جريمة حرب جديدة تضاف لجرائم دولة الاستعمار الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، قتل أمير أوحانا، وزير الأمن الداخلي الشاب الفلسطيني المصاب بمرض التوحد، إياد خيري الحلاق في القدس العاصمة، وهو في طريقه مع مربيته "وردة" إلى المدرسة، ودون أي سبب يذكر سوى أنه فلسطيني، وكون الوزير العنصري الفاشي قال في تصريح له في أول يوم تولى مهمته: سنقتل كل فلسطيني يتعرض للشرطة. ورغم أن الحلاق مسالم بطبعه وبنائه الإنساني، كونه يعتبر بمثابة طفل نتاج مرضه، أضف إلى أنه لم يتعرض للشرطة، ولا لغيرها أثناء سيره في الطريق، إلا أن القتلة من رجال الشرطة وحرس الحدود أطلقوا الرصاص الحي عليه، وهو مختبئ خلف حاوية نفايات هربًا منهم نتيجة صراخهم عليه وتهديده بالسلاح.

 لا فرق عند القتلة الإسرائيليين العنصريين إن كان الفلسطيني مريضًا أم غير مريض، طفلاً أم إمرأة، شيخًا أم شابًا، كل أبناء الشعب الفلسطيني محكوم عليهم سلفًا بالقتل والاغتيال من قبل قادة الدولة الصهيونية الفاشية. لا سيما وأن القاعدة الثابتة في السياسة الصهيونية تجاه الفلسطينيين، هي: أن الفلسطيني الجيد، هو الفلسطيني الميت! ولا يخشى القاتل والجلاد الصهيوني من العقاب، ولا من المساءلة. وما حديث وزير الحرب غانتس، عن التحقيق في جريمة اغتيال إياد، إلا للتغطية على الجريمة القذرة والرخيصة. ولو كان لدى القادة الإسرائيليين الحس الإنساني لنشروا الشريط، وأعلنوا مباشرة عن القتلة، وشرعوا بمحاكمتهم، واتخذوا العقوبات الأولية الضرورية ضدهم. لكن لا مجال لذلك، لأن فكر وسياسة وممارسة الصهاينة قادة وضباطًا وجنودًا تقوم على نفي الآخر الفلسطيني عبر القتل والموت والتهجير والطرد والاعتقال والتجويع والحرمان، وتكريس سياسة البطش والخنق والتدمير المنهجي لحياة الفلسطيني أيّا كان موقعه، ومركزه، وجنسه أو لونه أو دينه أو عمره.   

قتل الشاب الثلاثيني إياد الحلاق بدم بارد، وحتى تتأكد عناصر جريمة الحرب تمامًا، قام رجال الشرطة وحرس الحدود حيث اغتيل الشهيد الطيب، والنبيل والشفاف بإخفاء أشرطة التصوير لعملية القتل، بعكس الكثير من المرات، التي ترتكب فيها جرائم القتل المتعمدة من قِبل جنود وضباط جيش وشرطة الموت الإسرائيلية، وهو ما يشير إلى النية المسبقة لقتل الشاب المصاب بالتوحد، والذي يعرفونه جيدًا وفق ما ذكر والده، حيث يمر يوميًا من أمامهم منذ ست سنوات خلت، وعلى صدره إشارة تفيد أنه مريض بالتوحد، وبالتالي الاتهام الأولي لإياد بأنه يحمل السلاح، لم يكشف رياءهم وقذارتهم ووحشيتهم، إنما كشف النية المسبقة على عملية الاغتيال، وما عمق ذلك، هو إخفاؤهم أشرطة تصوير العملية الجبانة، والطريقة التي تعاملت بها المؤسسة الاستعمارية الرسمية مع الجريمة الوحشية.

وتتلازم عملية الاغتيال الجبانة لإياد مع عملية الاغتيال البشعة لجورج فلويد الأميركي في مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا، لتتأكد للعالم كله، أن إدارة الرئيس الأفنجليكاني، ترامب تتكامل بعنصريتها ووحشيتها مع الدولة الشريكة لها في إنتاج العنصرية والفاشية والإرهاب، وتغتصب حقوق الشعب الفلسطيني. وما الربط بين العمليتين الوحشيتين إلا للدلالة على العلاقة الوثيقة بين القتلة الإسرائيليين والأميركيين العنصريين، والذين لا يقيمون أي وازع أخلاقي، أو قانوني للإنسان أينما كان، وليس في الولايات المتحدة أو إسرائيل أو فلسطين فقط. وهو ما يستدعي العالم الحر، وكل صاحب ضمير إنساني للخروج عن صمته، والتصدي لغلاة العنصرية والفاشية، وملاحقتهم في كل المنابر السياسية والقانونية والإنسانية، وقبل ذلك أمام محكمة الجنايات الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب.

جريمة قتل فلويد أحرقت أميركا، ويفترض أن تحرق جريمة إياد دولة الاستعمار الإسرائيلية، وتكون عنوانًا أساسيًا لمحاكمة الدولة المشروع الصهيوني الأخطر على البشرية، وليس على الشعب العربي الفلسطيني أو الشعوب العربية فقط. وهي تهديد حقيقي للإقليم ككل، والعالم برمته نتاج السياسة والانتهاكات الخطيرة، التي ترتكبها ضد الفلسطينيين، وكونها تعمل بخطى حثيثة مع إدارة ترامب على تصفية عملية السلام الممكن والمقبول، وفي ذات الوقت تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يعني، أنها بالتكامل مع الإدارة الأميركية تعملان على تعميم الفوضى والفلتان والإرهاب والحرب. الأمر الذي يتطلب من أقطاب العالم تدارك الأخطار قبل وقوعها. رحمة الله على إياد وجورج، وعلى كل شهداء السلام والحرية والإنسانية.