لم أسمع أنَّ زعيمًا وقائدًا في هذا القرن تحدى البيت الأبيض وقراراته العدوانية وقال لأمريكا بكل شجاعة وبطولة ويقين لا، بصوت جهور وبلا تكتيك ومواربة، معتمدًا على الله وعلى شعبه العظيم وتضحياته الكبيرة، إنه الرئيس الفلسطيني أبو مازن.

 

في منطقة مرتجة وغير مستقرة واستفحال الوحشية الإسرائيلية المدعومة أمريكيًّا، تجلس فلسطين آمنة في حضنه وقلبه وعقله، يخاف على كل حجر وولد وشجرة ورواية، يخاف على ينابيعها وترابها وهوائها وحيويتها وشرايينها النابضة، يحميها بقراراته الحكيمة وبصمود إنساني أفشل سلاح الاحتلال النووي وترسانته العسكرية المدججة.

 

الرئيس أبو مازن: أنت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، لأنك قائد على شعب المليون أسير، وشعب الآلاف المؤلفة من الشهداء والجرحى والمبعدين واللاجئين، تحمل معك ذخيرة تضحيات لا تنضب، تتجدد وتنفجر كلما اقترب الخطر ليداهم حياتنا وحق تقرير مصيرنا وعدالة وشرعية قضيتنا.

 

الرئيس أبو مازن: ما هذه القوة العظمى التي تملكها تقف مع شعبك في وجه ما يسمى صفقة القرن الأمريكية، فلسطين ليست للبيع، القدس ليست للبيع، لا مقايضة ولا مساومة على الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، وإذا كانت أمريكا تستطيع أن تحرك أساطيلها وجيوشها ومؤامراتها، فأنت بموقفك الثابت والتاريخي حركت الدنيا كلها، الجميع خرج للشوارع الأحياء والشهداء، المخيمات والقرى والمدن، الشجر والهواء والصلاوات، هي انتفاضة شعب لا يملك سوى الكرامة والإرادة العنيدة.

 

الرئيس أبو مازن: أنت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، لهذا قالوا عنك أخطر رجل في العالم، تمد يدك للسلام طويلاً وبثقة برغم الموت والحرب والقمع الذي يتعرض له شعبك، تحاربهم بالسلام والعدالة لهذا اعتبروا سلامك حربًا على أساطيرهم وخرافاتهم وأحلامهم الباطلة، وقد كشفت من حاول أن يتقمص دور الضحية، وعريته كجلاد وسجان يقف على أبواب أرضنا لا يجيد سوى إطلاق النار وحمل القيود وارتداء البساطير العسكرية.

 

الرئيس أبو مازن: أنت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، تسعى ليس فقط إلى تحرير شعبك من الاحتلال بل إلى تحرير المحتلين من عقلية الاحتلال، تحاول ان تمدهم بالمعونة الاخلاقية الإنسانية الثقافية ليستيقظوا ولا يغرقوا أكثر في الفاشية والعنصرية ولكنهم لا يأبهون.

 

الرئيس أبو مازن: ليس عندك طائرات ولا صورايخ ولا جيوش زاحفة، لا تملك سوى الكوفية وروح الحق والقدس والكنيسة والمؤمنين والساجدين لله المرابطين أحياء وشهداءً الصاعدين مع الدعاء والتراتيل والرجاء.

 

الرئيس أبو مازن : عندما اقترب ترامب من القدس ليهودها ويستوطنها بقراراته الباطلة غير الشرعية وقفت له أمام بوابات القدس، أطلقت الأذان وقرعت الأجراس فاستنفر التاريخ والشهداء والأنبياء، ولم يدخلوا المدينة وارتدوا خائبين.

 

الرئيس أبو مازن: وأنت الرجل الثمانيني، ما هذا الصبر المشتعل؟ ما هذه السياسة الصارخة التي أدّت إلى الانفجار الوردي في صدورنا فانطلقت براكين حياتنا؟ كانك تسعى إلى وضع حدّ لبؤس الدنيا كلها. 

 

الرئيس أبو مازن : حذّرت العالم من الخطر الماحق لدولة إسرائيل التي تمارس جريمة الفصل العنصري على السلم والأمن في العالم، وقلت إن السلام لا يبدأ إلا من فلسطين، ولا سلام بدون القدس، ولا دولة بدون القدس، ودعوت العالم كله أن يأتي إلى القدس ليتصدوا لإرهاب المستوطنين والمتطرفين الذين يقتحمون الصلاة والعبادة وكل ما هو مقدس في الكون.

 

الرئيس أبو مازن: أنت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، انضمت إلى أكثر من 105 معاهدة واتفاقية دولية، دولة محصنة قانونيًّا وحضاريًّا وحقوقيًّا، دولة تتألق في العدالة والإنسانية في الوقت الذي يغرق فيه الإسرائيليون في الجريمة المنظمة وفي الفساد الأخلاقي وقد تحولوا إلى دولة دكتاتورية عسكرتارية دينية ظلامية في هذه المنطقة.

 

الرئيس أبو مازن: أنت تزرع شجرة وهم يقلعونها، أنت ترسل كرسيًّا متحركًا لمقعد مبتور القدمين اسمه إبراهيم أبو ثريا، وهم يعدمونه في جريمة متعمدة، أنت تبني المدارس لأولادنا والحدائق برغم الجدار والاستيطان ونهب الأرض وهم يشنون حملات اعتقال واسعة في صفوف الأطفال، أنت تبني بيتًا في القدس وهم يهدمون، ولكنك تواصل البناء، تسقط مرة فتنهض وتسقط في عاشر مرة وتنهض لكنك لا تسقط أبدًا.

 

الرئيس أبو مازن: أنت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، فيها رجال يمضون 38 عامًا في السجون ولم يستسلموا، فيها إرادات تجوع وتجوع من أجل الكرامة والحرية والشرف، لا تخضع للمساومة والقرصنة المالية والابتزاز الإسرائيلي، تصرخ في وجوه العابثين بأن هؤلاء المناضلين ليسوا إرهابيين ومجرمين، بل هنا في منطقة الشرق الأوسط دولة ارهاب رسمي منظم هي إسرائيل دولة فجور سياسي، تنتج الإرهاب وتمارس الإرهاب، دولة عصابات خارج القانون.

 

الرئيس أبو مازن: أنت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، قبلت أن تعيش إلى جوارهم في دولة حرة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، فارتجفوا وارتعبوا واختبؤوا خلف الجدران والأبراج المسلحة، يخافون من الآخرين، مرضى معزولين، دولة آلية تعشق الموت والبقاء في معسكر، دولة تخاف من الحياة المشتركة التي تعطيها لهم، لا يعرفون سوى الضغط على الزناد، غارقون في الخطيئة.

 

الرئيس أبو مازن: أنت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، فيها النهر والشجر والنجمة والشهيد والشهيدة والأغنية والفراشة والأسيرة والأسير والموسيقى والإبداع ونشيد الصباح في المدارس، وفيها القدس وتاريخ القمح والعسل الأحمر والأحلام الكبيرة والصغيرة، لم تنس أن هذه البيوت بناها أجدادنا، وجروحنا لها صرخات هي نحن، وأن أرضنا لها رائحة السلام الأبيض والنرجس على ينابيع الماء، وقوة الذاكرة.