بسم الله الرحمن الرحيم
حركة "فتح" - إقليم لبنان/ مكتب الإعلام والتعبئة الفكرية

 النشرة الإعلامية ليوم الجمعة 10/1/2020

 

*رئاسة

الرئيس ينعى المناضل الوطني المحامي الدكتور صلاح الدين الدباغ

 نعى رئيس دولة فلسطين محمود عباس، المناضل الوطني الكبير والأستاذ الجامعي المحامي صلاح الدين الدباغ، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الأسبق، الذي وافته المنية، يوم الخميس، في العاصمة اللبنانية بيروت عن عمر يناهز أربعة وثمانين عامًا قضاها مدافعًا عن قضية وطنه فلسطين.

وقال سيادته، إن فلسطين خسرت برحيل الدباغ مثقفا كبيرا ومناضلا عروبيا معروفا، أمضى عمره دفاعا عن الحق الفلسطيني وعن قضايا أمته العربية.

وكان المرحوم المحامي صلاح الدين الدباغ، قد شغل عدة مناصب رفيعة، من أبرزها رئيس الصندوق القومي الأسبق، وعضو المجلس الوطني الأسبق.

*فلسطين

"الخارجية": محاكم دولة الاحتلال تمييزية عنصرية والقضاء الإسرائيلي لا يمت للقانون بصلة

قالت وزارة الخارجية والمغتربين، إن محاكم دولة الاحتلال تمييزية وعنصرية وتعتمد على ازدواجية المعايير، وإننا إزاء نظام تمييز وفصل عنصري بغيض، وقضاء إسرائيلي لا يمت للقانون بصلة.

وتحدثت "الخارجية" في بيان لها، اليوم الجمعة، عن ما نشره الإعلام العبري، حول انتقاد "محكمة الصلح" الإسرائيلية بشدة لطريقة التعامل مع معتقلين إسرائيليين متهمين بأعمال إرهابية، أثناء التحقيق معهم خاصة التحقيق الليلي، حيث قالت القاضية الإسرائيلية إنه "تم انتهاك حقوقهم الأساسية بشكل صارخ وحرمانهم من النوم لساعات طويلة"، وأمرت المحكمة ب "توفير 8 ساعات نوم متواصلة لهم".

وأضافت الوزارة: أننا أمام قضاء إسرائيلي لا يمت للقانون بصلة، وإنما يمارس سياسة الاحتلال العنصرية كجزء لا يتجزأ منها، ويعطي الحق للإرهابي الاستمتاع بنوم متواصل لمدة ثماني ساعات يوميا، رغم أنه يخضع للتحقيق في جرائم ارتكبها بحق المواطنين الفلسطينيين، بينما يقر إجراءات عقابية قاسية بحق المعتقلين الفلسطينيين الذين يخضعون للتحقيق على يد الشاباك الإسرائيلي.

واعتبرت أن "قرار القضاء العسكري الإسرائيلي يعتمد على قومية المعتقل وديانته، وليس على حجم الجريمة"، ما يؤكد على نظام الكيل بمكيالين في التعاطي مع نفس الجرائم أو التهم، مؤكدة أن هناك تهاون كبير وتسهيلات غير محدودة للمتهم اليهودي الإرهابي، بالمقابل تشديد كبير على المعاملة والإجراءات المتبعة بحق الفلسطينيين.

وقالت: "المبدأ لا حقوق للمعتقل الفلسطيني بينما كل الحقوق والتسهيلات للمعتقل اليهودي، رغم وضوح التهم عليه".

ورأت الوزارة أن هذه المفارقة جزء لا يتجزأ من مهزلة الاعتقالات الصورية للعناصر الإرهابية، ومسرحية محاكماتهم الشكلية، لندرة عدد الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال من تلك العناصر التي تنتمي لمنظمات يهودية إرهابية علنية، ارتكبت جرائم بشعة بحق المواطنين الفلسطينيين، كما حدث في جرائم إحراق محمد أبو خضير، وعائلة دوابشة وغيرها من الجرائم التي طالت المواطنين الفلسطينيين بحماية قوات الاحتلال.

وأكدت الوزارة في بيانها أن هذا ينطبق على جنود الاحتلال الذين ارتكبوا جرائم قتل وإعدامات ميدانية بحق شعبنا الأعزل، كما حدث مع الشهيد عبد الفتاح الشريف، ويحدث باستمرار ضد المواطنين المدنيين المشاركين في مسيرات العودة في قطاع غزة.

واعتبرت أن هذه المحاكمات الصورية مهزلة مستمرة تقوم بها سلطات الاحتلال أحيانا، لتضليل الرأي العام العالمي والمحاكم الدولية، وغالبا ما تنتهي سريعا بالتغطية على المجرمين والقتلة وتبرأتهم، أو تخفيف الحكم عليهم ليصار لاحقا لمنحهم العفو من جهات في دولة الاحتلال.

وذكرت الوزارة إنها تتواصل بالتعاون مع المنظمات الحقوقية والإنسانية المختلفة، لتوثيق جرائم الاحتلال وعناصره وقياداته، وتتابعها يوميا مع الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية للدول، وصولا لمحاكمات علنية لكل من ارتكب أو دعم أو حرض على جرائم بحق أبناء شعبنا وأرضهم وممتلكاتهم.

*م.ت.ف

عريقات يدعو الاتحاد الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين وتقوية مؤسساتها وضمان إجراء الانتخابات

- قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.صائب عريقات، اليوم  الخميس، إن المطلوب من الاتحاد الأوروبي اليوم هو الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس، وضمان إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في فلسطين بما فيها القدس الشرقية، وإلغاء شروط التمويل التي فرضها على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني.

جاء ذلك خلال لقاء دبلوماسي دعا إليه عريقات مع سفراء الإتحاد الأوروبي للاحتجاج على شروط التمويل الجديدة التي فرضها الإتحاد الأوروبي على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وضمان إجراء الانتخابات، ونقاش آخر المستجدات على الساحة السياسية الدولية والداخلية.

وشدد عريقات في مستهل الاجتماع على تصميم القيادة الفلسطينية على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وإلزام إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بعدم عرقلة إجرائها في القدس وغيرها من أرض فلسطين المحتلة، وقال: "لن يصدر المرسوم الرئاسي قبل أن تتعهد إسرائيل بعدم عرقلة الانتخابات في القدس الشرقية". وطالب الدول الأوروبية بالضغط على إسرائيل وتقديم تعهد رسمي يفيد بإجراء الانتخابات

وأعرب عن إدانته الشديدة للتصريحات الرسمية الصادرة عن مسؤولي سلطة الاحتلال بما فيهم وزير جيش الاحتلال نفتالي بانيت فيما يتعلق بضم المنطقة المسماة (ج) إلى إسرائيل، وإقامة ملايين "المواطنين الإسرائيليين" في "يهودا والسامرة" خلال عقد من الزمن، وتصريحات مايك بومبيو المتناغمة مع السياسة الإسرائيلية المتطرفة حول ادعاء تعزيز فرص السلام من خلال دعم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، مشدداً على أن غياب المحاسبة الدولية ساهم في تقويض ركائز القانون الدولي وفرص السلام.

وركز عريقات خلال الاجتماع على ضرورة مواجهة وردع ممارسات الاحتلال وصولاً إلى إنهائه من خلال دعم وتقوية الموقف الفلسطيني، ودعم حل الدولتين من خلال الاعتراف بدولة فلسطين وتقوية مؤسساتها بدلاً من فرض شروط تعجيزية على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية وإضعافها، خاصة في ظل الحملة الإسرائيلية المدروسة والمنظمة على هذه المؤسسات وتحديداً من قبل "وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية" و"وكالة مراقبة المؤسسات غير الحكومية" التابعة لمكتب نتنياهو، وكذلك في ظل الهجمة الأميركية الشرسة على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مؤكداً أن هذه البنود والإجراءات التقييدية لا تتماشى مع التزام الإتحاد الأوروبي بحل الدولتين وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة، معرباً عن رفضه تجريم النضال الوطني الفلسطيني وإدراج أسماء أحزاب سياسية في فلسطين وكأنها "مؤسسات إرهابية".

وقال: فشلت الدول الأوروبية حتى الآن في اتخاذ أية خطوات ملموسة لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها الممنهجة والمتواصلة، بينما اتخذت إجراءات المساءلة الوحيدة ضد الجانب الفلسطيني تحت مزاعم "التحريض" أو "دعم الإرهاب"، وفي الوقت الذي لا يحاسب فيه الاتحاد الأوروبي المنظمات والشخصيات الداعمة للمستوطنات غير القانونية وأولئك الذين يدمرون حل الدولتين".

من جهة أخرى، شكر عريقات وزير خارجية لوكسمبورغ على الجهود الداعمة للسلام من خلال الإقرار بالحاجة إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وأضاف: "إن الاعتراف هو قرار فردي وسيادي لكل دولة علماً أن أوروبا قد تأخرت أربعين عاماً منذ إعلان "البندقية" عن الاعتراف بفلسطين على حدود 1967. كما قدم الشكر لوزير خارجية إيرلندا على طلبه من الاتحاد الأوربي اتخاذ موقف واضح من سياسة الضم الإسرائيلية غير القانونية.

وفي سياق متصل، حثّ عريقات دول الاتحاد الأوروبي على دعم قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، والنظر في صياغة البراهين لدعمها، وتأييد الحق والعدل باعتباره البوابة الرئيسية لإحلال السلام. كما دعا دول الاتحاد إلى الضغط من أجل الإفراج عن قاعدة البيانات التابعة للأمم المتحدة والمتعلقة بالشركات العاملة والمتواطئة مع الاستيطان والاحتلال.

*مواقف فتحاوية

الأحمد: مركزية فتح في حالة انعقاد دائم لمواجهة التحديات وجادون في إجراء الانتخابات

قال عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، إن اللجنة المركزية في حالة انعقاد دائم لمواجهة المخاطر، واتخاذ القرارات اللازمة في ضوء الأوضاع الراهنة، خاصة مع التوتر الأخير الذي يسود الشرق الأوسط، ومحاولات زج المنطقة العربية بما فيها فلسطين في الصراع.

وأشار الأحمد في حديث لبرنامج "ملف اليوم" عبر تلفزيون فلسطين، إلى أنه جرى خلال اجتماع المركزية التركيز على الوضع السياسي والممارسات الإسرائيلية في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، والبند الداخلي والوضع التنظيمي والإداري لحركة فتح، والعلاقات العربية والدولية، مبينا أن قضية الانتخابات أخذت الحيز الأكبر من المباحثات.

ولفت إلى أنه تم استعراض ما تقوم به إسرائيل داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، خاصة بعد أن أصبحت تطرح الوضع الفلسطيني في المزاد الانتخابي الاسرائيلي، متطرقا إلى تصريحات نتنياهو التي قال فيها: "لن نسحب مستوطن واحد من الضفة الغربية، والسيادة على الأراضي غرب نهر الأردن كاملة هي لإسرائيل"، وبالتالي حسب منطقه "لا توجد دولة فلسطينية".

وأضاف الأحمد "تم الحديث عن المشهد في قطاع غزة عندما خرجت الجماهير عن بكرة أبيها لإحياء الذكرى الـ55 لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".

وأوضح أنه عادة عندما تجري الانتخابات، فإننا نبلغ الجانب الاسرائيلي ولا نستأذنه، كونها الدولة التي ما زالت تحتلنا، منوها إلى أنه جرى إبلاغها شفويا منذ البداية حتى لا تضع العراقيل أمام إجرائها في القدس والمناطق "ج".

وقال: "بعد ثلاثة أسابيع، طلب الجانب الاسرائيلي رسالة خطية من رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، وقمنا بإرسالها منذ شهر، وحتى الآن لم ترد إسرائيل عليها بنعم أو لا".

