أعاد بنيامين نتنياهو أول أمس الإثنين (21/10/2019) كتاب التكليف للرئيس الإسرائيلي، ريفلين قبل انتهاء مدة ال28 يوما ب36 ساعة. وهي المرة الثانية، التي يفشل فيها زعيم الليكود بتشكيل حكومة، الأولى بعد انتخابات نيسان/ إبريل الماضية (2019)، رغم منحه 50 يوما للمشاورات مع الكتل البرلمانية الصهيونية المختلفة، ولكنه لم يعد كتاب التكليف آنذاك، انما أخذ إسرائيل لانتخابات ايلول / سبتمبر الماضي. وهذه هي المرة الثالثة في تاريخ دولة الاستعمار الإسرائيلية، التي يعاد فيها كتاب التكليف من النواب المكلفين بتشكيل الحكومة، الأولى كانت عام 1984 عندما فشل شمعون بيرس في مهمته؛ والثانية عام 2008 عندما فشلت تسيبي ليفني في ذات الأمر. 
وفي اعقاب إعادة رئيس حكومة تسيير الأعمال كتاب التكليف، فإن زعيم تكتل "كاحول لافان"، بيني غانتس، هو من تم تكليفه من قبل الرئيس الإسرائيلي، ووفق ما أعلن، انه سيمنح الجنرال 28 يوما دون تمديد إضافي له. ورغم التفاؤل الذي ابداه المكلف الجديد بتشكيل الحكومة، فإن العراقيل وحقول الألغام المزروعة في طريقه كثيرة ومتعددة، وقد يحتاج إلى معجزة في ضوء المعطيات القائمة لتشكيل الحكومة. 
خيارات زعيم أزرق ابيض المطروحة، أولا التوجه لليكود، والحوار مع نتنياهو، الذي رفض ان يمنحه فرصة للإنقاذ من مقصلة قضايا الفساد، وأصر على ان يتولى هو أولا رئاسة الحكومة، الأمر الذي رفضه زعيم الائتلاف اليميني المتطرف. وايضا الآن لن يقبل بيبي منح غانتس فرصة لتشكيل الحكومة. وفي نفس الوقت لا يوجد زعيم في الليكود يملك الشجاعة والكاريزما بإمكانه تحدي رئيسه الفاسد والقوي. وجميع المنافسين لنتنياهو ينتظرون لحظة تقديم لوائح اتهام ضده، عندئذ يمكنهم التنافس على زعامة الليكود، وتجاوز العقدة، وهذا ممكن الحدوث في تشرين ثاني/ نوفمبر القادم. وكان ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، أشار إلى ارتعاب نواب حزب الليكود، عندما هاجمهم، واتهمهم بالجبناء، لعدم تمكنهم من التمرد على زعيمهم، وسحب البساط من تحت قدميه. وثانيا في حال ذهب الرئيس المكلف إلى ليبرمان، وأضاف له حزب العمل والتيار الديمقراطي، فلن يفلح في جمع أكثر من 52 نائبا، الأمر الذي يفرض عليه التوجه لأحد خيارين، الأول إقناع ليبرمان بالتفاوض مع القائمة العربية المشتركة، والحصول على دعمها له في التصويت دون المشاركة في الحكومة، وهذا بدوره سيفتح النيران عليه من قبل الليكود وقوى الحريديم واليمين المتطرف. فضلا عن ان القائمة المشتركة في حال وافقت سيكون لها مطالب، هل سيوافق ائتلافه الجديد عليها؟ من الصعب التكهن بذلك، والثاني التوجه لقوى اليمين الجديد بزعامة إيليت شاكيد وبينت، التي استبقت اتصال بيني فيها، عندما اعلنت، انها ستلتقي معه، ولكنها ستؤكد امامه على تمسكها بالائتلاف اليميني كله، وهو ما لا يقبل به ليبرمان ولا التيار الديمقراطي ولا العمل. وحتى لو ذهب لحزب "شاس" فإن هناك ضغوطا عليه من حلفائه في "يهوديت هتوراه" ومن القوى اليمينية الأخرى. وبالتالي هناك تعقيدات كبيرة أمامه. 
في حالة واحدة يمكن كسر الحصار من خلال إحداث اختراق في الليكود، أو القوى اليمينية المتطرفة لإقامة تحالف جديدة يطوي صفحة نتنياهو والليكود لفترة من الزمن، أو العكس، اي في تكتل ازرق ابيض. لكن في ضوء واقع الحال المنظور من الصعوبة بمكان الرهان على هذه الإمكانية. وعندئذ لن يكون امامه سوى إعادة كتاب التكليف للرئيس ريفلين. 
يبقى امام رئيس الدولة خيار أخير قبل التوجه لانتخابات جديدة ثالثة، هي تكليف نائب من البرلمان لديه القدرة على جمع دعم 61 نائبا في البرلمان لمنح الثقة للحكومة الجديدة. وفي حال فشل، سيكون الخيار الأخير، أي إجراء انتخابات في آذار/ مارس القادم (2020).
نعم الدولة الإسرائيلية الاستعمارية أمام خيارات صعبة ومعقدة، وكلها تشير إلى ازمة النظام السياسي، ليس هذا فحسب، بل إلى فشله، الأمر الذي سيفتح القوس امام خيارين، الأول مواصلة صعود اليمين الفاشي، والثاني صحوة الشارع الإسرائيلي ووقف الدحرجة نحو الفاشية، والعودة لدعم القوى الوسطية والمحسوبة على "اليسار"الصهيوني". ولكن من السابق لأوانه افتراض اي الخيارين سينجح.مع ان المؤشرات تشير إلى تراجع مكانة اليمين المتطرف في المشهد الإسرائيلي.