أثارت إحدى الأخوات مشكلة استخدام مصطلح (إسرائيل) في ندوتنا حول الوضع الحزبي الإسرائيلي المتجه نحو اليمين بسرعة الصاروخ، مع ما تضمنه هذا التوجه من عنصرية مفرطة وفاشية وعقل إرهابي، ورفض للآخر، والآخر هذا هو نحن العرب أبناء هذه الأرض فلسطين.

 

من المعلوم أن العنصرية والإرهاب الجديد يشكل تماهيًا مع النظرة العنصرية الإقصائية لكهنة التوراة ثم لآباء الصهيونية.

 

 ورغم أن الملاحظة حول المصطلح (اسرائيل) بدت للبعض بعيدة عن صلب الموضوع المتعلق بشأن الأحزاب الإسرائيلية، فإنَّها في صلب القضية.

 

لقد تضايقت الأخت المتدخِلة من كثرة استعمال كلمة (إسرائيل) في حديث الأساتذة، وكان برأيي لها الحق.

 

  فالإسرائيليون أو محتلو أرضنا اليوم المتسمّين الإسرائيليين على اسم توراتي قديم لا صِلة نسب أو قومية لهم به لا يذكرون بتاتًا كلمة فلسطين! فكيف نحن نكرر ذكر كلمة ((إسرائيل)هم)، وكأنه لا أهمية! بينما يحمل التكرار معاني كثيرة ومركبة سنبينها.

 

أولاً: ببساطة، فالبشر الإسرائيليون اليوم (المقصود يهود الديانة الموجودين في فلسطين) لا صِلة لهم بالناس/ القبيلة المذكورين بالكتب المقدسة، إلا الانتماء الديني المشابه لهم.

 

 بمعنى أنه لا انتساب أو صلة قومية وراثية بينهما، فالعلاقة بين محتلّي بلادنا اليوم من قوميات متعددة يدينون باليهودية هي تمامًا كعلاقة المسلم الأندونيسي مع قبيلة قريش، وهذا لا يعني شيئًا ولا يؤسس حقًا.

 

ثانيًا: الإسرائيليون القدماء قبيلة عربية منقرضة ضمن قبائل عديدة اشتهرت لأسباب تتعلّق بالمشاغبة والمشاكسة والمناكفة وغير ذلك من الصفات السلبية الواردة بالقرآن الكريم، بل وفي ذات التوراة، وهم بجزء منهم آمنوا بالتوحيد وجزء لم يؤمن، كما حال قبائل عربية أخرى، بذات المكان أي كان موقعه: في اليمن أم غيرها في فلسطين أو هولندا أو البرازيل قديمًا.

 

ثالثًا: لا علاقة -كما ذكرنا- جينيّة وراثية قوميّة بين محتلي بلادنا فلسطين، وأولئك المندثرين (بني إسرءيل)، وكما تثبته كل الأبحاث التاريخية والآثارية والوراثية والأنثربولوجية.  

 

رابعًا: فلسطين هي الوطن والبلد والإقليم المحدد المذكور بلا أي مواربة منذ رآها وحددها "هيرودوت" أبو التاريخ في القرن الخامس قبل الميلاد، ولم يدون شيئًا عن أي من المسميات الفاسدة الأخرى لأنهّا غير موجودة أي (إسرائيل) أو يهودا أو السامرة أو إمارات/ممالك يهودية ما، ببساطة هو لم يجدها في أرض فلسطين ولا ذِكر لها بالمخيال الشعبي الواسع إلّا في متن التوراة.

 

خامسًا: الحركة الصهيونية وقبلها الاستعمار الأوروبي الذي تحالفت معه الصهيونية عمد لإنشاء جسم استعماري استيطاني إحلالي مانع في قلب المنطقة الحضارية العربية الاسلامية.

 

 وبعد مسار طويل كانت (إسرائيل) بقرار التقسيم للعام 1947 تخص اليهود الديانة من القوميات المتعددة -القادمين أساسًا من أوربا وروسيا- الذين كانوا مقيمين حينها في بلادنا فلسطين، إلى جانب دولة عربية فلسطينية لم تقم حتى الآن، وهذه شرط تلك، ولم ينص القرار على أحقية كل يهود العالم، وهو القرار الأممي الوحيد المؤسس للدولة الإسرائيلية.

 

سادسًا: لا يرد ذكر كلمة فلسطين بالأحاديث الإعلامية أو السياسية أو الرسمية الإسرائيلية اليوم إلّا منسوبة، أي بالقول: الفلسطيني، الفلسطينية، الفلسطينيون بمعنى أنهم لا يقولون كلمة فلسطين مجردة لأنها تحمل في متنها المعنى الجغرافي والتاريخي والقانوني والسياسي معًا، وأهمها المعنى الجغرافي الذي ينكرونه لأنهم يعتبرون كل الأرض لهمّ! فلم نحن ننسبُ لهم (إسرائيل) بالمعاني المتضمنة المذكورة كلها؟

 

سابعًا: من غير الصحيح أن نقول الأراضي الإسرائيلية أو الأراضي الفلسطينية، لأنّ فلسطين هي كل الأرض، وهي كل الوطن، بغض النظر أن فلسطين اليوم عليها يقوم كيانان سياسيان: واحد اسمه (دولة إسرائيل) وآخر اسمه السلطة الفلسطينية أو الدولة الفلسطينية.

 

ختامًا: نقول صدقت الأخت بضرورة التقليل من ذكر أو تكرار كلمة (إسرائيل) في أحاديثنا وكتاباتنا مجردة، ما يمكن الاستعاضة عنها بالوعي الجمعي للكلمة بنطقها بالانتساب قولًا: الحكومة الإسرائيلية أو الأحزاب اليهودية أو القوات الإسرائيلية (وليس جيش الدفاع) أو الاحتلال الإسرائيلي أو الصهيوني، دون الإشارة بأي شكل لها أي لكلمة (إسرائيل مجردة) مرتبطة بالمكان أو التاريخ أو الوطن أو الأرض ولو إيحاءً، لأنَّ ذلك بكل بساطة غير صحيح.