وكشف الأحمد عن اجتماع سيعقده أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، مع ممثلي الدول الأوروبية، ليطلب منهم مرة أخرى الضغط على إسرائيل، مبينا أن الردود الشفوية الأولية سلبية حسب ما سرب من الإعلام الإسرائيلي، إلا أن القيادة تريد كلاما رسميا واضحا.

وأضاف: "في حال رفضت اسرائيل ذلك، سندرس الاحتمالات التي من الممكن القيام بها، لأننا جادون بإجراء الانتخابات، وسيدعو الرئيس محمود عباس الفصائل لدراسة الوضع، ليكون القرار جماعيا وطنيا متفقا عليه".

وقال الأحمد: من الصعب إجراء الانتخابات خلال هذه الفترة، كون الانتخابات الإسرائيلية على الأبواب، ويجب التروي لمعرفة إلى أين تتجه إسرائيل، مضيفا ان "فتح" تعمل وتستعد وشكلت اللجان ذات الاختصاص، للتحضير للانتخابات.

واعتبر أن عدم رد إسرائيل نابع من رغبتها بأن نبقى معلقين، وألا تصطدم هي مع الوسطاء، مشيرا إلى أن بعض الأوروبيين طرحوا التصويت الإلكتروني من مدينة القدس، مؤكدا أن ذلك غير مقبول.

وذكر أن الرئيس محمود عباس طلب من مركزية فتح، دراسة كل الاحتمالات وكيفية جعل الانتخابات مادة صراع مع إسرائيل، مضيفا إننا دولة تحت الاحتلال، وواجب المجتمع الدولي أن يوفر لنا كل الإمكانيات السياسية والمادية، بما فيها استخدام مقراتهم داخل القدس.

وفيما يتعلق بالحلول إذا ما واصلت إسرائيل رفضها، قال الأحمد: "من المبكر الحديث عنها"، فهل نشكل برلمان الدولة؟ وهل المجلس الوطني يصبح هو برلمان الدولة؟".

وتابع: "نريد أن ننفصل عن الاحتلال بأي شكل من الأشكال، وفي حال انهارت السلطة فالبديل الدولة، وقد نقدم على خطوات ونطلب من الأمم المتحدة مساعدتنا باستخدام الفصل السابع" (الفصل السابع: فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان).

وأشار الأحمد إلى أنه يتم التركيز على التهدئة بين حماس وإسرائيل، لتفتيت وحدة شعبنا والقوى الفلسطينية، لافتا إلى أن نتنياهو يعمل لاستمرار الانقسام، لتمرير مخططاته الاستيطانية، معربا عن أمله بأن تكون حماس جزءا لا يتجزأ من الحركة الوطنية الفلسطينية، وأن تدرك معنى الحديث عن تهدئة طويلة الأمد التي تؤسس لدويلة في غزة.

وبين الأحمد أن جميع الفصائل الموجودة في غزة نفت علاقتها بالتهدئة، وأنها لم توقع عليها، كما ترفض إقامة المستشفى الأميركي، معتبرا ذلك أنه تأكيد على أن حماس تتفرد بالقرار الوطني، فالمفاوضات شأن منظمة التحرير وليس شأن فصيل منفرد.

وقال: "نأمل من الجميع ألا يتورطوا باتفاقيات سنعتبرها غير شرعية وضد شعبنا"، مضيفا "نحن مع التهدئة ووقف إطلاق النار بما لا يتناقض مع حقوق شعبنا".

 

*أخبار فلسطين في لبنان

السفير دبور يلتقي مسؤول الجبهة الشعبية – القيادة العامّة في لبنان

 التقى سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، اليوم الخميس 9-1-2020، مسؤول الجبهة الشعبية – القيادة العامّة في لبنان أبو كفاح غازي يرافقه عضو اللجنة المركزية للجبهة محمد العينين.
وجرى خلال اللقاء بحث أوضاع أبناء شعبنا في مخيّمات لبنان بخاصّةٍ في ظلِّ الظروف الدقيقة والصعبة التي يمرُّ بها لبنان الشقيق.

