المادة 121: "تجري الدولة الحاجزة تحقيقًا رسميًا عاجلاً بشأن أي وفاة أو جرح خطير لأسير حرب تسبب أو كان يشتبه في أنه تسبب عن حارس أو أسير حرب آخر أو أي شخص آخر، وكذلك بشأن أي وفاة لا يعرف سببها.

ويرسل إخطار عن هذا الموضوع فورًا إلى الدولة الحامية... إذا أثبت التحقيق إدانة شخص أو أكثر، وجب على الدولة الحاجزة اتخاذ جميع الإجراءات القضائية ضد الشخص أو الأشخاص المسؤولين".

النص أعلاه للمادة 121 من القسم الثالث من اتفاقية جنيف للعام 1949 تحت عنوان: وفاة أسرى الحرب، وبناء عليه تتحمل حكومة منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الإسرائيلي  المسؤولية كاملة عن استشهاد الأسير سعدي الغرابلي 75 عامًا الذي ارتقت روحه بعد احتجاز حريته لحوالي 28 عامًا في معتقلات منظومة الاحتلال والاستعمار العنصري الإسرائيلي.

الأسير في عرف وثقافة المناضلين من أجل الحرية شهيد حي من الناحية الواقعية، وقد يختلف الأمر في بعض الأمور الجوهرية عن مفهوم الأسير التابع لجيوش رسمية تابعة لحكومات ودول، ذلك أن الأمر الذي نحن بصدده متعلق بمناضلين مقاتلين انضووا متطوعين غير مجبرين تحت راية حركة التحرر الوطنية الفلسطينية لمقاومة العدوان والاحتلال والاستعمار الصهيوني الاسرائيلي بإراداتهم الحرة، واليوم بات المناضل المقاتل في إطار حركة التحرر الوطنية الذي يقع أسيرًا مشمولاً ضمن تعريف أسير الحرب ومحميًا بنصوص القانون الدولي إثر تعديلات على بروتوكولات ملحقة خاصة بالاتفاقية باتت جزءًا لا يتجزأ منها.

علينا الانتباه أولاً أن الأحكام التي تصدرها محاكم منظومة الاحتلال الإسرائيلي العسكرية على المناضلين المقاتلين باطلة ولا شرعية لها باعتبارها مخالفة للقانون الدولي، فمحاكم الاحتلال الاسرائيلي العسكرية تقرر أحكامًا على المناضلين المقاتلين الفلسطينيين وفقًا لقوانين الجرائم الجنائية السارية عندها، حيث تعتبر قتل المقاتل الفلسطيني لجندي اسرائيلي معتد وقاتل أصلاً جريمة، فيما المحاكم الإسرائيلية ذاتها لا تعتبر الجندي الإسرائيلي مجرمًا جنائيًا اذا قتل مقاوما فلسطينيًا مسلحًا أو غير مسلح أو مدنيًا، وفي مخالفة صريحة للقانون الدولي يتم تنفيذ الأحكام وحجز حرية المقاتل (الأسير) في (سجون) مع مجرمين جنائيين أو سجون خاصة، علمًا أن هذا المصطلح (السجن) يعرف على أنه المكان المخصص أصلاً لاحتجاز مرتكبي الجرائم الجنائية، بينما مصطلح (المعتقلات)  هو المعتمد في القانون الدولي لأماكن احتجاز أسرى الحرب، وعلينا رسم خط أحمر بين مصطلح أسير وسجين، وخط آخر بين معتقل وسجن.

 قبل وصولنا الى حقوق الأسير الصحية المكفولة في القانون الدولي، وجب القاء نظرة على مواد في القانون الدولي التي تحظر معاقبة أسرى الحرب على أعمال المقاومة والدفاع عن النفس، لكن لا تمنع من عقوبات تأديبية على أسير ارتكب فعلاً يستوجب الادانة أو المحاكمة أثناء فترة كما ورد في المواد (82) و(87) و(99) و(100) من اتفاقية حنيف بشأن معاملة أسرى الحرب  المؤرخة في 12 آب /أغسطس من العام 1949 حيث نصت المادة 87 صراحة على التالي:

"لا يجوز أن يحكم علي أسرى الحرب بواسطة السلطات العسكرية ومحاكم الدولة الحاجزة بأية عقوبة خلاف العقوبات المقررة عن الأفعال ذاتها إذا اقترفها أفراد القوات المسلحة لهذه الدولة، وعند تحديد العقوبة، يتعين على محاكم أو سلطات الدولة الحاجزة أن تراعي، إلى أبعد حد ممكن، أن المتهم ليس من رعايا الدولة الحاجزة وهو لذلك غير ملزم بأي واجب للولاء لها، وأنه لم يقع تحت سلطتها إلا نتيجة لظروف خارجة عن إرادته ..الخ ".

ورد في المادة 29 من الفصل الثالث من اتفاقية جنيف تحت عنوان: الشروط الصحية والرعاية الطبية ما يلي: "تلتزم الدولة الحاجزة باتخاذ كافة التدابير الصحية الضرورية لتأمين نظافة المعسكرات وملاءمتها للصحة والوقاية من الأوبئة. وفي المادة 30 ورد التالي: توفر في كل معسكر عيادة مناسبة يحصل فيها أسرى الحرب على ما قد يحتاجون إليه من رعاية، وتخصص عند الاقتضاء عنابر لعزل المصابين بأمراض معدية أو عقلية.

أسرى الحرب المصابون بأمراض خطيرة أو الذين تقتضي حالتهم علاجا خاصا أو عملية جراحية أو رعاية بالمشفى، ينقلون إلى أيّة وحدة طبية عسكرية أو مدنية يمكن معالجتهم فيها.

لو أردنا رقن مخالفات وجرائم منظومة الاحتلال بحق القانون الدولي على ورق ونظمناه لرصفنا به طريق يبدأ من فلسطين وينتهي عند منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في نيويورك ويتفرع الى مراكز المنظمات الدولية التابعة لها في عواصم دول محترمة، ونعتقد باستحضارنا لنصوص القانون الدولي بإمكانية العمل على كشف خطر منظومة الاحتلال العنصرية على مجموع المبادئ والقوانين التي التقت عليها الإنسانية كمرحلة على درب التحرر النهائي من النزاعات والصراعات والحروب بين الدول ونشر مبادئ السلام بين الشعوب والأمم.