إحياءً للذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات نظَّمت قيادة حركة "فتح" في منطقة الشمال مهرجانًا جماهيريًّا حاشدًا، اليوم الجمعة 15-11-2019، في قاعة مجمع الشهيد القائد ياسر عرفات في مخيَّم البداوي.
وتقدَّم الحضور ممثِّلو الفصائل الفلسطينية وقوى وأحزاب لبنانية واللجان الشعبية، ورجال دين، وهيئات، وروابط، وفعاليات، وجماهير من مخيّمات الشمال والجوار.

بدايةً كانت كلمة لنقيب المحامين في طرابلس والشمال الأستاذ محمد مراد، قال فيها: "بعد خمسة عشر عامًا لماذا نجتمع في البداوي والكثير من الدول العربية وعلى أرض فلسطين؟ نجتمع كل عام في ذكرى لرجل استشهد وليس مجاملة وإنّما لرجل من الرجال الذين لن يتكرّروا. أُطلِقَت عليه أوصاف كثيرة فاحتارت الكلمات أن تفيه حقه لما فيه من عناصر القوة. إذا وصفناه بالقائد، فهناك الكثير من القادة والزعماء والأبطال والمعلّمين، ولكنّه الرئيس والقائد والزعيم والشهيد، هو أبو عمّار أي الذي عمّر في عقله وقوته وجرأته وشجاعته وحنكته وصلابته، ذلك الرجل الذي استطاع أن يجتمع حوله ليس الفلسطينيون فقط، هو ذلك الرجل المخلص المصر على أنّ الحق لن يموت لأنّه حق طبيعي أوجد على أرض فلسطين".
وأضاف: "في يوم النكسة كان العالم حيارى، ولكنّه كان على عكسهم، فأخذ البندقية وذهب إلى القدس في الوقت الذي كان هناك من يريد لنا الإحباط، لكنَّ أبا عمار كان نقيض اليأس، فالأمل محمود والوصول إلى القدس ميسور".
وقال مراد: "أبو عمّار تقدَّم على جميع المحامين، وأعطى نموذجًا لكلّ المحامين عن طريقة الدفاع عن الحق الفلسطيني لأنّه آمن بعدالة قضيته، لا خوف على الحق الفلسطيني ولا على القدس لأنَّ الحق يعلو والظلم والظلام إلى زوال، والحق الفلسطيني يتجدّد كل عام لأنَّ هناك مؤتمرات للمحامين وكل المؤتمرات عناوينها القدس وفلسطين".
وختم قائلاً: "جاؤونا بصفقة القرن المهينة، ولكنَّ الكل العربي الشعبي والرسمي يؤكِّد أنَّ فلسطين هي القضية التي لا يختلف عليها أي عربي وأصحاب الضمير الحي دوليًّا، ستبقى فلسطين تجمعنا ولو غاب عنا ياسر عرفات جسدًا إلّا أنّه باقٍ فينا فكرًا وممارسةً" .

ثُمَّ كانت كلمة لمسؤول المؤتمر الشعبي اللبناني الأستاذ عبد الناصر المصري تساءل في مستهلّها: "رموز النضال والشهداء يوحّدوننا فهل تتوحّد الفصائل؟ أبو عمّار باقٍ فينا ما حيينا فهل نعمل على توحيد صفنا في مواجهة العدو؟".
وقال: "نتذكر صمود الرئيس الشهيد في معركة الكرامة، وبعثه في نفوس الفدائيين الثبات. نتذكر صموده في رام الله وكلماته التي لا تنسى".
وأكَّد أهميّة التمسُّك بالمبادئ القومية أمام الهجمة الصهيونية، وأردف: "الأعداء أعلنوا قدسنا عاصمةً للكيان، فكان الردُّ مدويًّا صمودًا ومقاومةً. حاصروا غزّة وجوّعوها فصمدت وانتصرت. استخدموا كلَّ الأساليب لقمع الشعب الفلسطيني فكانت الانتفاضة في القدس، وانتفاضة الأسرى، وتمسّكهم بنهج المقاومة، والتمسُّك بالمقاومة وتعدُّد أساليبها هو الكفيل بدحر الاحتلال.. والنصر حليف الشعب الفلسطيني لأنّه وعد الله".
وقال: "في ذكرى استشهاد "أبو عمّار" نستذكر كل الشهداء الذين هم نجوم سماء هذه الأمة. ونوجّه التحية لأهلنا في غزّة العزة ولكل الفصائل الفلسطينية هناك الذين يواجهون غطرسة العدو في ظلِّ صمت عربي ودولي مريب".

