ترجّل فارس الصوت والكلمة عن صهوة الجواد. ترك مسرح الحياة لفرسان جدد، غير ان صدى صوته الأول والخالد كان هادرا ومجلجلا، عندما كان الأثير يولد شرارات الثورة في ربوع الأرض وخاصة في فلسطين المحتلة. كان أحمد عبد الرحمن من الكتيبة الاعلامية الثورية ألأولى، وقائدا لإذاعة صوت العاصفة في ريف درعا السورية. ورغم الزمن المحدود، الذي كانت تبثه إذاعة الثورة، كان صداها وهديرها عاليا، وصاخبا أعلى من صخب أصوات القذائف والرشاشات من كل الأصناف، وكانت الجماهير الفلسطينية والعربية تنتظر يوميا صوت احمد الشاب القوي، لتتابع من خلال ما يدلي به من بلاغات ومواقف، واخبار ونشاط المجموعات الفدائية في الوطن المحتل، وفي جبهات القتال في دول الطوق المحيطة بفلسطين.
امتاز ابو يزن حتى آخر يوم في حياته بالدقة في صياغة الكلمة. لهذا بعد أن ترك حقل الإذاعة تولى رئاسة تحرير مجلة "فلسطين الثورة" المجلة المركزية لمنظمة التحرير تحت إشراف القائد الراحل ماجد أبو شرار. التي لعبت دورا مهما ومتقدما في نشر الوعي السياسي بين أبناء الشعب الفلسطيني، وكانت منبرا جامعا لكل الكفاءات الفلسطينية والعربية والأممية الإعلامية، وأسهمت في الدفاع عن قرار الثورة الفلسطينية في كل المنعطفات وأمام التحديات، التي واجهت الثورة في الداخل والخارج. وكان قلم رئيس التحرير سيفا ماضيا وحادا في مجابهة الخصوم والأعداء من كل لون واتجاه.
كما كان دوما على رأس لجان صياغة بيانات الاجتماعات المركزية لمنظمة التحرير لقدرته وحنكته السياسية، وحتى زمن قريب جدا بقي القائد المبدع احمد رئيسا للجنة الصياغة في المنظمة، وتجلت براعته في امتلاكه فن التركيب المتقن للجملة السياسية، وإخراج المواقف السياسية الجامعة بين الكل الوطني. كما واحتل موقع الناطق الرسمي لحركة فتح لفترات طويلة من الزمن لكفاءته وإبداعه الإعلامي. وكان منفتحا على كل فكرة جديدة. لم يكن متزمتا، ويرفض التطرف والأقصوية. نهل من القامات الإعلامية، التي سبقته في الميدان، وتحديدا من المعلم الأول فؤاد ياسين، الذي يعترف الجميع بجدارته وبراعته وكفاءته الإعلامية. كما تعلم من انداده ومن اشقائه العرب وخاصة في مصر من كتاب مجلة الطليعة الشيوعيين، الذين ساهموا بقسطهم في الدفاع عن الثورة بالكتابة لإذاعة صوت العاصفة، وصوت فلسطين من القاهرة. كما انه كان معلما بارعا لهم من خلال تجربته وريادته في فن الكتابة والتقديم الإذاعي.
أحمد عبد الرحمن لم يكن رقما بين الأرقام، بل كان رقما متميزا بمواقفه الشجاعة والصلبة، وعنيدا عندما تستدعي الضرورة الثبات على المواقف. لم يجامل، ولم يداهن، ولم يناور، لكنه كان لاعبا محترفا في فن صياغة الجملة السياسية الهادفة. وعندما كان يتعلق الأمر بمصير ومكانة الثورة ومنطمة التحرير وقيادتها الشرعية، كان أحمد بمثابة بركان عاصف في الرد والتصدي لكل القوى المتطاولة أنظمة أم قوى، أو شخصيات ذات أجندات خاصة.
ابن بيت سوريك المقدسية احتل مواقعه في الثورة والمنظمة والسلطة بجدارته، وليس لانه ابن حركة فتح، انما لانه كان أهلا للمواقع، التي تولى قيادتها. ولانه كان وحدويا، حتى ان اقرانه في حركة فتح، كانوا يعتبرونه يساريا، وهو نفسه يقول، قد أكون تأثرت ببعض الأفكار والمواقف اليسارية، لكني كنت دوما وطنيا وقوميا ديمقراطيا بامتياز.