*آراء

السّياحةُ الدينيّة والإفتاءُ السياسيُّ/ بقلم: د.خليل نزّال   

خصَّ اللهُ فلسطينَ بحلّةٍ من المزايا التي انفردتْ بها بينَ كلِّ الأوطانِ، ولا نقاشَ في أنَّ الميزةَ الأولى هي شعبُها الذي أُسنِدَ إليهِ شرَفُ الرّباطِ في هذهِ الأرضِ المبارَكةِ إلى يومِ الدّين. هذا الرّباطُ هو سرُّ العلاقةِ بينَ الفلسطينيِّ ووطَنِهِ، وهو ميزةٌ تجعلُ من مجرّدِ الثّباتِ في الأرضِ جُهداً مقاوِماً، فما بالُكَ حينَ يترافقُ الثّباتُ مع شرَفِ الدّفاعِ عن الوطنِ وحمايتِهِ بغضِّ النّظرِ عن الثّمنِ الذي يمكِنُ أنْ يدفَعَهُ المرابِطُ مقابلَ صيانةِ حقّهِ في وطنِ آبائهِ وأجدادِه؟ الآباءُ والأجدادُ في المفهومِ الفلسطينيِّ ليسوا أناساً طارئينَ أو قادمينَ من خلفِ البحارِ النّائيةِ، لكنّهم حكايةٌ طويلةٌ تمتدُّ فصولُها في التّاريخِ لتصلَ إلى بداياتِهِ التي حفرَها أوّلُ إنسانٍ وقفَ على ساقَيْهِ واستخدمَ عقْلَهُ وما وهبَهُ الله لهُ من عِلْمٍ ليَشتقَّ من أرضِ فلسطينَ قوتَهُ ويبني فيها دعائمَ ثقافتِهِ وبقائهِ. أجدادُنا هم الكنعانيّونَ واليبوسيّونَ، وهم القِدّيسونَ الذينَ رافقوا السيّدَ المسيحَ وانتشروا في الأرضِ مبشّرينَ برسالتِهِ، وأجدادُنا هم أولئكَ الذينَ شرّفَهم رسولُ اللهِ بإسرائهِ إلى القُدسِ وهو في طريقهِ إلى السّماء. هؤلاء هم الذين جعلوا فلسطينَ قادرةً على البقاءِ ونقشوا اسمها وشماً على جبين التّاريخِ بطريقةٍ تمزجُ بينَ عبادةِ اللهِ وعشقِ الأرضِ وإثراءِ الإنسانيّةِ بكلِّ ما تنعُمُ بهِ من قيَمِ الخيرِ والتّسامحِ والفداءِ والتضحية.

أرضُ فلسطينَ هي حالةٌ تاريخيّةٌ وثقافيّةٌ نادرةٌ، ولا يعني استمرارُنا في النضالِ من أجلِ انتزاعِ حرّيتنا أن نغفلَ عن مزايا الوطنِ التي يمكنُ لنا استخدامُها كرافدٍ من روافدِ الصّمودِ والمقاومةِ والاعتمادِ على الذّاتِ بعيداً عن ابتزازِ "المانحينَ" وقَرصَنةِ دولةِ الاحتلالِ والاستيطان. نعلمُ كيف يصرُّ بعضُ الظّلاميّينَ على تحريمِ وتجريمِ زيارةِ القُدسِ بصفتِها عاصمةَ الدّولةِ الفلسطينيّةِ الواقعةَ تحتَ الاحتلالِ، معلّلينَ "فتواهم" بأنَ زيارةَ القُدسِ هي اعترافٌ بالاحتلالِ، بينما يصْمتُون عندَ رفعِ الأعلامِ الإسرائيليّةِ ويتعامَونَ عن وجودِ القواعدِ الأمريكيّةِ على مرمى بصَرِهم ولا يعتبرونَ ذلكَ أمراً مشيناً ومخالفاً للدينِ والأخلاقِ والواجب. ولا يمكنُ فهمُ هذا الموقفِ إلا في إطارِ ترسيخِ القطيعةِ بينَ فلسطينَ ومحيطِها الطبيعيِّ، وهو هدفٌ يسعى الاحتلالُ إلى تحقيقهِ فلا يجدُ أحداً يهبُّ لمساعدتِهِ سوى بعضِ شيوخِ الفِتنةِ. يعلمُ القاصي والدّاني حجمَ التضييقِ والحصار ِالذي يتعرّضُ لهُ الوجودُ الفلسطينيُّ في القُدسِ، ولولا صلابةُ أهلِنا المقدسيّينَ وثباتُهم في مقاومةِ سياسةِ الاحتلالِ والتصدّي لجيشهِ ومستوطنيهِ لكانت معالمُ القُدسِ قد تغيّرت منذُ زمنٍ طويل. لكنَّ استمرارَ ثباتِ المقدسيّينَ بحاجةٍ إلى إسنادِهم ودعمِهم بشكلٍ مباشرٍ بدلاً من تبديدِ أموالِ الأمّةِ في عواصمِ الدّولِ التي تناصِبُ شعبَنا وامّتَنا العداءَ وتنشرُ الخرابَ والدّمارَ في بلدانِنا وتُغدقُ المساعداتِ على دولةِ الاحتلالِ والاستيطان.

