بعد بروز عدد من الحالات المصابة بفيروس كورونا في محافظة بيت لحم بادر الرئيس محمود عباس بإعلان حالة الطوارئ يوم الخميس الماضي في أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 لمدة شهر، تلازم مع ذلك اتخاذ الحكومة سلسلة من القرارات على المستويات المختلفة ذات الصلة بالصحة والتربية والتعليم والتجمعات والفعاليات والأنشطة والمؤتمرات والسفر.. إلخ، ولكن احد الناطقين باسم حركة حماس الانقلابية أعلن ان المرسوم الرئاسي لا ينطبق على محافظات الجنوب، لأنها "خالية من فيروس الكورونا/ كوفيد- 19"؟ وهو ما يؤكد ان المضي قدما في خيار الانفصال، وتعميق الانقلاب، والرهان على حكومة بنيامين نتنياهو، والتهدئة المذلة مقابل التسهيلات الوهمية والكاذبة والرخيصة، هو الناظم لمواقف الانقلابيين.
ومن تابع تصريحات إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي في موسكو في أعقاب لقائه مع وزير الخارجية الروسي، لافروف قبل إعلان حالة الطوارئ، اعتقد أن قيادة الانقلاب ممثلة بشخص رئيسها جاهزة لفتح الأفق أمام المصالحة، ومستعدة لتحديد موعد للقاء مع وفد منظمة التحرير لترميم الجسور، والعمل على تنفيذ الاتفاقات المبرمة. لا سيما وأن هنية أكد "أننا لسنا بحاجة إلى اتفاقات جديدة". وعليه فإن المتلقي لتصريحات الرجل ذهب خطوة متقدمة نسبيا في تفاؤله.
لكن كما يقول المثل الشعبي "دود المش منه وفيه"، وفرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، هم دود الفساد والتخريب والانقلاب، ولا يمكن أن يعودوا عنه إلا تحت ضغط ظرف يلزمهم بالمجيء زحفًا للمصالحة والوحدة. لأنهم أولًا لا يملكون القرار والتقرير في مصير ومستقبل الانقلاب؛ ثانيًا كما انهم جزء من مخطط أوسع وأعمق من السيطرة على قطاع غزة؛ ثالثًا هم واقرانهم في تونس وتركيا ومن يدعمهم في قطر مجرد براغ في عجلة المخطط الأميركي الإسرائيلي وتمرير صفقة القرن المشؤومة؛ رابعا لا يمكن للمستفيدين والمتنفذين من الانقلاب (المستحوذون على المغانم) قبول المصالحة، لأنها تهدد مصالحهم ومكتسباتهم.
إذًا تصريحات قيادة الانقلاب الحمساوي حول الرغبة بالمصالحة، ليست سوى ورقة من أوراق التسويف والمماطلة لكسب الوقت، ولتضليل الشارع الفلسطيني، وإلهاء بعض القوى السياسية المتساوقة معها بفتات التصريحات الكاذبة. لأنها كما سبق وأشير آنفا، لا تملك التقرير بالانقلاب، أضف إلى انه رأس حربة للمخطط التدميري للشعب الفلسطيني، وجزء من أدوات تمزيق وتفتيت وحدة الدول والشعوب العربية.
ولو كان ما ورد أعلاه إسقاطًا رغبويًا، ونزوعا لتحميل حركة الانقلاب أكثر مما تحتمل، لكانت اغتنمت تلك القيادة الفرصتين الأولى صفقة القرن الإرهابية، والثانية انتشار فيروس الكورونا في اوساط شعوب الأرض، ومنها الشعب الفلسطيني، واستجابت للمرسوم الرئاسي بشأن قانون الطوارئ المحدد بشهر. خاصة وانها تعلن في مناسبات مختلفة، أن الرئيس أبو مازن، هو رئيس الشعب الفلسطيني، وتتعامل بمرونة نسبية مع وزراء الحكومة الشرعية بقيادة د. محمد إشتية. بيد انها رفضت، وترفض التقاط أية فرصة أو مناسبة ذات صلة بتهديد مصير ومستقبل الشعب الفلسطيني، وتُّصر على المضي قدمًا في انقلابها الأخطر على القضية والشعب الفلسطيني منذ نشأت المسألة الفلسطينية مطلع القرن العشرين.
والأخطر أن رفض قيادة حركة حماس يصيب ما يزيد على 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة في مقتل، ويضعهم أسرى منطق وخيار الانقلابيين مقابل حسابات وأجندات لا تمت لفلسطين ولا لشعبها ولأهدافه بصلة، بل العكس صحيح. وما تشكيل لجنة الطوارئ بعد المرسوم إلا التفاف على الشرعية ووحدة الشعب والأرض والمصير والأهداف.
رسالة حركة الانقلاب الحمساوية واضحة وصريحة، ومن يعتقد عكس ذلك، ويحاول تجزئة المسألة، أو الصمت على الجريمة، التي ارتكبتها حركة الانقلاب بشأن مرسوم الطوارئ والكورونا، يكون متورطا معها شاء أم ابى. وبالتالي على القوى الوطنية والقطاعات الطبية والأكاديمية والاقتصادية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني رفع الصوت عاليًا، والنزول للشارع لإلزامها بتطبيق بنود المرسوم، والعودة لجادة المصالحة الحقيقية لطي صفحة الانقلاب الأسود. والكف عن استثمار الفيروس لتعميق خيار الانفصال والانقلاب.
الانقلاب يعمق كورونا
09-03-2020
مشاهدة: 288
عمر حلمي الغول
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها