تقرير: زكريا المدهون

غمرت الفرحة منزل دلال ساق الله عقب ظهور نتائج الثانوية العامة، لكن هذه المرة ليس لأن ابنها ضياء هو من نجح فقط، وإنما هي أيضا.

بعد 22 عاما من الانقطاع عن الدراسة، اجتازت دلال (40 عاما)، من مدينة غزة امتحان الثانوية العامة، وحصلت على معدل 87.7%، متفوقة بذلك على ابنها الذي حصل على معدل 60.7% في الفرع الأدبي، لكنها تقول إن "الفرحة فرحتان".

تتحدث دلال لـ "وفا" بكثير من الفرح عما حققته، فتقول "أول مرة في حياتي أعيش فرحة النجاح لنفسي وليس لأبنائي فقط، وفرحتي كانت مضاعفة بنجاح ابني ضياء".

اضطرت دلال لترك الدراسة قسراً بعد زواجها وانشغالها في شؤون البيت وتربية الأبناء، لكنها لم تفقد الأمل في اكمال تعليمها وسجلت "دراسات خاصة"، لأن حلمها هو التفوق لا سيما بعد نجاح ابنها البكر محمد في الثانوية العامة قبل عامين، ما شجعها على ذلك بعد أن عاشت أجواء الفرح بالنجاح.

استطاعت الأم أن توازي بين احتياجات أسرتها ودراستها، حيث كانت تشارك ضياء في الدراسة وتشرح له ما يصعب عليه فهمه.

قبل قيامها بالأعمال المنزلية وتوفير سبل الراحة لأسرتها، تخرج دلال الملازم والشروحات عن طريق "الانترنت" وتقوم بتلخيصها وقراءتها جيداً.

وفي هذا الصدد تقول: "خلال تواجد ضياء في المدرسة كنت استخرج الملازم والدروس عن طريق "الإنترنت"، وأقوم بتلخيصها ودراستها ومن ثم أقوم بأعمال المنزل"، مشيرة الى أنها لم تبخل على ابنها في الاهتمام وتوفير الشروحات والملازم وتشاركه الدراسة.

لم تنس دلال من كان لهم فضل عليها من المدرسين خاصة في مادتي الرياضيات واللغة الانجليزية أحدهما يقيم في دولة الكويت.

"أستاذي مدرس الرياضيات يقيم في الكويت كنت أتواصل معه عن طريق الانترنت، حيث كنت أرسل له الأسئلة ويجيب عليها ويشرحها لي عن طريق "الفيديو".

وفيما يتعلق بمبحث اللغة الإنجليزية، تؤكد دلال أنها لم تكن تعرف الكثير عنها، مشيرة الى أنها كانت تستعين بأستاذ خصوصي من سكان غزة ويشرح المنهاج بطريقة مبسطة، حتى حصلت على علامة عالية.

وتشير الى أن دراستها أثرت على علاقتها ومحيطها الاجتماعي، حيث لم تخرج من بيتها الا في أوقات الامتحانات فقط، غير أنها لاقت تشجيعا ودعما من أسرتها ومحيطها.

جائحة "كورونا" أربكت في البداية حسابات الأم وابنها، حيث لم تكن الأمور واضحة بخصوص عقد امتحانات الثانوية العامة في ظل انتشار الفايروس وحالة الطوارئ.

تقول دلال: "ضياء رفض الدراسة وأنا خفت أن يضيع حلمي الذي انتظرته منذ سنوات الى أن جاء قرار وزارة التربية والتعليم بعقد الامتحانات في وقتها"، منوهة الى استفادتها كطالبة من حذف بعض الوحدات الدراسية التي خففت عنها.

تتطلع دلال الى الالتحاق بتخصص تربوي بالجامعة لمساعدة أبنائها وأقاربها في الدراسة قبل حصولها على الوظيفة، منتقدة أصوات المحبطين ممن قالوا لها "ستطلعين على المعاش عندما تنهي دراستك الجامعية"، مؤكدة أن هدفها ليس الوظيفة بقدر ما هو أن تكون إنسانة متعلمة ومثقفة لأن ذلك غير مرتبط بسن معينة.

وأشارت الى أن العديد من الرسائل وصلتها من سيدات يرغبن بإكمال دراستهن بعد تجربتها الناجحة وتفوقها الدراسي.