كان الجو صافيا، ونسمات باردة تلفح بالشوارع الترابية وضوء "بدر" يكشف بساطة حي "البِركة" في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. بيد أن أصوات الصواريخ وأزيز الطائرات الاسرائيلية المسيّرة والحربية كانت تنتهك كل جميل.

"كانت أصوات الطائرات المُسيرة مزعجة، فجأة سمعنا صوت طائرة مقاتلة وبعدها 3 انفجارات ضخمة" قال محمد السواركة، شاهد عيان على مجزرة عائلة أبو ملحوس/ السواركة االتي ارتقى فيها 8 من أفراد العائلة وأصيب 12 آخرون.

وأضاف السواركة أنه بعد القصف ساد صمت مخيف، بعد زهاء 10 دقائق وصلت سيارات الاسعاف فخرج الناس من بيوتهم ولم يجدوا البيتين، بل وجدوا حفرة كبيرة وأكوام رمل فقط.

"انقلبت الأرض، اختفت البيوت واختفى من فيها، الأطفال والنساء والرجال كلهم اختفوا تحت التراب،" قال السواركة.

مدير محطة الاسعاف في جمعية الهلال الأحمر وسط قطاع غزة كان على رأس المسعفين، قال "إنه بعد سماع انفجارين أو ثلاثة تلقينا اتصالا يفيد بقصف منزل، توجهنا للعنوان لكننا لم نجد المنزل، وجدنا أكوام رمل فقط، والضحايا تحتها.

"أرجح أن الأطفال توفوا بسبب اختناق الرمل، غطاهم الرمل بارتفاع مترين، ووجوه الشهداء مُزرقّة نظرا لانعدام الأكسجين"، قال العزايزة.

وأشار العزايزة إلى أن عملية الاخلاء كانت معقدة، فالكهرباء منقطعة والظلام دامس وكان المنقذون يخشون استخدام آلات أو أدوات الحفر خوفا من ايذاء أحياء. "حفرنا وأزحنا الرمال بأيدينا، ساعدنا السكان المجاورون".

"كنت أحمل وزميلي امرأة شهيدة، ولولا الكشافات اليدوية لدست الطفلة "فرح" البالغة من العمر 3 شهور، كانت ترقد في حضن أخيها الشهيد المدفون تحت الرمل،" قال العزايزة.

إياد بشير أحد الجيران، قال "بعد أن غادرت سيارات الاسعاف تبين أن اثنين من الأطفال قد اختفيا، استمر البحث عنهما حتى الساعة الخامسة والنصف وانتشل الجيران جثتي الطفلين فارس وسالم".

"كان هنا منزل، الآن مكانه حفرة، منزل رسمي أبو ملحوس اختفى وأخذ معه منزل شقيقه محمد،" قال بشير.

"كان هنا بيت، الشهداء الأطفال والكبار تناثروا بعيدا عن هذا المكان الذي كانوا ينامون فيه، أطفال نيام في فراشهم يُضربون بطائرة حربية؟" قال عودة أبو ملحوس، عم الشهداء، للصحفيين خلال تشييع جنازة الشهداء.

واستشهد في القصف 8 من العائلة وهم: معاذ محمد سالم السواركة 7 اعوام، ومهند رسمي سالم السواركة 12 عاما، ورسمي سالم عودة السواركة 45 عاما، ووسيم محمد سالم السواركة 13 عاما، ويسرى محمد عواد السواركة 39 عاما، ومريم سالم ناصر السواركة 45 عاما، والطفلان فارس وسالم محمد السواركة.

كما أصيب 12 من أفراد العائلة وهم: ضياء رسمي سالم السواركه 10 أعوام، ونرمين محمد سالم السواركه 10 أعوام، ووسام حسن اأحمد السواركه 34 عاما، ومحمد سالم عوده السواركه 40 عاما، وسالم محمد سالم السواركه 4 أعوام، ولمى محمد سالم السواركه 5 أعوام، ونور محمد سالم السواركه 11 عاما، وفرح رسمي سالم السواركه 3 أشهر، ويوسف رسمي سالم السواركه 9 أعوام، وفوزي رسمي سالم السواركه 4 أعوام، ووسيم محمد سالم السواركة 13 عاما، وريم محمد سالم السواركة 8 أعوام.

لم يكن منزل أبو ملحوس (السواركة) هو الوحيد الذي يُقصف وهو آهل بالسكان، ففي العدوان الاسرائيلي صيف 2014 على غزة قصفت الطائرات الحربية الاسرئيلية عدة منازل مأهولة راح ضحيتها العشرات.

ففي 26/7/2014 قصفت الطائرات الحربية منزل عائلة النجار في خان يونس، ما أدى لاستشهاد 19 مواطنا. وفي 12/7/2014 تم استهداف منزل لعائلة البطش في مدينة غزة ما أدى لاستشهاد 18 من أفراد العائلة وهم نيام، وفي الأول من أغسطس 2014 أيضا تم استهداف منزل مأهول يعود لعائلة الفرا ما أدى لإستشهاد 9 مواطنين.

ونجحت الجهود المصرية في فرض تهدئة بدأت الساعة الخامسة والنصف صباح اليوم.

وقالت وزارة الصحة إن مجموع الشهداء الذين سقطوا منذ فجر الثلاثاء بلغ 34 شهيدا بينهم 8 أطفال و3 نساء فيما أصيب 109 مواطنين.

وشيع آلاف المواطنين الشهداء الثمانية ظهر اليوم في مقبرة مدينة دير البلح في جنازة علت فيها أصوات المنددة بجرائم الاحتلال والصمت الدولي.