تقرير: علاء حنتش

لم تترك حكومة الاحتلال طريقة للتضييق على أبناء شعبنا في قطاع غزة إلا واستخدمتها، بداية من اعتداءاتها المتكررة التي استخدمت فيها شتى أنواع الأسلحة حتى المحرمة منها دوليا، مرورا بالحصار الذي يتواصل للسنة الرابعة عشرة على التوالي، وليس آخرا تحويل مياه الأمطار إلى أداة لتدمير البيئة والمحاصيل الزراعية.

سلطات الاحتلال تستغل السدود وأحواض الجمع الضخمة، التي شيدتها شرق قطاع غزة لتجميع مياه الأمطار في الشتاء لاستخدامها صيفا في ري المزروعات وتغذية المياه الجوفية، لكنها تستخدمها أيضا كعقاب للفلسطينيين، فتحرمهم من تدفق مياه الأمطار إلى أراضيهم تارة، وتستخدمها لإغراق آلاف الدونمات المزروعة بالمحاصيل الشتوية تارة أخرى.

محمية وادي غزة الطبيعة تتضرر بشكل كبير من هذا العدوان الموسمي، فالسدود وأحواض الجمع تمنع جريان المياه بشكل طبيعي الى محمية وادي غزة ما يؤدي الى جفافه، وتهديد التنوع البيئي فيه، وتؤثر على رفد الخزان الجوفي بالمياه العذبة.

رئيس سلطة جودة البيئة عدالة الأتيرة، قالت لـ"وفا": إن سياسة سلطات الاحتلال تجاه محمية وادي غزة وفتح سدود تجميع مياه الأمطار بشكل عشوائي، يؤكد أنها لا تأبه بحماية الطبيعة، وأن إجراءاتها وإعلان وزير جيشها نفتالي بنت الأخير عن تحويل سبع مناطق في الضفة المحتلة إلى محميات طبيعية وتوسيع 12 أخرى، يأتي في سياق سرقة الأرض الفلسطينية وتدمير البيئة.

وأوضحت أن محمية وادي غزة واحدة من 51 محمية طبيعية في فلسطين تعمل سلطة جودة البيئة على حمايتها والحفاظ على التنوع الحيوي فيها، رغم العقبات والعراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال أمام عمل "البيئة" في إدارة وحماية هذه المحميات.

الباحث المتخصص في قضايا المياه والبيئة في قطاع غزة أحمد حلس، قال إن وادي غزة يعتبر جزءا من هوية فلسطين وموروثا ثقافيا وحضاريا يزخر بالمواقع التاريخية، وصنف محمية طبيعية في كل الحقب التي حكمت القطاع من الانتداب البريطاني حتى عهد السلطة الوطنية الفلسطينية.

وأكد حلس ان الوادي تاريخيا كان يصله من 25 الى 30 مليون متر مكعب من الماء العذب القادم من ام الرشراش وجبال الخليل والنقب وكانت رافدا للخزان الجوفي في قطاع غزة، إلا أنه جف وتعرضت البيئة في المحمية إلى الخطر بفعل إجراءات الاحتلال التي تحتجز غالبية هذه الكميات خلف السدود وفي أحواض الجمع العملاقة.

وأشار إلى أن قيام الاحتلال بجمع المياه وعدم السماح بتدفقها بشكل طبيعي مخالف للقانون الدولي، ويأتي في اطار سياسة سرقة الموارد المائية الفلسطينية، التي أكدت الأمم المتحدة مرارا على حق الفلسطينيين في السيادة عليها.

المزارع أنور شمالي من قطاع غزة، قال إن إغراق الأراضي بمياه الأمطار أضرّ بالمزارعين ودمّر محاصيلهم الشتوية، إضافة إلى أن أراضيهم لا يمكن زراعتها في فصل الصيف لانها غرقت بالمياه.

وزارة الخارجية والمغتربين، اعتبرت إقدام دولة الإحتلال على فتح سدود مياه الأمطار بشكل متعمد ومدروس لإغراق الأراضي في المنطقة الزراعية الواقعة شرق قطاع غزة، جريمة حرب بامتياز وجزء لا يتجزأ من عدوان الإحتلال على شعبنا في قطاع غزة.

ورأت ان هذه الاجراءات تهدف إلى ضرب مقومات صمود المواطن الغزي وقدرته على المواجهة، وضمن مخطط إحتلالي بغيض يتكامل مع الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة ومشاريع الاحتلال الرامية لتكريس حالة الانقسام وفصل قطاع غزة عن الضفة المحتلة.

وكانت الأمم المتحدة قد جددت نهاية العام المنصرم التأكيد على سيادة الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة على موارده الطبيعية، في قرارٍ اعتمدته جمعيتها العامة بأغلبية 156 صوتاً ومعارضة الولايات المتحدة وإسرائيل وأستراليا وميكرونزيا وجزر مارشال وبالاو.

وأعربت الجمعية العامة في هذا القرار عن قلقها إزاء قيام سلطة الاحتلال الإسرائيلي باستغلال الموارد الطبيعية في الأراضي العربية التي تحتلّها منذ عام 1967.