في إطار التفكير المفتوح، فمن الممكن أن نقدم من الاقتراحات ما نظن إمكانية البناء عليه أو نقده أو تعديله، استنادًا لقرار اللجنة التنفيذية بـ"الانفكاك" عن الاتفاقيات حيث أنَّ الانفكاك بهذا المعنى العام، وبقاء كل شيء على ما هو عليه على الأرض في فلسطين، دلالة عدم الجدية بالتنفيذ.

 حقيقة الانفكاك تحتاج خطوات عملية محسوسة على الأرض وهو ما ينتظرة الناس، أو ما وجب التعبئة الشعبية به، لذا دعني أقول أنّ الانفكاك من كل الاتفاقيات بهذا المعنى (كل) كان يحتاج التجهيز لإشعال انتفاضة أو حرب أو معركة ما لم أرى أي طرف فلسطيني أو عربي أو عالمي مستعد له.

ومن هنا فإنَّ فكرة التحلل من (جزء) من الاتفاقيات لربما أكثر دقة من الانفكاك أو الالغاء فهي -وكما استخدمها الرئيس أبو مازن بصيغة تحلل- تعني بفهمي أنّه بمقدار ما ينسحبون هم من التطبيق نقوم نحن بالمثل وعلى الأرض.

 عمومًا دعني أضع بعض الملامح التي لربما تحتاج لندوة أو اجتماعات أو اهتمام من قيادة حركة "فتح" والفصائل والمنظمة، ولأصغها بشكل تساؤلات كالتالي:

1- ألم يكن من المهم القول بالانسحاب من الاتفاق الأمني تحديدًا، لعدم التزام الإسرائيلي به حيث يدخل ويخرج ويعتقل في مناطق السلطة الوطنية مخالفًا الاتفاقيات.

2- ألم يكن القول أننا نعيد رسم وظيفة السلطة لتكون خدمية من خلال الاتفاقيات المدنية والاجتماعية والقانونية بين الطرفين، فلا يُضار الشعب الفلسطيني من "الانفكاك" من هذه الاتفاقات المعيشية، مع إعادة فتح هذه الاتفاقيات عالميًّا للتغيير في كثير من بنودها المجحفة؟ وانتقالاً لنقاط الحل النهائي.

3- ألم يكن الأجدر أن نفكر بالعلاقة بين السلطة كإطار خدمي معيشي تابع للدولة أو تابع للمنظمة، فنحيل العلاقات الخارجية إلى الدولة، إن شئنا التعامل بها لا سيما واعتراف العالم بنا، أو تحويل العلاقات الخارجية لإطار منظمة التحرير الفلسطينية، وفي الخارج؟

4- هل من المنطقي أن ندعو الوزراء للنظر في آليات الانفكاك؟ ونحن نعلم أنَّ الاتفاقيات-التي تحتاج لمعركة من المراجعات والتغيير- تكبلنا في الماء والهواء والاتصالات والكهرباء والأكل وكل شؤون الحياة اليومية الأخرى؟؟

5-أليس الأجدر بمن يعلن "الانفكاك" أن يكون جاهزًا بالسيناريوهات الواضحة أن قام الاحتلال بالضم لجزء أو كل المنطقة ج، أو قام بقتل أو اعتقال أو طرد القيادة أو عدد من المناضلين أوفرض الإقامة الجبرية عليهم؟ أو قام بإغلاق المدن والقرى أو اقتحامها، أو تحقيق الفصل الكامل بينها، أو تدمير العلاقات بين أركان الوطن بالتواصل الصهيوني المباشر مع البلديات والمجالس القروية، والأفراد ...إلخ من سيناريوهات.

6- ألم يكن لنا أن نتفق مع الدول العربية التي لها اتفاقيات سلام مع الإسرائيلين، أن تلوح بفتح الاتفاقيات، أو الحديث مع تلك الدول العربية والاسلامية التي لها مكاتب تجارية أو ممثليات لتقفلها وتقطع الصلة كاملة بالإسرائيلي كما هي لدى قطر والمغرب وتركيا مثلاً؟

7- أليس من المهم الاحتفاظ بقوة المخزون الجماهيري من خلال الاشتباك السلمي الجماهيري اليومي مع الاحتلال فيما وجب تصعيده استمرارًا لفكرة الانتفاضة الجماهيرية، أو بتطوير الأدوات السلمية التي جعل التباعد الزمني والمكاني بين أفعالها وكأن لا نتيجة لها؟

8- ألم يكن لنا قبل أو بعد الإعلان عن التحلل من الاتفاقيات أن نتفق مع أقطاب الأمة على وقف أي شكل من أشكال العلاقات مع الإسرائيلي العلنية أو الخفية؟ وممارسة الضغط الاقتصادي وإن بحده الادنى وهو ما تمتلكه هذه الدول!

9- ألم يكن لنا أن نتفق مع الأوربيين والصين وروسيا على ردة فعل عملية لا تكتفي فقط بالبيانات؟ ونجعل قرار دولة فلسطين الأممي وقرار رفض المستوطنات الأممي ذو تطبيق فاعل من خلال ما تقوم به منظمة البي دي أس، من مقاطعة ناجعة.

10- ألم يكن من المهم بناء علاقات قوية مع الفلسطينيين خارج الوطن، وهم الرصيد النضالي القوي لنا، والتعبئة باتجاه الفعاليات التي سيقومون بها للضغط على أصحاب القرار حيث يقيمون، أو بأي صيغ متواصلة يقررونها.

11- ألم يكن الأجدر بكافة الفصائل أن تحتضن القرارات القيادية وتعلن انخراطها بهذه اللحظة الزمنية الملائمة بعيدا عن أوهام السلطان بحكم غزة المحاصرة، أو حكم كانتونات الضفة فلا نكرر تجارب التضييع بخلافاتنا التي لا قيمة لها أمام فلسطين! أم نظل أسرى المحاور التي تلعب بنا؟

إن التحلل من الالتزامات، أو الانفكاك عن الاتفاقيات قرار تاريخي نعم لكنه يفقد صلته مع الواقع حين يظل حبرًا على ورق.