لا غموض في طبيعة الصراع الذي نخوض اليوم، ضد مشروع الضم الاستعماري، وقد اتضح تمامًا إنه صراع مصيري، الموقف الوطني الفلسطيني بليغ المعالم واللغة والقرار، رئيسًا وقيادة وشعبًا وفصائل. هذا المشروع لن يمر، وبفعل هذا الموقف الفلسطيني الواضح والصلب، الذي لم يعد يقبل أي تأويل أو تشكيك، فقد باتت بيئة المجتمع الدولي والاقليمي والعربي بيئة طاردة لهذا المشروع الاستعماري، الذي بقدر ما هو مناهض للقانون الدولي، بقدر ما هو مدمر لفرص السلام الممكنة، ولهذا لا يمكن قبوله، ولا بأي حال من الاحوال، وثمة عقوبات تنظر إسرائيل اليمين العنصري المتطرف، اذا ما أقدمت فعلاً على تنفيذ هذا المشروع المدمر.

وفي مجابهة هذا الواقع، لا تجد إسرائيل والحالة هذه، غير المناورات السياسية والإعلامية، لعلها تجد مخرجًا يؤمن لها تنفيذًا مقبولاً لمشروعها المدمر!! ويدرك قادة هذا المشروع في الادارتين الأميركية والإسرائيلية أن المخرج الممكن يكمن في ضرب الموقف الفلسطيني، بضرب قيادته واسقاطها!! ولهاذ لا تجد في هذا السياق غير تشغيل ماكنتها الدعائية، وخاصة بادواتها العميلة للتشكيك وعلى نحو محموم بالقيادة الفلسطينية، بمجمل سياساتها وإدارتها للشأن العام، والتحريض عليها فردًا فردًا، وخاصة التحريض على الرئيس أبو مازن، بحكم أنه عنوان الموقف الوطني، وصاحب القرار الحاسم فيه.

لا تريد إسرائيل اليمين العنصري المتطرف من وراء حملات التحريض والتشكيك الحافلة بالشائعات والأكاذيب، سوى إيجاد ثغرة في جدار الموقف الوطني الفلسطيني، لعلها تنفذ الى ما تريد من فوضى في الرأي العام الفلسطيني وتشتيت للجهد الوطني حتى في مجابهة جائحة الكورونا، بهدف عزل الموقف الوطني الفلسطيني عن حاضنته الشعبية، لكي لا تكون له أيّة فعاليات على صعيد المقاومة الشعبية السلمية!!!

كل شيء بات واضحًا اليوم بكل هذا الموضوع، وعلى مستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي، الانتباه لكل ما يروج من شائعات وأخبار كاذبة، حتى لا يكونوا حال ترويجها، جزءا دون أن يعلموا، ودون أن يريدوا، من حملة الاحتلال الدعائية، ضد فلسطين في معركتها المصيرية التي تخوض اليوم بلا تردد ولا مساومة، قليل من التفحص والتقوى معًا، كي لا تمر الشائعات مثلما تريد بين أوساط الرأي العام خاصتنا، تفحصوا الواقع لا أكثر ولا أقل، الاحتلال على الحواجز المانعة، وبذات السياسات التعسفية، من الاقتحامات، الى الاعتقالات اليومية، الى الهدم والمصادرة، والسلطة الوطنية في معركة مع جائحة الكورونا كي لا تعم بلادنا، وبكل ما لديها من امكانيات على قلة مواردها المالية، الموارد المحاصرة من كل جانب!! والقيادة الفلسطينية تواصل حراكها السياسي والدبلوماسي في أركان الأرض الأربعة، من أجل أن تغلق المزيد من الطريق أمام مشروع الضم الاستعماري، وحتى نواصل طريق الحرية والاستقلال، كي نتخلص من كل جائحة، التي يظل الاحتلال أخطرها.

معركتنا الأن هي معركة الكل الفلسطيني، أفرادًا، وجماعات، وفصائل، ومؤسسات مدنية وأهلية، ولن نحسب الأدوات العميلة من هذا الكل، وهم ليسوا كذلك أبدًا طالما ظلوا أبواقًا في ماكنية التحريض الإسرائيلية!! والأن لا مجال مطلقًا لانصاف المواقف بذرائعها اللغوية، التي لا محل لها من الاعراب، سوى اعراب الجمل التحريضية!! وعلى مروجي هذه الجملة، أن يعرفوا أنه لم يعد شعبنا في حيرة ذاك الموقف "أن نكون أو لا نكون"، وإنما هو اليوم بيقين قرار الصمود والمواجهة، وخلاصته أن نكون أو نكون، وحيث الاستقلال بدولته الحرة السيدة، بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين، والأدوات العميلة وحدها الذاهبة لأن لا تكون إلا في مزبلة التاريخ.