يُجمعُ الفلسطينيّونَ قيادةً وشعبًا على رفضِ السياسةِ العدوانيةِ التي تنتهجُها الإدارةُ الأمريكيّةُ ضدَّ شعبِنا وحقوقِهِ الثّابتةِ في وطنهِ، وهي السياسةُ التي تجاوزت حدودَ الممالاةِ للاحتلالِ الاستيطانيِّ الإسرائيليِّ وانتقلت إلى دورِ الشّريكِ المباشرِ لأكثرِ التيّاراتِ الصهونيّةِ تطرّفًا. وبعد مرورِ عامينِ على قرار إدارةِ ترامب الاعترافَ بالقدسِ عاصمةً لدولةِ الاحتلالِ يزدادُ الموقفُ الفلسطينيُّ تمسُّكًا بعدمِ التعاملِ مع إدارةِ ترامب كتعبيرٍ عن الرّفضِ المطلَقِ لسياستِها، ويمارسُ من جهةٍ أخرى واجبَ الدّفاعِ عن عروبةِ القدسِ من خلالِ التصدّي اليوميِّ للمحتلّينِ والمستوطنين الذين يحاولونَ تكريسَ قرارِ ترامب ليصبحَ جزءًا من الأمرِ الواقعِ، ويحتلُّ المقدسيّونَ مكانَهم الطبيعيَّ في مقدّمةِ الصفوفِ لحمايةِ عاصمتِنا المحتلّةِ من خطرِ التهويدِ وتدنيسِ المقدّساتِ وإفراغِ المدينةِ من أهلِها الذينَ تربطهم بها علاقةٌ لا يفهمُها المحتلُّ الطارئُ على هذه الأرضِ، علاقةٌ تمتدُّ وتتواصلُ دونَ انقطاعٍ منذُ أنْ شيّدَ أجدادُنا هذهِ المدينةَ واختارها اللهُ لتكونَ بوابةَ المارّينَ إلى السّماء.

 

يأتي القرارُ الأمريكيُّ بعدمِ اعتبارِ الاستيطانِ مُتعارضًا مع القانونِ الدّوليِّ أو معيقًا "للسّلام" استكمالاً لخطواتِ الإدارةِ الأمريكيّةِ المتواصلةِ والتي تشكّلُ نهجًا متكاملاً في استهدافِ القضايا المحوريةِ التي تمثّلُ بمجملِها أعمدةَ الحقِّ الفلسطينيِّ وجوهرَ المطالبِ المشروعةِ لشعبِنا، فبعدَ استهدافِ القدسِ واللاجئين تتطاولُ أمريكا على الشّرعيةِ الدّوليةِ وتنصّبُ من نفسِها مرجعيةً للقانونِ الدّوليِّ تمنحُ الشرعيةَ للاستيطانِ وتحجبُها عن كلِّ من يمتلكُ الشجاعةَ ليقولَ لها ولسياساتِها: لا! من هنا يتعاملُ الشّعبُ الفلسطينيُّ وقيادتُهُ مع القرارِ الأمريكيِّ بشرعنَةِ الاستيطانِ كعدوانٍ على شعبنِا وكتهديدٍ مباشرٍ لوجودِهِ في وطنهِ، إضافةً إلى كونهِ ضوءًا أخضرَ للحكومةِ الإسرائيليّةِ لزيادةِ وتيرةِ عدوانِها على الأرضِ والإنسانِ والوجودِ الفلسطينيِّ. فالأرضُ هي العنوانُ الذي يختزلُ حقيقةَ الصراعِ الذي يخوضهُ شعبُنا ضدَّ المشروعِ الصهيونيِّ منذ أكثرٍ من قرنٍ، ولا شيء يهدّدُ الأرضَ مثلَ الاستيطانِ بكلِّ ما فيهِ من عدوانٍ على سرِّ العلاقةِ التي تربطِ الفلسطينيِّ بوطنِهِ. 

 

القرارُ الفلسطينيُّ باعتبارِ يومِ الثلاثاءِ، ٢٦-١١-٢٠١٩، يومَ غضبٍ واحتجاجٍ ونفيرٍ للتعبيرِ عن رفضِ القرارِ الأمريكيِّ المتبنّي لجريمةِ الاستيطانِ هو اختبارٌ حقيقيٌّ لوحدةِ الموقفِ الوطنيِّ وقدرتِهِ على استنهاضِ المقاومةِ الشّعبيةِ وجعلِها سلاحًا فعّالاً موجعًا للاحتلالِ ومستوطنيه. فهذهِ هي واحدةٌ من اللحظاتِ التي يتوقّفُ عندها التّاريخُ ليسجّلَ أسماءَ المبادرينَ الذينَ يتصدّرونَ المشهدَ ويتقدّمون الصّفوفَ، أمّا من يتقاعسُ عن أداءِ واجبِ الانتصارِ للوطنِ فلا مكانَ لهُ في ذاكرةِ الوطنِ والشّعبِ، فالميدانُ هو مكانُ الاختبارِ الحقيقيِّ، وكلُّ مشارِكٍ في المواجهةِ إنّما يعملُ على حمايةِ إخوتِهِ الآخرين من استفرادِ العدوِّ بهم، فالضّمانةُ الوحيدةُ لجدوى المقاومةِ الشعبيّةِ هي المشاركةُ الجماهيريّةُ الواسعةُ في فعاليّاتِها، وإلّا فإنّها ستبدو وكأنها مغامرةٌ لمجموعةٍ قليلةِ العددِ يقمعُها المحتلُّ ويفرّقُها دونَ عناءٍ، وهذا يفقِدُها القدرةَ على استقطابِ الآخرينَ في المستقبلِ، وهو أمرٌ بالغُ الخطورةِ لأنَّهُ يعني الاستسلامَ للواقِعِ والنكوصَ عن المشاركةِ في محاولاتِ تغييرِه.

 

*يومُ الغضبِ الفلسطينيِّ هو يومُ الانتصارِ للأرضِ والوطنِ، يومُ التصدّي بالفعلِ والمواجهةِ الجماهيريّةِ للتطاولِ الأمريكيِّ على حقِنا التاريخيِّ في وطنِنا، ومن يتثاقلُ اليومَ إلى الأرضِ بدلَ النهوضِ والنفيرِ للدّفاعِ عنها فهو لا يستحقُّ شرفَ الانتماءِ لها والاستظلالِ تحتَ رايتِها. 

 

٢٦-١١-٢٠١٩

رسالة اليوم

رسالة حركيّة يوميّة من إعداد أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا د.خليل نزّال.

#إعلام_حركة_فتح_لبنان