مع جائحة "الكورونا" تبدو حركة حماس اليوم، أكثر وضوحًا في طبيعتها المحمولة على ذهنية، لا علاقة لها بالواقع، ولا بالناس، ذهنية مريضة بالوهم والعنف معًا، وبقدر تشبثها بالسلطة، بقدر ما لا ترى أحدًا في القطاع المكلوم سوى نفسها، ومصالحها الحزبية، غير الوطنية، وحتى غير الغزية!! ولا ترى في المحصلة، غير القمع، ما يحقق لها هذه المصالح، وما يبقيها حاضرة في السلطة والحياة !!!

وفي الوقت الذي تسعى فيه البشرية اليوم للتعاون فيما بينها، لمواجهة جائحة "الكورونا" دون أن تنظر لأيّة هويات قومية أو عقائدية، ولا لأيّة خلافات سياسية أو غيرها، تصر حماس على التمسك بِهويتها الحزبية، وتتوغل في ذهنيتها المريضة، وبهوس تعلقها بالانقسام البغيض، تعلن أن قطاع غزة غير معني بحالة الطوارئ!! التي أعلنها الرئيس أبو مازن مبكرًا للتصدي لجائحة "الكورونا" وكأن قطاع غزة ليس جزءًا من فلسطين، أو هكذا تريده حركة حماس في إطار مشروع الإمارة الذي تسعى إليه بشكل محموم!!

حتى الأعداء والخصوم، يحاولون اليوم التحالف لمواجهة "الكورونا" لكن حماس، والتي لا نراها عدوا، ولا حتى خصمًا، وإنما شقيقًا ضالاً، وفاقدًا للرشد الوطني، ترى هي، لا السلطة الوطنية فحسب، وإنما منظمة التحرير الفلسطينية أساسًا، خصمها اللدود، بحكم ما تمثل المنظمة من واقع، بكونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فتواصل حربها ضده، فلا تُخرج نفسها بذلك من حالة الطواريء الوطنية فقط، وإنما من بين صفوف البشرية كلها الساعية لتحالفات هادفة لدحر جائحة "الكورونا" !!      

وفي كل ذلك نرى بوضوح أن حماس غير معنية بسلامة أحد سوى سلامتها، فهي لم تنظر لجائحة "الكورونا" بوصفها خطرًا يهدد حياة الناس، وأن مواجهة هذه الجائحة، لا علاقة لها بالسياسة وصراعاتها، ولطالما قامرت حماس بحياة أهلنا في القطاع المكلوم، وهي متسترة بقناع "المقاومة" وبشعوذة شعاراتها الشعبوية، قادت القطاع، وما زالت تقوده نحو احتمالات الكارثة الأكبر، وهي تواصل سياسة القمع والإقصاء، والاعتقال لأيّة أصوات تنبه وتحذر من عبث حماس السلطوي، ومن هذه الأصوات اليوم في سجونها، الكاتب والمفكر عبد الله أبو شرخ!!

ليس لدى حماس، منذ أن جاءت وحتى اللحظة، غير الولع بالسلطة وقد بات هذا أمرًا في غاية الوضوح وعلى نحو ما يؤكد أن سلامة العامة ليست من غاياتها، ولا من بين اهتماماتها، وانظروا ماذا جرى على سبيل المثال لا الحصر، في مخيم النصيرات، الذي التهم حريق كبير سوقه الرئيسة، وأسفر عن استشهاد  خمسة وعشرين، من أبناء المخيم حتى الأن، لا بسبب الحريق بحد ذاته، وإنما بسبب العبث الحمساوي الذي أجاز تخزين متفجراته وأسلحته، في أنفاق امتدت على طول سوق المخيم المنكوب، والتي أدى انفجارها إلى توسع الحريق على نحو مهول!! ولأن حماس لا تريد لأحد أن يعرف هذه الحقيقة، أغلقت ملف الحريق، بتحقيقات دعائية، حملت مسؤولية الكارثة لصهريج الغاز وصاحب الفرن والبلدية!! فيما كانت مليشيا القسام تطمر بالإسمنت حفر الأنفاق التي خلفتها انفجارات الذخيرة والأسلحة، حتى لا يصار إلى كشف الحقيقة!!

إنها سياسة الطمر، للمهووسين بسياسات العنف والقمع والاضطهاد، مجموعة أمراء الانقسام البغيض، الذين يتقنعون باللحى، وبحبة الزبيب المصنعة، على جباههم، لكن الواقع لا يمكن طمره ولا بأي وسيلة، مهما كانت عنيفة مثلما لا يمكن طمره بأية أحابيل بلاغية، ولو تعلقت بأجمل الكلمات!!

ويبقى أن نقول مثلما ينبغي الوقاية من فيروس "كورونا" بالحجر المنزلي، سيكون من الضرورة بعد الأن للوقاية من العبث الحمساوي بالحجر الوطني، لوضع حد لهذا العبث، قبل يتفشى كمثل جائحة كبرى!!