في خطابٍ عبر تقنية الفيديو كونفرانس للجمعيات المسيحية الإنجيلية الداعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية قال بنيامين نتنياهو رئيس وزراء حكومة إسرائيل إنّ السيادة يجب أن تعود لأرض إسرائيل الموحدة الكاملة على حد قوله، فبيت إيل هي مكان إبراهيم أبو اليهود وشيلو (جيلو) هي المكان الذي قاتل دفاعًا عنه الآباء والأجداد منذ ألفي عام ويهودا والسامرا هي الأماكن المقدسة التي أعطاها الله هديةً لنسل يعقوب، فهم لن يتخلوا ولا بأي حالٍ من الأحوال عنها على حد قوله. من هذا الخطاب وغيره من التصريحات التي تؤكد حقيقة المشروع الصهيوني في فلسطين حيث يعتبر نتنياهو وغيره من قادة اليمين المتطرف في إسرائيل أنه لا يوجد بالأصل شيء اسمه فلسطين وأن هذه البلاد هي لليهود وأن الشعب الفلسطيني شعبٌ طارئ لا تاريخ ولا مكان له في هذه البلاد، هذه هي حقيقة الفكر والمشروع الصهيوني الذي حاول البعض عرباً وغير عرب تجميله والقول بإمكانية التوصل لحلول وسط معه. من هنا تبرز أهمية معرفة العقلية الصهيونية وحقيقة رؤيتها لطبيعة الصراع، فهو بالنسبة لقادة اليمين والحركة الصهيونية والمسيحية الإنجيلية الداعمة لها ليس خلافًا على قطعة أرض أو حدود أو ما شابه ذلك فالأمر أخطر من ذلك بكثير، فالمستهدف الأول هو العصب المركزي لرواية الشعب الفلسطيني فإذا ما استطاعت إسرائيل ومن خلفها جماعات الضغط المتنفّذة في العالم من ضرب هذا العصب وضرب روايتنا والتلاعب بالمنطلقات الأساسية لحقيقة وجود الشعب الفلسطيني ستكون قد حققت أهم انجازاتها منذ أكثر من قرنٍ من الزمان، لهذا كله فإن التعويل على توجهٍ هنا أو مبادرةٍ هناك أو هذا الطرف أو ذاك يصبح أقرب إلى الإنسياق في المسار الذي أرادته الحركة الصهيونية منذ البداية فرئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق شامير قال أنه سيجعل العرب يفاوضون إسرائيل لعشرات السنوات. وما أشبه اليوم بالأمس، فنتنياهو يقول إن خطة الضم تساعد على تحقيق السلام ويطلب من الفلسطينيين الموافقة على الدخول في مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة، معنى ذلك أن كل ما تقوم به إسرائيل من ضمٍ وتهويدٍ واستيطانٍ هي إجراءات شرعية لا يجب الاعتراض عليها بل ويجب تفهمها والعودة للجلوس على طاولة المفاوضات كأنّ شيئًا لم يحدث، وهذا بالضبط ما تدركه القيادة الفلسطينية التي ترفض العودة لسياقاتٍ جربتها لعشرات السنوات دون أي نتائج تُذكر.