تقرير: زهران معالي

في الساعة الثانية فجر الرابع من نيسان 2006، كانت آخر مرة تتوسد فيها الطفلة بيان، ذراع والدها أحمد يوسف الشناوي في مخيم عسكر الجديد شرق نابلس، بعد أن احتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي عائلتها أمام منزلها خلال تفتيشه، قبل أن تقتاد والدها إلى غياهب السجون منذ ذلك الوقت.

واليوم بعد 15 عاما، كبرت بيان أصغر أبناء الشناوي الخمسة، محرومة من طفولتها المحمولة على ذراع والدها، فلم يمسك بيدها لتسير في أزقة المخيم أو لتشتري لعبة أو لإيصالها لمدرستها عند دخولها الصف الأول، "أنا ابنتة الأسير المحرومة حنان الأب منذ الطفولة".

قبل قرابة الأسبوعين، كانت اللحظة الكبرى التي شعرت بها بيان مرارة الفراق القسري بأكثر لحظات حياتها فرحا بالنجاح في الثانوية العامة، فحرمت من أن تحتضن والدها وتربت يداه على كتفيها.

لكن فرحة بيان المنقوصة تلك سرقتها إدارة السجون من جديد يوم الخميس الماضي، على يد أطباء مستفشى سجن "نفحة" الصحراوي، بعد إعطائه إبرة بشكل خاطئ في عصب يده، أدت لتعطل اليد التي توسدتها بيان قبل 15 عاما، عن الحركة.

وتضيف بيان التي تريد أن تلتحق بكلية العندليب بنابلس لدراسة التمريض لـ"وفا"، "اليوم توجهت للتسجيل في تخصص التمريض، لكنني سأضطر لتأجيل الالتحاق بالكلية نظرا لتوقف الرواتب، يا ريت لو أبي موجود معي".

ويقبع الشناوي (55 عاما) في سجن نفحة الصحراوي، ويمضي حكما بالسجن ثلاثة مؤبدات وخمسين عاما، واعتقلته قوات الاحتلال في 4/4/2006 من منزله في مخيم عسكر الجديد شرق نابلس.

ويقول يوسف (25 عاما) نجل الأسير الشناوي، إن والده اشتكى من ألم بأحد أصابع يده اليمنى، وبعد أن توجه لعيادة سجن نفحة، أعطاه الأطباء إبرة بشكل خاطئ، أدت لانتفاخ يده كلها وبات غير قادر على تحريكها.

ويعاني الشناوي من الإهمال الطبي مثل غيره من الأسرى المرضى والبالغ عددهم أكثر من 700 أسير، حيث ترفض إدارة السجون نقله للمستشفى للعلاج رغم معاناته المستمرة من الآلام، وفق ما يؤكد يوسف.

وناشد يوسف المؤسسات الحقوقية والدولية بالتدخل العاجل لإجبار إدارة سجون الاحتلال على توفير العلاج اللازم لوالده والأسرى المرضى في سجون الاحتلال.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الشناوي للإهمال الطبي. ووفق ما يوضح يوسف فإن والده تعرض عام 2008 لكسر إحدى يديه خلال قمع إدارة السجون للأسرى في سجن "شطة"، وبقي قرابة 20 يوما دون تجبير حتى جبر الكسر، وعادت إدارة السجون لكسرها وتجبيرها من جديد بعد ذلك.

"إن شاء الله تفرج، إما بطلع وبمشي على رجلي أو بكيس أسود"، كلمات قالها الأسير الشناوي لولده يوسف خلال اتصال هاتفي قبل أيام.

وفي آخر زيارة ليوسف لوالده في شهر يناير/ كانون ثاني الماضي، طلب منه والده تفصيل نظارة إثر معاناته من قصر النظر، ومنذ ذلك الحين لم يستطيع يوسف إيصالها بعد وقف زيارات عائلات الأسرى إثر انتشار فيروس كورونا.

وناشدت أم يوسف زوجة الأسير الشناوي للمساعدة في علاج زوجها، وتبني ابنتها الصغرى بيان في تعليمها الجامعي، إثر معاناة العائلة من أوضاع اقتصادية صعبة.