تقرير: إيهاب الريماوي

في نهاية عام 1989 وبينما كانت تضع الانتفاضة الأولى أوزارها، حاصرت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بمدينة رام الله، واعتقلت الزوجين هاني نصار، ومها نصار، وتركت طفليهما حنين (5 سنوات)، ووديع (4 سنوات) وحدهما في المنزل.

أوصد منزل نصار لمدة عامين قسراً، حيث عاش الطفلان بمنزل جدهما الى أن تم الإفراج عن والديهما.

قبل ثلاثة أيام عادت تلك القوات إلى منزل الطفلة التي تركت وحيدة قبل 31 عاماً، لتكبل وتعتقل من منزلها في حي الطيرة برام الله، ولتلحق بزوجها رامي فضايل المعتقل في سجن عوفر منذ 20 شهراً.

هذه المرة تركت حنين طفلتها ميس التي لم تتجاوز الـ14 ربيعاً، وحيدة بالمنزل، لتعاد ذكرى حادثة مر عليها أكثر من ثلاثة عقود.

ميس الطفلة التي تواجه تجربة والدتها، ترفض أن تغادر المنزل وتصر على البقاء فيه، وعلى أن يبقى مفتوحاً حتى يزين بوالديها من جديد، حيث يناوب على المبيت عندها خالتها وخالها.

"قالت أمي: لا تبكي يا ميس.. وأنا طمأنتها بأني سأكون بخير، ولن تفلح محاولتهم بكسرنا، وعانقتها ثم اقتيدت مقيدة إلى مركز التحقيق في المسكوبية بمدينة القدس"، تقول ميس فضايل.

لحقت ميس دوريات الاحتلال، ونادت على والدتها علها تريد أن تخبرها بشيء ما، لم يعجب جنود الاحتلال تصرف ميس فألقوا باتجاهها قنبلة صوت حتى تخاف، لكن خطاها كانت تسابق الطريق.

لم تتمكن عائلة فضايل مع العيش تحت سقف واحد أكثر من ثلاث سنوات متتالية، فوالدها رامي أمضى بصورة متقطعة في سجون الاحتلال أكثر من 10 سنوات، أغلبها كانت بالسجن الإداري.

"أحياناً أحلم بأن أعيش مع والدي ووالدتي كباقي الأطفال، وأن نخرج معاً ونقضى وقتا سعيداً، ونلتقط الصور، فآخر صورة لنا نحن الثلاثة كنت فيها طفلة وأصغر من عمري الآن بكثير"، تضيف ميس.

ترى ميس التي تدرس في مدرسة اللوثري برام الله بأن انتزاع والديها منها، تعبير عن وحشية الاحتلال الإسرائيلي في تعامله مع شعبنا الفلسطيني وخاصة الأطفال منه.

"كان بإمكان جنود الاحتلال انتظار أحد أقاربي بأن يأتي إلى البيت قبل أن يأخذوا أمي، لكنهم تركوني وحيدة في ساعة مبكرة من فجر ذلك اليوم"، تقول ميس.

تصر ميس على أنها ستبقى قوية، ولن يكسرها اعتقال والديها، وستواصل حياتها كما كانت في السابق وسترفع رأس أهلها ولن تخيبهم أبداً.

"اعتقال حنين أثر على نفسيتنا أكثر بكثير من اعتقال رامي، لأن ميس تركوها وحيدة، تركوا هذه الطفلة بدون أب وأم، هذا ذُل وظلم يمارسه الاحتلال بحقنا وبحق أطفالنا"، تقول منى فضايل جدة ميس.

وكانت قوات الاحتلال اعتقلت حنين نصار في الأول من الشهر الجاري من منزلها في حي الطيرة بمدينة رام الله، وهي تعمل محاسبة في إحدى الشركات، وتخضع للتحقيق منذ اعتقالها حتى اليوم.