سيرة ابو يزن يطول الحديث عنها، كونه عايش مراحل الثورة منذ البدايات بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967 مباشرة، عندما التحق بحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وهو مازال طالبا في جامعة دمشق. وتابع مشواره الوطني والثوري بهمة وصلابة واقتدار من السودان إلى سويسرا.... إلى القاهرة وكل العواصم، التي جال فيها مع الرئيس الرمز الراحل المؤسس ابو عمار، الذي أوفاه بعض حقه في كتابه، الذي اصدره بعنوان "عشت في زمن ياسر عرفات". وكان قريبا وصديقا للرئيس الرمز ابو مازن، وربطته علاقات وطيدة مع مختلف قيادات الثورة الفلسطينية. وهو صاحب رأي شجاع ونبيه، لا يقبل القسمة على التردد، حتى عندما أخلى مكانه كناطق للحركة والمنظمة ترك للأجيال الجديدة من الفرسان ميراثا ينهلون منه، لان ابا يزن شكل مدرسة سياسية فكرية وإعلامية مهمة، لا يمكن لاحد ان ينساها، أو يقفز عنها.
جمعتني بالراحل صاحب الصوت والكلمة والقلم المتميز علاقات وطيدة، وكنت احب الاستماع اليه، ولتجربته، وللتاريخ الذي عاشه، ولفت نظري للكثير من المواقف والمحطات المهمة، التي عايشها، وأثرت المسيرة الوطنية، وحتى آخر لحظة من تاريخ حياته، كان يتابع بحيوية المواقف السياسية على كل الصعد والمستويات، ويشير للملاحظات والمواقف الواجب تداركها، ويحرص على تسجيل رأيه، ويسعى لإيصال صوته ووجهة نظره لصناع القرار من الانقلاب الحمساوي، ومن الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية، والمواقف والسياسات الأميركية والعربية والداخلية الفتحاوية والوطنية عموما.
رحل القائد المبدع أحمد عبد الرحمن يوم الإثنين الماضي مطلع كانون أول/ ديسمبر الحالي (2019) عن عمر يناهز ال76 عاما. لكن صدى صوته مازال صادحا في فضاء فلسطين، وسيبقى مجلجلا وخالدا إلى آخر الزمان. لانه حفر اسمه بقوة في سجل الخالدين الوطني. وداعا ابا يزن، وسلاما إلى روحك الباقية أبداً.
ترجل فارس الصوت والكلمة عن صهوة الجواد. ترك مسرح الحياة لفرسان جدد، غير ان صدى صوته الأول والخالد كان هادرا ومجلجلا، عندما كان الأثير يولد شرارات الثورة في ربوع الأرض وخاصة في فلسطين المحتلة. كان أحمد عبد الرحمن من الكتيبة الاعلامية الثورية ألأولى، وقائدا لإذاعة صوت العاصفة في ريف درعا السورية. ورغم الزمن المحدود، الذي كانت تبثه إذاعة الثورة، كان صداها وهديرها عاليا، وصاخبا أعلى من صخب أصوات القذائف والرشاشات من كل الأصناف، وكانت الجماهير الفلسطينية والعربية تنتظر يوميا صوت احمد الشاب القوي، لتتابع من خلال ما يدلي به من بلاغات ومواقف، واخبار ونشاط المجموعات الفدائية في الوطن المحتل، وفي جبهات القتال في دول الطوق المحيطة بفلسطين.
امتاز ابو يزن حتى آخر يوم في حياته بالدقة في صياغة الكلمة. لهذا بعد أن ترك حقل الإذاعة تولى رئاسة تحرير مجلة "فلسطين الثورة" المجلة المركزية لمنظمة التحرير تحت إشراف القائد الراحل ماجد أبو شرار. التي لعبت دورا مهما ومتقدما في نشر الوعي السياسي بين أبناء الشعب الفلسطيني، وكانت منبرا جامعا لكل الكفاءات الفلسطينية والعربية والأممية الإعلامية، وأسهمت في الدفاع عن قرار الثورة الفلسطينية في كل المنعطفات وأمام التحديات، التي واجهت الثورة في الداخل والخارج. وكان قلم رئيس التحرير سيفا ماضيا وحادا في مجابهة الخصوم والأعداء من كل لون واتجاه.
