تقرير: إيهاب الريماوي

لم يصدق أحد أن تصل هزائم الاحتلال الإسرائيلي إلى ملاحقة الطفل محمد ربيع عليان 4 سنوات، واستدعائه من البيت؛ بحجة إلقائه الحجارة على مركبة عسكرية تابعة للاحتلال.

الطفل عليان من مخيم شعفاط، أيقظته والدته صباح يوم الثلاثين من تموز/ يوليو العام الماضي وبدلت له ملابسه- لأنه لم يصل إلى سن يُمكنه من تبديل ملابسه بنفسه! - ليتوجه برفقة والده إلى مركز شرطة الاحتلال في شارع صلاح الدين وسط مدينة القدس.

وفي الخامس والعشرين من تموز/ يوليو 2018 أعدم جنود الاحتلال الطفل أركان مزهر (15 عاما) برصاصة في الصدر، التي خطفت ضحكة أركان، التي اشتهر بها، وتعرفها العائلة ومخيم الدهيشة، وعُرف عنه حبه للدراجات النارية، وركوب الخيل.

وفي نهاية شهر تشرين ثاني/ نوفمبر 2015 ظهر الطفل معاوية علقم (12 عاما)، من مخيم شعفاط، خلال جلسة محاكمته، بسترة كان يرتديها وكتب عليها "مصلحة السجون الإسرائيلية"، بمقاس كان أكبر بكثير من ذارعيه، وأكبر من عرضه وطوله.

لم تتوقع إسرائيل يوما أن يُصبح الأطفال في هذا السن وهذا القوام مُستهدفين من قبل جنودها وعناصر شرطتها، فلم تنتج سترات سجونها لأطفال، إنما أنتجتها للشبان والكبار، والأطفال مقاساتهم أصغر من مقاسات سُترات السجون، وأقل من تهم محاولة قتل، فهم يُحبون الربيع والملاعب.

لم يقتصر الإجرام بحق أطفال فلسطين، على قتلهم بالرصاص الحي، بعد تركهم ينزفون في الشوارع، واعتقالهم مصابين، ووضعهم مع أسرى جنائيين من سارقين وتجار مخدرات وقتلة، كما حدث مع الطفل أحمد مناصرة، عدا عن فرض قوانين جديدة حتى لا يفلتوا من العقاب بحجة أن الأسير تحت السن القانوني، لتزجهم إسرائيل في زنازين توقيف وتحقيق لا تتوفر بها أدنى مقومات الحياة الطبيعية.

وينام الأطفال في مركز الجلمة والمسمى "كيشون" قرب مدينة حيفا، في زنازين تحت الأرض، مساحة الزنزانة لا تتعدى 3 أمتار طولا و3 أمتار عرضا، وبعضها أقل من هذه المساحة، والتي تحوي أيضا بداخلها متر واحد كحمام مفتوح، في إحدى زوايا الزنزانة، ما يشكل نفسية سيئة لدى المعتقلين حين يتم جمع اثنين أو ثلاثة، وفي بعض الأحيان أربعة أسرى داخل الزنزانة الواحدة.

ويتكئ الأطفال في مراكز التوقيف على جدران صلبة ومدببة، بحيث تنخز الظهر، وتصيبه بالأوجاع، ما يضطر الأسير إلى البقاء على سريره "البرش"، الذي أيضا لا يُعطي مجالا للراحة بسبب قصر طوله وعرضه، ورائحة الفراش النتنة، حيث لا تتعرض للشمس لسنوات طويلة، ما يسبب أمراضا جلدية لمين ينام عليها، عوضا عن كمية الإضاءة الكثيفة داخل الزنزانة، حيث تشمل كل زنزانة تسع لمبات مُضاءة على مدار الأربع وعشرين ساعة، ويقدم لهم طعاما نيء، وملوث، ومن يصنعه لا يتقن قلي بيضة.

وأظهرت بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن عدد حالات الاعتقال للأطفال (دون 18 عاما) خلال العام 2019 بلغت 889 طفلا، وأصدرت سلطات الاحتلال أوامر اعتقال إداري بحق أربعة أطفال، أما عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي نهاية العام 2019 بلغ 200 طفل (دون 18 عاما).

واستنادا إلى سجلات الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين، استشهد 28 طفلا (دون 18 عاما) خلال عام 2019، منهم سبعة أطفال في الفئة العمرية (0-12) عاما، و10 أطفال في الفئة العمرية (13-15) عاما، و11 طفلا في الفئة العمرية (16-17) عاما، وكانت حصيلة الأطفال الشهداء 57 طفلا خلال العام 2018.