص القانون الدولي".