المعركة الحاسمة والشجاعة التي يحتشد فيها شعبنا الفلسطيني وراء قيادته الشرعية بدرجة عالية تثير الذهول، والتي تشكل خلالها حلف دولي لمساندة هذه المعركة مع أن العالم العربي يساندهما كلاميا فقط، ولا يقترب منها بشكل حقيقي ومسؤول إلا قليلاً، هي في الحقيقة فرصة نادرة وثمينة أمام النظام العربي الذي ينشغل، بخلافاته البينية المفتعلة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وتضيع على العالم العربي الفرصة الثمينة لقراءة ما يجري في العالم من تغيرات حادة وكبيرة لتشريف أمتنا إذا أجادت القراءة الصحيحة للانتقال من مرحلة إعطاء صوتها مجانًا، مثل ضمانات التطبيع المجانية التي يتم الإعلان عنها خلسة من بين الفراغات والشقوق، فلا يلتفت إليها العالم بشكل جدي، ويعتبرها مجرد اسقاطات عابرة.

الحشد الفلسطيني والائتلاف الدولي الذي أحاط به لإسقاط صفقة القرن الترامبية وخطة الضم الإسرائيلية، يشكل فرصة للإخوة العرب لكي يقرأوا ما يجري في العالم بعيون جديدة مفتوحة على الحقائق، والحقائق تقول إن أميركا في أزمة حقيقية، والفرص أمام ترامب الرئيس الأميركي المعادي للحقوق الفلسطينية، والمعادي للقانون الدولي، والمستهتر بقرارات الشرعية الدولية، ولا يضع في الحساب مصالح أمتنا العربية بالمطلق، هذا الترامب يتراجع يومياً، وأن أميركا في عهده مهيأة للانقسام ومهيأة لحرب أهلية حقيقية، وهو يتخبط كأن به مسّا من الجنون، تصوروا لا يريد الفحص للإصابات بكوفيد 19، لا يريد إعلان أرقام الموتى والمصابين، ولا يريد أن يرى العنصرية العميقة والمنظمة في أميركا لأنه أهم العازفين على أوتارها، وأنصارها الذين يقل عددهم ويتكبدون الخسائر ردوا على شعار "حياة السود مهمة"، بجملة معادية "حياة البيض مهمة" وهولا يريد أن يرى الحقائق، بأن المسرح الدولي يعتليه بكفاءة لاعبون جدد يؤدون الدور بكفاءة خارقة مثل الصين، وأن أوروبا وجهت نقدًا خطيرًا إلى حلف الناتو الذي تستخدمه أميركا الذي وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه عاجز وفاقد للذاكرة، بينما أشقاؤنا العرب يتشبثون بصيغ الماضي الذي اندثر، ونشأ في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حتى الآن لا يقومون بالمحاولة حتى مع أن كل شيء حولهم يناديهم أن يكونوا في الحضور، خلافاتهم البينية أهم عندهم من كل الفرص المتاحة الأخرى، تقدموا يا عرب، أنتم أصحاب هذه المنطقة الشرق أوسطية، وأنتم أهل القضية المركزية شاء من شاء وأبى من أبى، قضيتكم، السر المقدس في دوركم حين تؤدونه بشجاعة ورؤية جديدة، إسرائيل خرافة أخذت أقصى درجات الدعم ولكن الشعب الفلسطيني يلاحقها ومعه قوة الحق، ومعه قوة المعرفة، ومعه قوة التجربة النضالية المتجددة التي تجعله ينبثق بما لم يعرفه العالم من قبل، إنها فرصة لكم لكي تخرجوا من قوقعة المألوف، والعادي، والمكرر الممل، والخوف، بينما القدس تناديكم، أنا أكتب لكم الحياة، ويا قدس، يا مدينة الإله، هيا انهضي قومي للصلاة.