حينما بدا السلام ممكنًا طبقًا لاتفاقيات أوسلو، قال شاعرنا: "سنعلم الأعداء تربية الحمام"، لكن رصاص اليمين الإسرائيلي المتطرف، بذخيرته الأميركية، لم يكن يرى في الحمام غير فريسة تطيب لشواء عنصري بغيض !!  

لكن الحمام الذي قال شاعرنا إننا سنعلم الأعداء تربيته، ليس بطبيعة الحال ذاك الطائر الوديع بحد ذاته، وإنما ما يمثله من رمز للسلام الكفيل بتحقيق الحياة الآمنة، المستقرة والمزدهرة بالعدل، والكرامة، والحرية، والاستقلال، وما من رصاص مهما تغلظ وتوحش، بوسعه أن ينال من الرموز التي هي التكثيف الابداعي للفكرة والمعنى، والغاية في ذات الوقت، ولأن فلسطين هي مهد السلام، وباحة تجلياته السماوية منها، قبل الأرضية، فان مهمتنا ستظل حماية  الحمام برمزيته الايقونية، وبمشروعه الذي سيظل ممكنا، مهما فعل اليمين الإسرائيلي المتطرف، ومهما تغولت الادارة الأميركية الراهنة، في تنمرها العدواني، ضد شعبنا، وقضيته الوطنية، وتطلعاته المشروعة والعادلة. 

على هذه القاعدة، وفي هذه الطريق، نرى من الضرورة اليوم، أن نمضي بالقرارات غير المسبوقة التي أعلنها الرئيس أبو مازن، مساء أمس الأول، عقب اجتماع القيادة في مقر الرئاسة برام الله، نعني أن نمتثل لمهمتنا الأساسية بكونها المهمة الوطنية الاستراتيجية، والإنسانية النبيلة، الكفيلة بتحقيق النصر لمشروعنا التحرري، وبالدفاع عن السلام، فكرة ومشروعًا، والآن ليس عبر المفاوضات، وإنما عبر التصدي لمشروع الضم الاستعماري الصهيوني، بتحصين جبهتنا الداخلية على كل صعيد لمنع أي نوع من أنواع الفلتان، هذا الذي سيراهن عليه الاحتلال الإسرائيلي، لكسر قرارات القيادة الفلسطينية، وكذلك لا بد من تحصين الرأي العام كي لا تتلاعب فيه الشائعات، والتقولات المغرضة، والتشكيكات المتحاملة، وهذا مهمة معرفية واعلامية بالغة الاهمية في اطار برنامج النضال الوطني ضد مشروع الضم الاستعماري وحاضنته "صفقة القرن" ولا ينبغي أن ننسى هنا ضرورة تكثيف العمل السياسي والدبلوماسي على الساحة الدولية، خاصة وبيئة المجتمع الدولي في اللحظة الراهنة، بيئة طاردة لمشروع الضم الاستعماري، وإن كان ذلك حتى الآن في اطار البيان السياسي.

ما يجعل كل ذلك ممكنًا، بل وما يؤكد حتمية تحققه، أن لشعبنا الفلسطيني هذه الطبيعة النضالية، وهذه الإرادة الحرة، التي لا تقبل الكسر، حتى وثمة خارجون عن الصف الوطني، يحاولون تشويه هذه الطبيعة، وهذه الإرادة، والمهم في كل هذا الإطار أن مشروعنا الوطني التحرري في بيئته الحاضنة ولن تضيق به الأرض مثلما كانت تضيق به، في الشتات والمنافي، ولن يضيق المشروع بأبنائه وقد بات بين أيديهم ومن أجلهم، في لحظة الحقيقة التي تحدث بخطابها الرئيس أبو مازن، في التاسع عشر من أيار عام 2020 وفي ليلة رمضانية، كانت هي ليلة القدر "وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها، بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر" صدق الله العظيم.