"السياحةُ الدّينيّةُ" مفهومٌ جديدٌ يفرّقُ بينَ السياحةِ العاديّةِ وزيارةِ الأماكنِ المرتبطةِ بالأديانِ السّماويّةِ. وإذا كانَ الحجيجُ إلى مكّةَ المكرّمةِ فرضاً من فروضِ الإسلامِ ليسَ له طابعهُ "الاقتصاديُّ" المباشرُ، فإنّ زيارةَ الأماكنِ المقدّسةِ في فلسطينَ هي واجبٌ دينيٌّ وسياسيٌّ وأخلاقيٌّ. ولا يقلُّ عن ذلكَ أهميّةً الاعتناءُ بالأماكنِ المسيحيّةِ المقدّسةِ، فهي إضافةً إلى كونِها كنزاً وثروةً وطنيّةً ودينيّةً وثقافيّةً، عمودٌ من أعمدةِ الاقتصاد الوطنيِّ ووسيلةٌ من وسائلِ توفير الدّخلِ على المستوى الخاصِّ والعامِّ بما يساهمُ في تعزيزِ الاقتصادِ المقاوِمِ القادرِ على الانفكاكِ من شبكةِ العلاقاتِ التي تربطهُ باقتصادِ الاحتلال. وغنيٌّ عن القولِ أنّ زيارةَ الأماكنِ المقدّسةِ هي مناسبةٌ للتعرّفِ عن قربٍ على معاناةِ شعبنِا والاطّلاعِ على ما يمارسُهُ الاحتلالُ من بطشٍ وإرهابٍ واستيطانٍ. نعلمُ من شهاداتِ زوّارِ فلسطينَ كيف تترسّخُ في أذهانهِم صورةُ جدارِ الفصلِ العنصريِّ وبوّابةِ الدّخولِ إلى مدينةِ بيتَ لحم، ونعلمُ في المقابلِ كيفَ يحتفظُ السيّاحُ بصورةٍ مشرقةٍ عن شعبِنا المضيافِ الذي لم يُسجَّلْ عليه حادثةُ اعتداءٍ واحدةٌ على ضيوفِ فلسطين، وهذا نابعٌ من طبيعةِ هذا الشّعبِ ووعيهِ بأهميّةِ ما وضعَهُ اللهُ بينَ يديهِ من صروحِ الدّينِ وكنوزِ الحضارةِ والثّقافةِ الإنسانيّة.

*فلسطينُ قِبلةُ المؤمنينَ وضالّتُهم، ولا ثروةَ تفوقُ في قيمَتِها الأماكنَ التي ولِدَ فيها أو مرَّ منها أنبياءُ اللهِ ورُسُلُهُ، وهي هديّةُ اللهِ التي وهبَها لوطنِنا فلسطين، وواجبُنا هو الحفاظُ عليها والاستعانَةُ بها لتساعدَنا على الصّمودِ والبقاءِ حرّاساً للأرضِ ومقدّساتِها.