لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين، هذه الشارة الحمراء موجودة عند كل تقاطع في دروب مسيرتنا الوطنية، تدعونا للتوقف والتأمل والتفكر وأخذ القرار في اللحظة المناسبة للانطلاق في الاتجاه الصحيح، فالتراجع ليس ممنوعا وحسب، بل يعتبر كارثة تطيح المتقدم والمتأخر في صفنا الوطني على حد سواء، مع اعتبار ان الخسارة الكبرى تلحق بالمشرف على الواقع برؤية استراتيجية وطنية عقلانية.

يجب ان يعلم الذين يفرقون الشعب الفلسطيني الى شيع ويصنفونه مابين شعب منظمة التحرير وشعب حماس والجهاد وتوابعهما، أن منظمة التحرير الفلسطينية تمثل كل الفلسطينيين دون استثناء، المشاركون فعليا في مؤسساتها وهيكلها التنظيمي، وكذلك الذين لم يدخلوا أطرها بشخوص قيادية، ومثلهم المستقلون الذين لا ينتمون لأحزاب أو فصائل، وعليه فإن اي فصيل أو تنظيم أو فرد سيشارك في الانتخابات التشريعية القادمة ملزم بتقديم التزام مخطوط للشعب يرفع لرئيس الشعب الفلسطيني المنتخب، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، يثبت فيه التزامه الكامل ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية السياسي، وتطبيق ميثاقها، واتفاقياتها ومكانتها الدولية، وفوق كل ذلك وفي المقدمة الالتزام بتقديم المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصلحة الحزبية الفصائلية.

يجب ان يعلم هؤلاء ان منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة الولاية على السلطة الوطنية الفلسطينية مؤسساتها، وأن ما تقرره مؤسسات المنظمة العليا ساري المفعول على مؤسسات السلطة الوطنية الوليدة، فالانتخابات التشريعية في أي دولة في العالم تنظم تحت سقف الدستور، أما في فلسطين فإن القانون الأساسي، وقانون الانتخابات، قائمان تحت سقف الميثاق الوطني الفلسطيني، الذي يعتبر بمثابة الدستور الناظم لحياة الشعب الفلسطيني السياسية في الوطن – الأراض المحتلة – وخارجها، وهذه النقطة بالذات يجب ان يعيها ويدركها الذين لا يرون الكيانية السياسية الفلسطينية الا بعين الجماعة العصبية العصبوية الفئوية والجهوية، فالانتخابات التشريعية في الضفة والقدس وغزة لا يجوز فصلها عن برنامج وميثاق وتوجهات وقرارات ومبادئ وأهداف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، منظمة التحرير التي تمثل الشعب الفلسطيني في الوطن واللاجئين في دول الجوار العربي وفي أي مكان في العالم، ومن يتجه نحو تكريس كيانية سياسية منفصلة عن نصف شعبنا من اللاجئين فانه يعمل مستخدما لصالح دول وقوى كبرى تشتغل على الغاء قضية اللاجئين الفلسطينيين قبل نيل حقوقهم كما أقرت في القرارات الدولية ذات الصلة.

نحن نفهم أن أي مترشح للانتخابات التشريعية أو لرئاسة السلطة الوطنية سيكون ممثلا لكل الشعب الفلسطيني، ما يعني التزامه التام بإرادة الشعب المتجسد في البرنامج السياسي للمنظمة، فبرنامج المنظمة هو برنامج الشعب الفلسطيني الكلي، أما برنامج حكومة السلطة فهو جزئي، وبما ان المتنافسين للفوز في تشريعي السلطة وهي تحت معيار الجزئي سيكونوا اعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني فهذا يلزم المترشح بصفته الشخصية، ضمن قائمة حزبه أو فصيله الالتزام بميثاق المنظمة وبرنامجها واتفاقياتها وإعلاناتها، أي ما معناه الالتزام بدستور فلسطين المؤقت.. ونعتقد انه في هذا السياق كانت رسالة الرئيس أبو مازن للفصائل في غزة.

 

الذين خاطبوا برلمانات دول عربية وأجنبية وطالبوها بعدم اللقاء مع الرئيس محمود عباس بعد أن وفوه بفاقد الشرعية يتحدثون عن جاهزيتهم ، لكنهم لم يشهروا قبولهم لمبدأ الانتخابات تحت سقف المنظمة، وبذات الوقت يتحدثون عن اجتماع للإطار القيادي المؤقت قبل صدور المرسوم الرئاسي الذي سيصدر حتما عن الرئيس الشرعي للشعب الفلسطيني رئيس السلطة الوطنية، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس، لأنهم يسعون عبر اجتماع الاطار للحفاظ على ماء وجوههم عبر الخروج لأنصارهم بعده بأن قرار الانتخابات كان نتيجة ضغوطهم وأن الاطار القيادي وليس الرئيس هو من ضغط وقرر الانتخابات، وان المرسوم الرئاسي الذي سيصدره الرئيس أبو مازن مجرد اجراء شكلي لا قيمة له !!، رغم يقينهم أن الرئيس محمود عباس جاد بملف الانتخابات كحق قانوني لمواطن الفلسطيني وإعادة ترتيب الصف الوطني، ليس مثلما كان جادا في انتخابات 2006 وحسب، بل وأكثر.

 

نثق بحكمة الرئيس أبو مازن، ونرفع كلمتنا بكل اخلاص وأمانة ونقول له: نريد منهم التزامات خطية يا سيادة الرئيس، فالالتزامات الخطية والتعهدات مكتوبة للشعب ستكون شاهدا وبينة على كل من يفكر بالانقلاب ثانية، أو يظن أن الانتخابات ستكون وسيلته مخرجا لأزمته الداخلية، فالوثيقة التي ستكون امام كل فرد من الشعب والناخبين ستكون معيارا للحكم على مصداقية ووفاء الفائز بالأمانة، وبذات الوقت ستكون قرينة ادانة لمن سيخونها للمرة الثانية فالوطني لايغدر من (جماعة) الانقلاب مرتين.