إعلان الاتحاد الأوروبي إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، مهم، وخطوة شجاعة في مواجهة التصعيد الذي تمارسه حكومة نتنياهو المؤقتة، حكومة تصريف الأعمال، التي تجرجر إسرائيل إلى مزيد من الانكشاف، والتي توحى بأن نتنياهو يستخدم إسرائيل كلها للهروب من مأزقه الذي يحاصره، وهو يريد أن يوجه رسالة مفادها، أن ما يقرره هو ما تريده إسرائيل وهو ما يحقق مصالحها، متجاهلا الحقيقة الكبرى أن الاستهتار على هذا النحو يخلق ردود أفعال أبعد كثيرا مما يستطيع أن يرى، فهذا الانهماك في مشاريع الاستيطان الكبرى، وهذا النهب للأراضي الفلسطينية، وهذا القضاء النهائي على فرص السلام، ,واغلاق الأفق ضد الدولة الفلسطينية المستقلة، لن يمر دون ثمن، وقد يكون الثمن فادحا اكثر مما يتخيل نتنياهو والمستوطنين الذين يلعب بهم، لأنهم أرخص شي في إسرائيل.

 

وآخر قرار دولي هو القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن، لم يصدر من الفراغ، بل صدر بسبب تقدير دولي شامل بأن هذا الاستيطان يشكل خطرا جديا على حل الدولتين، وهو أهم حل لمشكلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل إن الإعلان الأوروبي يقول في ثناياه أن الوضع الطارئ الذي ينتج عن قرارات ترامب يشن حربا بلا هوادة ضد مفردات القضية الفلسطينية هو انزلاق خطير نحو الفشل، فترامب نفسه، على شاكلة حليفه نتيناهو، يختلق مشاكل جديدة، ويفتعل أزمات جديدة للهروب من مأزقه الشخصي اليائس ليس إلا، فهو أسقط صفة المحتلة عن الضفة الغربية وأصيب بالخرس التام امام جرائم المستوطنين.

 

في هذه الأثناء، فإن قرار الرئيس الفلسطيني أبو مازن بإجراء الانتخابات العامة في الضفة بما فيها القدس وفي قطاع غزة، قد أعطى دفعة جديدة للجهد الفلسطيني في المواجهة، والأخبار من لقاء وفد اللجنة العليا للانتخابات التي زارت القطاع مؤخرا، أجرت حوارا مع الفصائل والقوى الفلسطينية هناك، ورد حماس الذي وصف بالايجابي والذي ناقشته اللجنة التنفيذية بدقة متناهية، ونفتح الباب على مصراعيه لإجراء هذه الانتخابات بأعلى درجات النجاح، والأمل يتجه بأن تشكل هذه الانتخابات مدخلا حقيقيا لإنهاء الانقسام الذي نعاني منه منذ ثلاثة عشر عاما، والاتهام الذي وجهه الأخ يحيى السنوار إلى قوى ظلامية تقف على رأسها إسرائيل وجهاز الشين بت، هو اتهام صحيح تماما، وهناك اعترافات إسرائيلية كثيرة بأن الانقسام كان مصلحة إسرائيلية عليا، وهي اعترافات اقربها نتيناهو نفسه اكثر من مرة.

 

اجراء الانتخابات

 

بصفتها استحقاقا وطنيا لا يجوز تجاهله أو الاعتداء عليه، يشكل خطوة محورية في مواجهة الاطماع والمصالح الإسرائيلية، وهذا ما يعرفه شعبنا بعمق، وهذا ما يجعله واقفا بكل الانتباه والتأييد لصالح قرار الاخ الرئيس بأهمية وحيوية اجراء الانتخابات، وهو لم يكتف بالدعوة الى الانتخابات أمام شعبه الفلسطيني فقط، بل دعا اليها من فوق منبر الأمم المتحدة، وفي كل الإطارات العربية التي شارك فيها، فالانتخابات، كاستحقاق وطني وحين نجربتها بكل النجاح المطلوب، وبكل الدفع الوطني الشامل، ستشكل بابا مفتوحا للخلاص من مآسي الانقسام الأسود، خطوة محورية لتاكيد أهلية وجاهزية شعبنا لبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وأن السلام الذي ندعو اليه ونريده ونستحقه بجدارة، ليس مجرد حكم طائر في الفراغ، بل هو إرادة لشعب يستطيع حماية ثوابته وحقوقه المقدسة.