تقرير: أبو شريف رباح
تجمُّع القاسمية، أو كما يُطلق عليه عاصمة التجمُّعات الفلسطينية في الشتات، هو تجمُّع يقع على الطريق الساحلي بين مدينتَي صيدا، يتبع بلدية بلدة برج رحال. وتقطن التجمُّع أكثر من خمسمائة عائلة فلسطينية منذ النكبة، أي نحو أربعة آلاف نسمة وثلاثمائة نازح فلسطيني من سوريا، حيث يجمع في أحيائه الأربعة عشائر: الحمدون واللهيب والمحمدات والنميرات والغوارنة.
في فصل الشتاء يجتمع أفراد العائلة حول "كانون النار" لتتدفأ من البرد، ويتسلون بفنجان من القهوة العربية (المرة)، ويدغدغ أحاسيسهم صوت زخات المطر مع حبات البرد على أسطح منازلهم التي ما يزال الكثير منها من الـ"زينكو" والـ"اتارنيك".
لكن مع تحملهم البرد القارس في ظل العواصف الشديدة التي ضربت لبنان والوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر معظم أبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان، فاجأت سكان بعض منازل التجمع سيول من المياه من جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت اليوم الخميس ٩- ١- ٢٠٢٠، حيثُ اجتاحت المنازل والطرقات -ولله الحمد- لم تتسبّب بخسائر بشرية لكنَّها ألحقت خسائر مادية بمحتويات المنازل من أثاث وما شابه.
غير أنَّ هذه المعاناة ليست بالجديدة على التجمُّع، ففي فصل الشتاء دائمًا ما تحدث هذه الفيضانات بسبب السيول والأمطار الشديدة وبسبب غياب بنية تحتية مجهّزة لتصريف مياه الأمطار والسيول.
العائلات تعيش أوضاعًا مزرية
واقعٌ أليم تعانيه خمسمائة عائلة وأكثر تقطن تجمُّع القاسمية، أكبر التجمُّعات الفلسطينية في لبنان، حيثُ بات من المـُلِحِّ النظر إلى ظروف حياتها من قِبَل وكالة "الأونراو" التي لا تعترف بالتجمُّع أصلاً، علمًا أنَّ أكثر عائلات التجمع من الفلسطينيين البسطاء الفقراء الذين يعملون في الزراعة وقطاف الحمضيات، وهو غير مدعّم ببنية تحية للصرف الصحي ومياه الشتاء الشديدة.
وفي هذا السياق، يقول أحد سُكّان التجمُّع الذين اجتاحت السيول منزلهم، "مع قدوم فصل الشتاء كل سنة يحصل الشيء نفسه.. تدخل مياه السيول الجارفة للأتربة والأوساخ وكل ما تقابله في طريقها وتغرق البيوت والشوارع".
وهو ما يؤكّده بدوره أحد الأهالي مضيفًا: "حتى أمواتنا لم يسلموا من السيول والطوفان، ففي إحدى السنوات القليلة الماضية جرف طوفان نهر الليطاني قبور أمواتنا في مقبرة التجمُّع القريبة منه".
ويتابع: "نُطالب وكالة "الأونروا" والجمعيات الدولية المعني!ة بزيارة التجمُّع للاطلاع على الأضرار التي سبّبتها السيول، والعمل على تعويض الخسائر المادية، وإيجاد حل جذري ينهي هذا الأمر الذي يتكرّر مع كل فصل شتاء.. لا بل مع كل عاصفة".
يُشار إلى أنَّ العديد من عائلات التجمع انتقلت لتنام ليلتها عند الأقارب والجيران بانتظار حل مشكلتها المتكررة، وإيجاد قطعة أرض لدفن الموتى بعد أن امتلأت مقبرة التجمُّع القديمة.
اللجنة الشعبية تناشد إغاثة أهالي القاسمية
ناشدت اللجنة الشعبية في القاسمية الجهات المعنية كافّةً بدءًا من وكالة "الأونروا" مرورًا بالمؤسسات والجمعيات والفصائل الفلسطينية بالنظر إلى وضع اللاجئين الفلسطينيين في تجمع القاسمية وجميع التجمعات في الشريط الساحلي، وطالبتهم بالتدخل السريع لتحسين أوضاعهم الاجتماعية والمعيشة، في ظل التجاهل الواضح من قِبَل "الأونروا" لهذه التجمعات.
وحذّرت كذلك اللجنة الشعبية من مشكلة انتشار الأمراض في صفوف سُكّان التجمع صيفًا بسبب تكدُّس النفايات في الطرقات لعدم وجود مكب للنفايات، وفي ظل عدم اعتراف وكالة "الأونروا" بمسؤوليته عن هذه التجمعات، إذ يتم جمع النفايات أسبوعيًّا عن طريق جمعية المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية (PARD) التي تعمل في التجمعات الفلسطينية منذ أكثر من ثلاثين عامًا.
وطالبت اللجنة الشعبية في القاسمية وكالة "الأونروا" بأن تشمل خدماتها جميع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان سواء أكانوا في المخيمات أم في التجمعات، مُشدّدةً على ضرورة أن يُعامَل الفلسطيني كلاجئ إن كان يسكن في المخيَّم أو التجمُّع.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها