قد يسقط شخص في فخ الجاسوسية فيمارس التجسس لصالح أعداء بلاده مرغما بدافع الخوف من انكشاف أمره، أو مقتنعا بما يفعل لأسباب شخصية يعزي بها نفسه كلما مالت نحو ضميره المكبل، لكن هذا الذي يؤدي تعامله سرا مع عدو بلاده إلى مقتل أشخاص أو إلحاق أضرار عسكرية أمنية أو اقتصادية لبلاده لكنه يبقى أقل خطرا من شخص يتبوأ موقعا سياسيا يعمل على تقزيم وتصغير وتحقير صورة شعب يكافح ويناضل منذ مئة عام ونيف لانتزاع حريته، ويعمل على اغتيال قيم وسلوك مناضلي وقادة حركة التحرر الوطنية واستبدال معاني العزة والكرامة والإباء والكبرياء والمواقف المبدئية التي تجسدها الشخصية الوطنية، بصور الخضوع والعبودية والتبعية والتذلل والاستعطاف الرخيص والنفاق والتلون كالحرباء السامة، (فهذا الشخص) يعتبر مرتكبا لجريمة (الخيانة العظمى) وفق أحكام وقوانين الشعوب الحرة.

يجسد اسماعيل هنية رئيس فرع جماعة الاخوان المسلمين المتسلل إلى فلسطين المسمى (حماس) صورة (هذا الشخص) يتنكر بثوب الجهاد والمقاومة، وينكر عن سابق تصميم وترصد لقواميس الرجولة والشهامة والنبل والاعتزاز والفخر التي كتبها الشعب الفلسطيني بيراع الفداء المغموس بمداد لا تنضب روافده دماء خيرة رجالاته ونسائه، ثم يقفز إلى (مستخدميه) مبديا استعداده لفعل أي أمر حتى ولو حرب بالوكالة لصالحهم مقابل تسميته و(جماعته الاخوانية) عنوانا لكتاب الشعب الفلسطيني، رغم معرفة المستخدم والمستخدم أن الشعب الفلسطيني لا يمثله (مهرجون) يبدلون أزياءهم في كل مناسبة ليكون لهم في كل مهرجان في دول الاقليم (رقصة) تناسب هوى ورغبات القائمين عليه، ولا يمثله بائعو دمائه وأسماء شهدائه، لا يمثله من أقسم على الولاء للجماعة على حساب الانتماء والولاء للوطن، لا يمثله من يعتبر فلسطين الوطن والقضية (مطية قوية) يمضي وهو (الأجرب) المترهل على ظهرها ليدخل بها بوابات عواصم لتصنع منه بطلا، فيما قادتها يعرفون أن الشخوص الكرتونية أصدق منه وأحسن، لكن ليس بأيديهم حيلة فهو بعد أن دخل سرب الوطنية الفلسطينية بثوب المقاومة وخدع من خدع، يأتيهم عاريا راضيا بأي ثوب يلقونه عليه حتى لو كانت عباءة مذهبية بالية، لكنها بجيبين واحد فيه شهادة ولاء مطلق وفي الآخر حفنة من الذهب!! .

هنية المنحني، الراكع حتى مستوى ركب (مرشديه) ليقبل أياديهم كالمتسول، كان يقصد ما يفعل، ويعلم الأهداف التي ستحققها سلوكياته الدنيئة، فهو عضو في جماعة أباحت وحللت وشرعنت (الانتحار) في أفظع مخالفة لشرع الله لبلوغ غايات وأهداف ثبت للجميع أنها كانت ترفد بحيرة رواية دولة الاحتلال الناقصة اسرائيل كلما اقتربت من مستوى الجفاف، هذا الشخص (هنية) لن يتورع عن فعل أي أمر يمكنه ويعيد له بعض سلطانه ومكانته في جماعته (سيئة الصيت) التي تنخرها الخلافات، ليس على النهج وكيفية تطبيق المبادئ وتحقيق الأهداف وإنما على مكاسب (مكتب الاستخدام والحروب بالوكالة) التي افتتحوها منذ انقلابهم قبل ثلاثة عشر عاما على المشروع الوطني وحركة التحرر الوطنية الفلسطينية وعلى الممثل الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني، واستثمروا خلالها دماء ومعاناة وآلام وعذابات مليوني فلسطيني في قطاع غزة في أربعة حروب استدرجوها مع الاحتلال الاسرائيلي لتثبيت خدعتهم الكبرى في وعي الجمهور الفلسطيني.. هنية وإخوانه في الجماعة نموذج قبيح مستورد ليس من طبيعة بلادنا ولا من طينة أهلها، لا مكان له في اللوحة الوطنية الفلسطينية الأجمل في منطقتنا العربية على الأقل، ففلسطين لوحة فسيفسائية واجهت الأزمان بصلابة أحجارها (انسانها) ولمعان ألوان قوس قزح المنعكسة من ضوء ونور شعبها الحضاري مصدر القيم وصانعها، أما الأحجار المنخورة الهشة (كأشخاص الجماعة) ومن شابهها فإن ودياننا تلفظها ولا ترضاها في قيعانها حتى.