بدوره ألقى رئيس قسم العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية - الفرع الثالث الأمير د.وليد الأيوبي، ممَّا جاء فيها: "لي ذكريات مع الرئيس الشهيد ياسر عرفات، فقد التقيته في طرابلس في إحدى المناسبات، ويومها نظرتُ إليه نظرة عميقة فوجدتُ فيه تواضع القائد الشجاع. علينا أن نأخذ من شخصية ياسر عرفات القوة من غير ضعف، لأنّه كان قويًّا ولم يكن كاسرًا. كان أبو عمّار مرنًا يدير التناقضات، يقرب ويبعد عند الضرورة دون التخلّي عن الثوابت. اجتمعت في شخصيته المحافظة على القِيَم والدين، وكان منفتحًا على الأديان، وعلينا أن نقتدي به؛ فهو السهل الممتنع، يحمل المبادئ يدافع عنها قولاً وفعلاً. هو التجربة السياسية الحية التي لا تموت بموت القادة".
وتابع: "أبو عمّار لم يستطع أن يحقّق أهدافه، فقد تعثّرت عملية تحقيق الأهداف لعدة أسباب منها الفلسطينية والعربية والدولية التي أمعنت في تفتيت الفكر الفلسطيني ومهمته كي الوعي الفلسطيني".
وأضاف: "هناك من يريد حرف البوصلة عن مسارها الصحيح، لذلك علينا أن نرصّ الصفوف من إعادة تصويب المسار لأنَّنا في حالة تخدير. إنَّها معركة بين الحق والباطل وبين النور والظلام"، وختم بمقولة الرئيس ياسر عرفات (يرونها بعيدة ونراها قريبة.. وإنّا لمنتصرون).
كلمة حركة "فتح" ألقاها عضو قيادة الساحة اللبنانية جمال قشمر، فقال: "أرادوا لنا نكبة وطوابير من اللاجئين وكرت إعاشة وخيمة ودواء، لكنَّ الشعب الفلسطيني.. لكنَّ "فتح".. لكنَّ ياسر عرفات أراد من النكبة ثورةً، ومن طوابير اللاجئين طوابير فدائيين، ومن كرت الإعاشة دولة فلسطينية درّة تاجها وعاصمتها القدس الشريف".
وأضاف: "نلتقي في ذكرى الشهيد الرمز ياسر عرفات، رمز الوطنية الفلسطينية، وهو أمرٌ تنبَّهت إليه الصحافة الغربية فأطلقت عليه اسم سيد فلسطين حين اكتشفت أنّه وفلسطين توأمان، فاكتست فلسطين لحمًا ودمًا، فصار اسمه فلسطين واسمها ياسر عرفات، هذا هو ياسر عرفات الذي أطلق الثورة في العام ١٩٦٥، ويعلم الذين عبروا في القواعد كم هتفنا للانطلاقة، وكم كانت الانطلاقة نقطة تحوُّل للشعب الفلسطيني".
وتابع قشمر: "قبل الكرامة قال قادة العدو أنَّ الثورة كالبيضة نكسرها ساعة نشاء، فكانت الكرامة التي أعادت للأمة كرامتها، كرامة صنع نصرها ياسر عرفات وإخوته وشعبه. أعداء الثورة جرونا إلى حروب الداخل في الأردن، ولأنَّ الثورة التي لا تعرف المستحيل جئنا إلى لبنان، إلى جبل الشيخ والأوسط، وعاد الفدائيون إلى إشعال الحرب مع العدو على امتداد وجودنا في جنوب لبنان، وتجاوزنا الفتنة الداخلية في العام ١٩٧٥، وعدنا إلى الجنوب من جديد نهاجم العدو ونواجه اجتياحه العام 1987، وواجهنا وقاتلنا وصمدنا في بيروت ٨٨ يومًا وانتصرنا، وقال عدونا انتهت منظمة التحرير، وسُئِلَ ياسر عرفات إلى أين يا ياسر عرفات فقال: (إلى فلسطين)، وكانت الانتفاضة الأولى في العام ١٩٨٧ فصدقَ ياسر عرفات".
ورأى أنّه ليس هناك حق في العالم تعرَّض للتآمر كما تعرَّض له الحق الفلسطيني، مضيفًا: لكنّنا واجهنا المؤامرة بشلال من الدم من مرحلة الكفاح المسلّح إلى مرحلة الانتفاضتين وحتى هذه اللحظة".
وتابع: "كان اتفاق أوسلو كمرحلة للانتقال من الثورة إلى الدولة، لكن عندما تنكر الاسرائيلي للاتفاق وقتل رابين، عاد ياسر عرفات إلى الشعب مركز قوته. وفي العام 2000 أعلن انتفاضة الأقصى وعدنا إلى المواجهة من جديد نقاتل ونقدم الشهداء. وحوصر أبو عمار في المقاطعة، ولم يتصل به زعيم أخ أو شقيق ومنعوا كلمته في قمة بيروت، وعلم ياسر عرفات بأنَّ الساعة قد دنت، فمضى إلى مصيره كما يمضي الكبار، فقال كلمته المشهورة يريدونني إمّا قتيلاً وإمّا أسيرًا وإمّا طريدًا، لكن أنا بقول لهم شهيدًا شهيدًا شهيدًا".
وقال: "بعدها جاء الأخ الرئيس أبو مازن ليؤكّد بأنه سيتمسّك بثوابت ياسر عرفات، وما زال يتمسَك بها حارسًا وحاميًا لها وثابتًا عليها ويواصل الطريق والأهداف التي استشهد من أجلها ياسر عرفات".

