لم يعد أمام قيادتنا السياسية إلا الدعوة لعقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية باعتبارها صاحبة الولاية على ملف المصالحة ووضع جميع الأشقاء العرب بواقع انغماس حماس في صفقة القرن عبر بوابة المستشفى العسكري الأميركي في منطقة بيت حانون الفلسطينية شمال قطاع غزة.
أما الدعوة لعقد قمة عربية عاجلة فهذا أمر لابد منه في القريب العاجل لبحث الخطر الداهم على الأمن القومي العربي قبل الأمن الوطني الفلسطيني لمواجهة مشروع دولة الاحتلال اسرائيل لإنشاء جزيرة صناعية قبالة سواحل غزة في البحر الأبيض المتوسط، ينشأ فيها مطار وميناء ليكونا معبرين (لدويلة حماس) في قطاع غزة، ولكن تحت الرقابة الأمنية الاسرائيلية المباشرة.. فالجزيرة– إن أنشئت في المياه الدولية، أو داخل حيز الحدود البحرية لفلسطين- ستكون امتدادا للاحتلال والاستيطان الاسرائيلي العنصري ولكن عبر البحر.
ما كان لإدارة ترامب الاقتناع بقبول فرع الاخوان المسلمين في فلسطين حماس بصفقة القرن ما لم تنجح حماس في الاختبار العملي كشرط لتسليمها مهمات تنفيذية في صفقة القرن .. وفعلا كانت النتائج أكبر من المتوقع عندما أخذت حماس موقعا أشبه ما يكون بموقع المراقب تماما كقوات القبعات الزرقاء الدولية (قوات الأمم المتحدة) في الهجوم الأخير على قيادات وكوادر (الجهاد الاسلامي) كاغتيال بهاء أبو العطا القائد العسكري للجهاد في غزة، وإبادة أسرة قيادي آخر بكاملها (ثمانية افراد)، فنالت حماس درجة الامتياز وقرارا بشراكة أمنية ولو محدودة حتى الآن مع الحليفين الأميركي– الاسرائيلي، إذ مازال أمام الجماعة امتحانات أخرى أقلها تسليم رأس المشروع الوطني الفلسطيني للحليفين على طبق من ذهب.
كان ما يسمى المستشفى العسكري الأميركي على أرض بيت حانون شمال قطاع غزة تحت مظلة التنسيق الأمني مع حماس الجائزة التقديرية الأميركية الاسرائيلية لحماس لتشجيعها على الانخراط أكثر في المهمة التنفيذية الموكلة إليها في سياق صفقة القرن، وبالتأكيد فقد حظيت هذه الرشوة الأميركية الاسرائيلية بمباركة مسؤولي حماس الكبار والصغار على حد سواء، ولم يبق ما يفعلونه إلا تعليق صورة عن آية الكرسي على مدخل المستشفى أو فوق مكتب مديره الذي سيكون طبيبا متميزا من نخبة الـ ( سي . آي . أيه) المخابرات المركزية الأميركية.
خبراء صنع الزوابع والغبار الكثيف والضباب لدى جماعة الانقلاب سرعان ما أثاروا زوبعة الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم في ميدان الشهيد ياسر عرفات في مركز مدينة رام الله، والظن يغلبهم أن الشعب الفلسطيني غافل عن أفظع وأبشع جريمة بحق القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فما يجري بيع أرض فلسطينية علنا لمن اعتبر القدس عاصمة لدولة الاحتلال اسرائيل وأشهر ذلك بقرار، وزاد مشايخ الجماعة وتيرة حماسهم بأن كافأوا بومبيو وترامب ونتنياهو بقطعة أرض في بيت حانون الفلسطينية ليقيم عليها عسكر ترامب مستوطنة عسكرية استخباراتية تحت عنوان مستشفى، بعد بضع
أيام فقط على إعلان (بلفور الثاني) وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية مايك بومبيو الاعتراف بالمستوطنات الاسرائيلية اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، التي تعتبر في القانون الدولي جريمة حرب، فباتوا شركاء في الجريمة وهم في كامل قواهم العقلية، الفارغة من
أي انتماء وطني ولو بمقدار ذرة.