بعث رئيس الشعب الفلسطيني ابو مازن رسالة (الفرصة الأخيرة) للعالم من منبر للمجتمع الدولي والشرعية الدولية، ولأول مرة نسمعه يبتدئ رسالته وينهيها بنفس مضمون وجوهر العبارة، حتى انه ما بين المرة الأولى والأخيرة سمعناه وشاهدناه يكررها مرتين اثنيتين ايضا وكأنه يريد اسماعها لكل أمة الانسان على الأرض في جهاتها الأربع.

ابتدأ الرئيس رسالته التاريخية منبها العالم من ايصال الشعب الفلسطيني الى مرحلة اليأس من عملية السلام وتجريده من الأمل فقال: "حذار أن يُقتَل الأمل لدى شعبنا الفلسطيني، لقد جئت من أجل الأمل لا تضيعوا هذه من يدي. لقد جئتكم من قبل 13 مليون فلسطيني لنطالب بالسلام العادل فقط لا أكثر ولا أقل". ثم قال: في هذه اللحظة التاريخية، أمد يدي للسلام مجدداً قبل ضياع الفرصة الأخيرة"، ثم حذر من الضغط اكثر على الشعب الفلسطيني الذي لم يعد يحتمل الصبر اكثر، ثم وضع العالم أمام خطر انفجار سببه الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي، وللحيلولة دون ذلك قال الرئيس: "لا بد من تجديد الأمل لشعبنا لا تضيعوا الأمل لشعبنا، ولكل شعوب المنطقة في الحرية والاستقلال وتحقيق السلام، وبأن هناك أملاً بانتصار العالم الحر لحقوقه"، ثم نبه هذا العالم من أخطر جريمة قد يرتكبها المجتمع الدولي بصمته على افظع جريمة ترتكب بحق الشعب الفلسطيني لذا خاطب العالم قائلا: "لا تقتلوا هذا الأمل عند شعبنا".

لم يتوقف الرئيس ابو مازن عند هذا الحد وانما اعرب عن ايمانه كمناضل قائد للشعب الفلسطيني بإرادة الشعب وثوابته، ثم رسم ايمانه صورا بلاغية بوضوح ودقة عاليتين وختم رسالته بتحذير صريح ليس من خطر سلاح نووي فلسطيني أو بيولوجي أو باليستي ولا عابر للقارات، وإنما من النتائج المترتبة على قتل الأمل لدى الشعب الفلسطيني فقد قال، وهذا تذكير لمن لا يحسن الاصغاء عندما يتوجب الاستماع بكل الحواس، ولم يفهم معنى الكلام عندما يقرأ ويختم على قلبه وعقله بجدار كراهية او مواقف مسبقة، فالرئيس قالها صريحة: "حذار من قتل الأمل لدى شعبنا الفلسطيني، لقد جئت من أجل الأمل، فلا تضيعوا هذه من يدي". حتى اني فهمت هذه العبارة بنفس المغزى والمقصود من عبارة قائد الثورة الفلسطينية الشهيد ياسر عرفات ابو عمار التي ختم بها رسالته للعالم قبل حوالي 46 عاما عندما قال رحمه الله: "لقد جئتكم بغصن الزيتون في يد وجئتكم ببندقية الثائر المناضل باليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي" ورددها ثلاث مرات حتى يتيقن من وصولها الى ضمائر سامعيها لأن من بعدها مسؤولية تاريخية سيتحملونها إن اغفلوها، وها هو الرئيس أبو مازن وريث المنهج الوطني للنضال الفلسطيني يزيد عليها مرة اخرى فتصبح اربعا آخرها تحذير بائن.

وضع الرئيس ابو مازن الأمور في نصابها وبين اسباب رفض الشعب الفلسطيني لخطة ترامب الاستعمارية (الصفقة) وذلك لأنها: "ليست هي العدالة، ولأنها: "إملاءات، وتكرس الاحتلال والضم بالقوة العسكرية، وترسخ نظام الأبارتهايد"، ولأنها: "تكافئ الاحتلال بدلاً من محاكمته"، ولأنها: "تشرعن الاستيطان وضم اراض فلسطينية" ولأنها: "لأنها صفقة أميركية– إسرائيلية استباقية، لتصفية القضية الفلسطينية، اخرجت القدس الشرقية من السيادة الفلسطينية، وتحول شعبنا ووطننا إلى تجمعات سكنية ممزقة بلا سيادة على الأرض والحدود والمياه والأجواء، وتلغي قضية اللاجئين، وتدمر أسس العملية السلمية وتنسف الاتفاقيات الموقعة المستندة لرؤية الحل على اساس الدولتين على حدود عام 1967". ولأنها: "ليست شراكة دولية بل جاءت من دولة ومعها دولة لتفرضها على العالم ولتفرضها على الشرعية"، ولأنها: "تحتوي على 311 مخالفة للقانون الدولي"، ولأنها: "تقدم مساعدات اقتصادية بديلا عن الحل السياسي"، ولأنها: "تنكرت للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني"، ولأنها: "لم تلبِ الحد الأدنى من العدالة لشعبنا وفق الشرعية الدولية" ولأنها: "تدمر فرص السلام". ونزيد عليها واحدة من عندنا وهي لأنها تشرعن جريمة اغتيال الأمل عند الشعب الفلسطيني.

شعب فلسطين صاحب الحق التاريخي والطبيعي في ارض السلام فلسطين، ومن البديهي ان يكون رئيس الشعب الفلسطيني رئيسا للسلام، وجوهر كلامه رسالة سلام، ولكن سلام عادل حيث يتجسد الأمل بانتصار العالم الحر لحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في الحرية والاستقلال، وبسيادته على ارض دولته ومواردها.

 

الرئيس أبو مازن جدّد التأكيد للعالم بأن الشعب الفلسطيني لن يركع ولن يستسلم مهما عظمت التضحيات، وقدم نموذجًا لمعنى المسؤولية ليس بصفته رئيسا للشعب الفلسطيني وحسب، بل المسؤولية الأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها أي رئيس أو قائد او زعيم في هذا العالم، معني بأمن واستقرار شعوب العالم ورغبتها في السلام، فالرئيس أبو مازن يتحدث باسم شعب فلسطين التواق للحرية والاستقلال والسيادة والسلام مثل أي شعب وأكثر.