لا جدالَ في أنَّ قيامَ حركةِ الجهادِ الإسلاميِّ بالردِّ على الجريمةِ الإسرائيليّةِ باغتيال أحدِ قادتِها الميدانيّينَ هو حقٌّ وواجبٌ يمكنُ أنْ يشكّلَ رادعًا للعدوِّ يضعُهُ في الحسبانِ إذا ما فكّرَ بتكرارِ جريمتِهِ. من هنا كان هذا التأييدُ الجماهيريُّ لردِّ "الجهاد" رغم أنّ المواجهةَ قد أدّت إلى سقوطِ عددٍ كبيرٍ من الشهداءِ والجرحى ومزيدٍ من الدمار في البنيةِ التحتيةِ التي ما زالت تعاني من نتائجِ الاعتداءاتِ الإسرائيليةِ السابقة. لكنَّ الجولةَ الجديدةَ من الاعتداءاتِ الإسرائيليةِ المتكرّرةِ قد أفرزت واقعًا جديدًا وأكّدتْ حقائقَ ركّزَ على أهميّتها وصوابِها كلُّ الحريصينَ على مصلحةِ شعبِنا وصمودِهِ ومواصلةِ النضالِ لتحقيقِ أهدافنا المشروعة.

 

الحقيقةُ الأولى: نحنُ في مرحلةِ التّحرّرِ الوطنيِّ، وما زلنا نخضعُ للاحتلالِ الإسرائيليِّ المباشرِ، وهذا يعطينا كاملَ الحقِّ باستخدامِ الوسائلِ التي يضمنُها لنا القانونُ الدّوليُّ من أجلِ التخلّصِ من الاحتلالِ ونَيلِ حقوقنا الوطنيّةِ. وقد أثبتت التجربةُ أنَّ استخدامَ أدواتِ الحروبِ التقليديّةِ لا يشكلُ الخيارَ الأقلَّ كلفةً لنا والأكثرَ إيلامًا للعدوِّ الذي يمتلكُ كمًّا هائلاً من أسلحةِ القتلِ وأدواتِ التدميرِ، وهي أسلحةٌ لا يمكنُ مقارنتُها بما تستخدمهُ المقاومةُ من أدواتٍ بهدفِ ردعِ العدوِّ وإيصالِ رسالةٍ لهُ بأنَّ عدوانَهُ وجرائمهُ لا يمكنُ السّكوتُ عليها. وفي المقابلِ يعجزُ العدوُّ عن مواجهةِ مسيراتِ العودةِ في غزةَ وكلِّ مظاهرِ المقاومةِ الشعبيّةِ في الضّفةِ الفلسطينيّةِ والقدسِ المحتلّة.

 

الحقيقةُ الثانيةُ: أثبتت المواجهةُ بينَ العدوِّ وحركةِ الجهادِ أنَّ سلطةَ "حماس" قد تنصّلت من ادّعاءاتِها بالتمسّكِ "بخيارِ المقاومةِ"، فكلُّ ما تملكهُ من قوّةٍ وما تكدّسُهُ من أسلحةٍ ليس لهُ هدفٌ سوى تكريسِ سلطتِها الانقلابيّةِ وقمْعِ جماهيرِ شعبِنا كلما خرجت للتعبيرِ عن رفضِها للحالةِ الكارثيّةِ التي أوصلَهم إليها حكمُ الانقلابيّين. وفي المقابلِ تترُكُ "حماس" شعبَنا عرضةً للعدوانِ والقتلِ ولا تشاركُ حتى من بابِ "حفظِ ماءِ الوجهِ" في الردِّ على هذا العدوانِ، وهي في ذلك تتخلّى عن حركةِ الجهادِ وتتركُها وحيدةً في ساحةِ المواجهةِ. ولعلَّ هذا يكونُ سببًا لإزالةِ الغشاوةِ عن أعينِ المصفقّينَ لحماس، فلم يعد هناكَ ما يبرّرُ استمرارَ الصمتِ على انقلابِها.

 

 الحقيقةُ الثالثةُ: لا خلاصَ من الحالةِ المأساويّةِ في غزّةَ إلا بإنهاءِ الانقسامِ الناتجِ عن انقلابِ "حماس" على الشرعيّةِ الوطنيّةِ، وعلى كافةِ القوى أن تبادِرَ إلى العملِ الجديِّ والفوريِّ لإعادة اللحمةِ بين شطريْ الوطنِ وتمكينِ الحكومةِ الشرعيةِ من ممارسةِ مسؤولياتِها في غزّة، بعيدًا عن استخدامِ أهلنا فيها كرهائنَ تستغلهم قيادةُ "حماس" من أجلِ المقايضةِ لتثبيتِ انقلابِها وخدمةِ مصالحها الخاصّةِ، وهي مصالحُ تتناقضُ بمجملها مع مصالحِ جماهيرِ شعبنا التي تعاني الأمرّينِ نتيجةً لممارساتِ "حماس" اليوميّةِ والتي تلحقُ الأذى بحياةِ الناسِ بكلِّ أبعادِها، علاوةً على ما تسبّبت به من أضرارٍ أصابت المشروعَ الوطنيَّ برمّتِه.

 

*المصالحةُ الوطنيةُ وإنهاءُ الانقسامِ هو الردُّ العمليُّ على محاولاتِ العدوِّ المتكررةِ للاستفرادِ بغزّةَ.

 

١٤-١١-٢٠١٩

رسالة اليوم

رسالة حركيّة يوميّة من إعداد أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا د.خليل نزّال.

#إعلام_حركة_فتح_لبنان