لم تكن الرصاصات القليلة التي أطلقها بضعة فتيان مؤمنون من أبناء فلسطين في سكون العتمة التي غشيت الأمة، وذلك في الفاتح من يناير 1965، إلّا ومضة الأمل للفجر القادم، وإيذانًا بدخول المنطقة العربية مرحلة جديدة أسقطت من على كتفيها ثياب الترهل والبكاء، وأردية الذلة، وأسطوانة الشعارات الرنانة والمناظرات الخاوية، لتتدثر بالحرية والكرامة، وبالإرادة والتضحية، والإيمان بالنصر القادم من خلال حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".

لقد شكّلت حركة "فتح" امتدادًا لتمرد وحركية الثورات القومية العربية، فحوّلت حلم ملايين الأمة وأملهم في التمرد والقضاء على الواقع المرير، والثورة، إلى أهداف قابلة للتجسيد على أرض الواقع، فكسرت القيود ورفضت منطق اليأس وقضت على عقلية التشرد وانتظار فزعة الآخرين أو هبّات السماء أو المجهول، وقاومت جميع محاولات طمس الهوية وإنكار طموحات التغيير فكانت كالحجر الذي انقض على الماء الساكن فأحدث موجات متعاقبة متحركة طالت القريب والبعيد.

خاضت حركة "فتح" منذ انطلاقتها معارك الدفاع الباسلة عن شعبنا العربي الفلسطيني في فلسطين وفي الشتات ولتنهك الفكر الصهيوني التوسعي بسيل متتابع من الضربات، والعمليات الجريئة التي وضعت فلسطين على الخارطة الدولية، وصنعت الثورة الفلسطينية كرقم صعب في معادلة منطقة الشرق الأوسط وأصبحت رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه بعد أن أرادوا لها ولشعبها الزوال.

إن الانتماء لحركة "فتح" يعني الإيمان بحتمية النصر وعدم الاستسلام للظرف الراهن واليأس بل الاستمرار في محاولات توفير الظروف الملائمة لبقاء حركتنا ديمومة للثورة ورافعة حقيقية صلبة لمشروعنا الوطني الفلسطيني.

ربما قد يجد المتربّصون بهذه الحركة بعض الأخطاء الفردية من قبل أبناء الحركة سبيلاً للبدء في الهجوم على الحركة والتشهير بها متناسين تاريخها المشرف وما قدمته هذه الحركة العملاقة لأبناء شعبنا الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده في الداخل والخارج بعد أن كانت الشعوب العربية تتهم الفلسطيني ببيع أرضه والقدوم إلى بلدانهم ومقاسمتهم خيراتها.

إنّ حركة "فتح" كانت وستبقى رائدةً لمشروع شعبنا العظيم وقائدةً لكفاحه التحرري باتجاه نيل استقلاله وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

لقد تعوّدنا وتعلّمنا في حركة "فتح" ألا نخفي أخطاءنا في حال وقوعها وأن نتحمل بشجاعة المسؤولية عنها أمام شعبنا العظيم وأبناء حركتنا.

وإنها لثورة حتى النصر...