تقتضي الحكمة ألا تتحمل منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولية وتبعات الغاء الاتفاقيات لأن حكومة منظومة الاحتلال ستعلن مسؤوليتها عن "اغتيال عملية السلام" جهارًا نهارًا أمام أنظار حكومات دول العالم بما فيها الراعية لعملية السلام في الأول من شهر تموز القادم، أما من ناحيتنا فإن كفاحنا – بأدوات وأساليب متلائمة مع الظروف الدولية المحيطة - لم يتوقف يومًا حتى بعد توقيع اتفاق أوسلو وما تبعه من اتفاقيات.. وسنستمر بأدوات وأساليب تتناسب مع مرحلة الضم، فالرئيس أبو مازن قائد حركة التحرر قد أكد هذا الحق في ذات الكلمة التاريخية حيث أعاد التأكيد على عناوين الثوابت الفلسطينية والبرنامج السياسي الكفاحي الفلسطيني المعتمد في منظمة التحرير الفلسطينية مع الحفاظ على التوازن والتوازي بين المقاومة الشعبية السلمية والنضال السياسي الدبلوماسي في ميدان القانون الدولي والمنظمات الدولية لتحقيق هدف انجاز الاستقلال الفلسطيني في دولة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية بالارتكاز على قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن ذات الصلة ومنها القرار 194 الخاص بقضية اللاجئين والقرار 2334 الخاص بالقدس والاستيطان والقرار 1967، وكذلك القرار 1515 باعتماد المبادرة العربية حيث قال الرئيس:" في ظل إيماننا المطلق، وتمسكنا الثابت بحق شعبنا في مواصلة كفاحه الوطني لإنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين المستقلة والمتواصلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967، بعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من المعتقلات والسجون الإسرائيلية".

يقصد قائد حركة تحرر الشعب الفلسطيني الوطنية الرئيس محمود عباس أبو مازن كل كلمة ينطقها أو يكتبها، لا يجوز ولا يحق لواحد إخراجها عن سياقها وتفسيرها حسب أهوائه ومفاهيمة الخاصة أو يقرؤها بمنظار جهله، وعصبيته وعصبته الفئوية، فحكومة الاحتلال الإسرائيلية ستشهر إلغاء اتفاق أوسلو وتعلنه فعليًا في اللحظة التي ستعلن فيها ضم اراض فلسطينية محتلة منذ العام 1967 تقع ضمن حدود دولة فلسطين المحتلة المعترف بها حسب القرار الأممي 1967 الصادر في العام 2012، وهذا أكده الرئيس ابو مازن في خطابه التاريخي أمام القيادات الفلسطينية أول أمس حيث قال:" لقد كرر رئيس حكومة الاحتلال هذا الإعلان خلال أول إجتماع لحكومته، معتبرًا أن الضم أولوية لهذه الحكومة، الأمر الذي يعني ضم أجزاء من أراضي دولة فلسطين لدولة الاحتلال، استنادًا إلى ما يسمى "صفقة القرن"، التي نرفضها جملة وتفصيلا، ما يعني أن سلطة الاحتلال تكون قد ألغت اتفاق أوسلو والاتفاقات الموقعة معها كافة، بعد أن تنكرت طوال سنوات مضت لجميع هذه الاتفاقات، ولجميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ".. لذا كان الرئيس أبو مازن دقيقًا جدًا عندما ابتدأ كلمته التاريخية بالتالي:" التزامًا بقرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فإن القيادة الفلسطينية تقرر اليوم ما يلي: أولاً: إن منظمة التحرير الفلسطينية، ودولة فلسطين قد أصبحت اليوم في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة على تلك التفاهمات والاتفاقات، بما فيها الأمنية ".

يؤسس خطاب الرئيس أبو مازن لمرحلة كفاحية قادمة لا تخرج عن ضوابط الكفاح الوطني للشعب الفلسطيني والتزام قواه الوطنية التحررية بالثوابت، وتلزم المسؤولية التاريخية الجميع بتجسيد معنى الوحدة الوطنية الفلسطينية، لمواجهة الحرب الصهيونية الثالثة على وجودنا في فلسطين.. فلا سيادة الآن إلا للعقل ومنهج العمل المنظم، حتى لا ندفع شعبنا كفريسة لأصحاب الأجندات.. فأهداف نتنياهو المنطوقة مازال صداها في مسامعنا فهو القائل بعد نيل الثقة بحكومته الائتلافية:" حان الوقت لتطبيق القانون الإسرائيلي وكتابة فصل آخر في تاريخ الصهيونية ".

قرار القيادة الفلسطينية المرتكز على قرارات المجلسين الوطني والمركزي وعلى الثوابت الوطنية كافة يسحق مهاترات أمين عام الجهاد الاسلامي زياد النخالة عبر وسائل الإعلام قبل بضعة أيام عندما قال " إن القيادة في الضفة تدعو للتعايش مع الاحتلال " طارحًا جماعته ومن معه بديلاً عن منظمة التحرير، فمسلحوه ومسلحو جماعة حماس اتخذوا حوالي مليوني فلسطيني في قطاع غزة رهائن لصالح مشروعهم المرتبط بأجندات خارجية، والمضاد للمشروع الوطني الفلسطيني، وهم يعلمون أن مخطط منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري أن يكون قطاع غزة " الدولة الخاصة بالفلسطينيين"..

ندرك قصر نظر مستخدمي الدين والسلاح في غير مسار المنطلقات الوطنية وسوء تقدير المنسحبين أيضا من لحظات الصدام الفعلية والعملية مع المشروع الاستعماري الاحتلالي العنصري تحت وابل الشعارات الغاوية الحارقة الخارقة فقط للورق المكتوبة عليه، لكن قدر الوطنيين تحمل أعبائها وتضحياتها.