كما كان دوما على رأس لجان صياغة بيانات الاجتماعات المركزية لمنظمة التحرير لقدرته وحنكته السياسية، وحتى زمن قريب جدا بقي القائد المبدع احمد رئيسا للجنة الصياغة في المنظمة، وتجلت براعته في امتلاكه فن التركيب المتقن للجملة السياسية، وإخراج المواقف السياسية الجامعة بين الكل الوطني. كما واحتل موقع الناطق الرسمي لحركة فتح لفترات طويلة من الزمن لكفاءته وإبداعه الإعلامي. وكان منفتحا على كل فكرة جديدة. لم يكن متزمتا، ويرفض التطرف والأقصوية. نهل من القامات الإعلامية، التي سبقته في الميدان، وتحديدا من المعلم الأول فؤاد ياسين، الذي يعترف الجميع بجدارته وبراعته وكفاءته الإعلامية. كما تعلم من انداده ومن اشقائه العرب وخاصة في مصر من كتاب مجلة الطليعة الشيوعيين، الذين ساهموا بقسطهم في الدفاع عن الثورة بالكتابة لإذاعة صوت العاصفة، وصوت فلسطين من القاهرة. كما انه كان معلما بارعا لهم من خلال تجربته وريادته في فن الكتابة والتقديم الإذاعي.
أحمد عبد الرحمن لم يكن رقما بين الأرقام، بل كان رقما متميزا بمواقفه الشجاعة والصلبة، وعنيدا عندما تستدعي الضرورة الثبات على المواقف. لم يجامل، ولم يداهن، ولم يناور، لكنه كان لاعبا محترفا في فن صياغة الجملة السياسية الهادفة. وعندما كان يتعلق الأمر بمصير ومكانة الثورة ومنطمة التحرير وقيادتها الشرعية، كان أحمد بمثابة بركان عاصف في الرد والتصدي لكل القوى المتطاولة أنظمة أم قوى، أو شخصيات ذات أجندات خاصة.
ابن بيت سوريك المقدسية احتل مواقعه في الثورة والمنظمة والسلطة بجدارته، وليس لانه ابن حركة فتح، انما لانه كان أهلا للمواقع، التي تولى قيادتها. ولانه كان وحدويا، حتى ان اقرانه في حركة فتح، كانوا يعتبرونه يساريا، وهو نفسه يقول، قد أكون تأثرت ببعض الأفكار والمواقف اليسارية، لكني كنت دوما وطنيا وقوميا ديمقراطيا بامتياز.
سيرة ابو يزن يطول الحديث عنها، كونه عايش مراحل الثورة منذ البدايات بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967 مباشرة، عندما التحق بحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وهو مازال طالبا في جامعة دمشق. وتابع مشواره الوطني والثوري بهمة وصلابة واقتدار من السودان إلى سويسرا.... إلى القاهرة وكل العواصم، التي جال فيها مع الرئيس الرمز الراحل المؤسس ابو عمار، الذي أوفاه بعض حقه في كتابه، الذي اصدره بعنوان "عشت في زمن ياسر عرفات". وكان قريبا وصديقا للرئيس الرمز ابو مازن، وربطته علاقات وطيدة مع مختلف قيادات الثورة الفلسطينية. وهو صاحب رأي شجاع ونبيه، لا يقبل القسمة على التردد، حتى عندما أخلى مكانه كناطق للحركة والمنظمة ترك للأجيال الجديدة من الفرسان ميراثا ينهلون منه، لان ابا يزن شكل مدرسة سياسية فكرية وإعلامية مهمة، لا يمكن لاحد ان ينساها، أو يقفز عنها.
جمعتني بالراحل صاحب الصوت والكلمة والقلم المتميز علاقات وطيدة، وكنت احب الاستماع اليه، ولتجربته، وللتاريخ الذي عاشه، ولفت نظري للكثير من المواقف والمحطات المهمة، التي عايشها، وأثرت المسيرة الوطنية، وحتى آخر لحظة من تاريخ حياته، كان يتابع بحيوية المواقف السياسية على كل الصعد والمستويات، ويشير للملاحظات والمواقف الواجب تداركها، ويحرص على تسجيل رأيه، ويسعى لإيصال صوته ووجهة نظره لصناع القرار من الانقلاب الحمساوي، ومن الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية، والمواقف والسياسات الأميركية والعربية والداخلية الفتحاوية والوطنية عموما.
رحل القائد المبدع أحمد عبد الرحمن يوم الإثنين الماضي مطلع كانون أول/ ديسمبر الحالي (2019) عن عمر يناهز ال76 عاما. لكن صدى صوته مازال صادحا في فضاء فلسطين، وسيبقى مجلجلا وخالدا إلى آخر الزمان. لانه حفر اسمه بقوة في سجل الخالدين الوطني. وداعا ابا يزن، وسلاما إلى روحك الباقية أبداً.