في كل الأحوال والظروف، أنه أمر مؤسف أن تسفك قطرة دم لفلسطيني، فما بالكم في حادث داخلي كان من المحرم أن يحدث، وبما أنه وقد حدث علينا أن نقيم الوضع بموضوعية وأن نستخلص النتائج كي لا تتكرر مثل هذه الحوادث، التي تعكر صفو حياتنا الوطنية الكفاحية. ومن حق المواطن الفلسطيني التساؤل لماذا تتكرر هذه الحوادث وتتنقل من منطقة الى أخرى، من دون أن يلمس لها حل جدي.

لدينا فرصة عبر لجنة التحقيق، التي أمر الرئيس أبو مازن بتشكيلها، أن نعرف بالضبط ما الذي جرى في بلاطة، وإذا كان هناك من داع لاستخدام قوى الأمن للقوة، ولماذا تتطور المواقف لاستخدام السلاح، الذي يجب ألا يستخدم أبدًا في مسائل من هذا النوع. ولكن من الآن وحتى معرفة نتائج التحقيق، هناك ثغرات أساسية تشترك فيها كل الحوادث المشابهة وهي كالتالي:

أولاً: لطالما قلنا أنه يجب أن يكون هناك سلاح واحد هو سلاح الدولة، ونذكر أنه في حالتنا الفلسطينية، الثمن الذي الذي دفعناه نتيجة التهاون وعدم الحزم بهذا الموضوع، والمثل الأبرز ما جرى في قطاع غزة عام 2007، عندما كاد انقلاب حماس يقود لحرب أهلية  دموية. علينا ألا نسمح وتحت أي مبرر بوجود سلاح وميليشيات خارج سلاح الدولة، خصوصًا أننا نكرر ليل نهار ان مقاومتنا للاحتلال هي مقاومة شعبية سلمية.

ثانيًا: الثغرة الأخرى أنه في كل حادثة من هذا النوع نلاحظ ان هناك سوء تقدير، وغياب التوجيهات الصارمة بعدم استخدام السلاح مهما بلغ الموقف من توتر. أن معالجة أي قضية أمنية بالضرورة أن تبدأ من الاتصالات بالشخصيات المؤثرة في منطقة التوتر، وبالتنظيم ليساعد ويهيئ لتدخل قوى الأمن والمقصود هنا يجب أن يكون لدى قوى الأمن توجيهات وإجراءات متدرجة للتدخل، وألا نضع القوة الأمنية في مواجهة ساخنة مع المواطنين من دون ضوابط.

ثالثًا: ظاهرة أخذ القانون باليد، هي ظاهرة خطيرة وهي من صفات المجتمعات المتخلفة، التي لا ينبغي أن تسود في مجتمعنا.

رابعًا: أن تكرار الحوادث مثل حادثة بلاطة يشير مع الأسف الى تآكل البعد النضالي الوطني، وهذا أخطر ما في الموضوع، ففي الوقت الذي يجب أن نحشد فيه كل طاقاتنا، وأن نوفر كل قطرة دم لمواجهتنا مع الاحتلال الاسرائيلي، مع عنصرية وفاشية دولة الاحتلال.

من هنا فان الأهم الى جانب لجنة التحقيق هو البدء فورًا في تلافي هذه الثغرات، التي كل منها يمكن أن تهدم دولاً، فما بالكم ونحن دولة تحت الاحتلال.

علينا أن نعزز الوعي الوطني، وأن نكون حازمين فيما يتعلق بالثغرات سالفة الذكر، ليس هناك من مبرر واحد لاستمرارها، بل على العكس فان وجودها سيعيق ويؤثر سلبًا على كفاحنا الوطني ضد الاحتلال وعلى عملية بناء دولة فلسطينية مستقلة عصرية.. دولة القانون والمؤسسات. أن ترك الأوضاع تتراكم بهذا الشكل السلبي سيعيدنا عقودًا من تحقيق هدف الحرية والاستقلال.