وعن جريمة اغتيال الاخوة في الجهاد والعدوان على غزة قال قشمر: "متى كان الإسرائيلي لا يقتل القادة الفلسطينيين فتاريخ الإسرائيلي كله مجازر، لأنه في نظر الإسرائيلي أنّ الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت.. فالصهاينة يتنافسون بالدم الفلسطيني، وخاصة الآن في مرحلة الانتخابات الثالثة ومحاولات نتياهو الهروب من فضائحه".
ودعا قشمر كل الفصائل الفلسطينية إلى "الوحدة الوطنية لأنّنا ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني، ويجب أن يشعر العدو بأن جريمته لن تمر دون عقاب"، مضيفًا: "يجب أن يكون الرد بحجم الجريمة بعمل موجع ومؤلم وتوقيت مناسب، ونحن نحتاج إلى الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية للم شمل الوطن لأنّه يجب ألا تكون هناك حكومة في الضفة وأخرى في غزة. إننا بحاجة إلى وحدة الشعب والجغرافيا والموقف لنواجه عدونا موحدين فوحدتنا شرط انتصارنا".
وتمّنى أن يخرج لبنان من محنته معافى مؤكّدًا أنَّ عافية لبنان عافية للشعب الفلسطيني.
كما شدَّد على رفض كلّ أشكال التوطين، وقال: "نحنُ لا نقايض وطنًا بمال، ولو عرضت علينا السماوات السبع والأراضي السبع لا نقايضها بذرة من تراب القدس، هذا ما يجل أن يفهمه كوشنير برفض لبنان وفلسطين رشوته وسداد ديون لبنان إذا قبل بتوطين الفلسطينيين وأنهى الصراع مع اسرائيل".

وعن صفقة القرن قال: "الأخ أبو مازن كان قد رفض كل ما جاء في صفقة القرن من ألفها إلى يائها ونلتزم بالمبادرة العربية الأرض مقابل السلام، والانسحاب الكامل يليه تطبيع كامل، ولا نقبل بالتطبيع العربي لأنه إضعاف للموقف الفلسطيني، وبالتالي إضعاف للموقف العربي وضياع للحقوق وطعنة في الظهر والمستفيد الأوحد العدوواحتلاله وعدوانه".

وفي الختام حيا روح ياسر عرفات والشهداء وأكد الاستمرار بالثورة حتى النصر.