منذُ بدايات الحديث الأميركي الإسرائيلي عن صفقة القرن، وبروز الموقف المعادي لها ورفض التعامل معها بأيِّ مستوى من المستويات من قِبَل الطرف الفلسطيني ممثّلاً بالشرعية الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عبّاس أبو مازن، فإنَّ المحاولات الأميركية الإسرائيلية وصلت إلى حدود الفشل المخزي، القوى دائمة العضوية في مجلس الأمن رفضت الصفقة، رفض دولي واسع للصفقة، نتنياهو ربط مصيره المهتز بالصفقة، وترامب ارتمى في أحضان الأوهام الفارغة، كما حدث في المواعيد التي لم تنجح في الإعلان عنها رسميًّا، والمحاولات الغبية في حشد التأييد لها من قلب العالم العربي كما حدث في ورشة البحرين الهزيلة التي فضحت التطبيع المجاني وكشفت الأسرار الخفية، وأصبح موقف قيادتنا الشرعية على مستوى العالم هو المقرّر الأساسي، فمن دون موافقة أبو مازن تصبح كلّ إيماءات المطبّعين عبئًا عليهم وعارًا في وجوههم وصفرًا في أيديهم، وقبل يومين تلقى النسق المعادي ممثّلاً بترامب ونتنياهو لطخة قوية من النوع الثقيل حين أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تصريحه الشجاع الذي قال فيه: "لا أنتظر شيئًا من صفقة القرن، واعمل على مقترحات أخرى".
ماذا سيفعل نتنياهو الذي يعبّر في هذه الأثناء عن أعلى درجة من الاحتقار لشعبه الإسرائيلي، الذي يعتبر أن بقاءَه في مكتب رئيس الوزراء ولو ليوم واحد أهم ألف مرة من مستقبل (إسرائيل)؟؟
وماذا سيفعل دونالد ترامب الذي تحوّل إلى نموذج للفشل، ولا يدير وجهه إلى أي جهة حتى يتكوّم الفشل أمامه مثل عقوبة ناجزة؟؟؟
وماذا يفعل سقط المطبعين الذين بنوا أوهامهم على جبال من رمال متحرّكة؟؟
نتنياهو يذهب إلى اليأس، يهدّد غزّة بعدوان واسع، ويهدّد غزّة بالترحيل والتهجير، وكأنَّ هذا الفعل المجرم شيء جديد، بينما عند الفلسطينيين تعرف أنَّ التهجير هو السياسة الرسمية للدولة الإسرائيلية، مارستها (إسرائيل) منذ الدقيقة الأولى لقيامها، منذ أول مجزرة ارتكبتها، منذ أول عمل فاضح تورّطت فيه، وليس نتنياهو سوى واحد من المجرمين وليس اكثر من ذلك، بل هو يهدِّد بمنع الفلسطينيين الذين أكّدوا على منظومة القائمة وسيدخلون الانتخابات القادمة القريبة على أساسها بمنعهم من المشاركة في الانتخابات، الذعر يلاحق نتنياهو فيفقد عقله، و(إسرائيل) توشك أن تفكّك نفسها، فهي لا تزال، دون الصدوع للحق الفلسطيني، مجرّد دولة افتراضية، وليست دولة شرعية الوجود.
ماذا يفعل دونالد ترامب؟ يتظاهر بأنَّه بلا مشاكل وجودية، أيقظ في أميركا كلّ مخاوف الحرب الأهلية، يضاعف من العلامات التي تشير إلى احتمالات الكساد، يلقى الصد والسخرية في مشاريعه البلهاء، مثل طلب شراء غرينلاند التي هي أكبر من تكساس ثلاث مرات، وأهلها وشعبها ودولتها الدنمارك صفعوه بأقوى الردود، يقول إنَّه سيعلّق صفقة القرن بعد الانتخابات الإسرائيلية، وماذا لو سقط نتنياهو أو وصلت الأمور إلى حد الجنون!!!
أمَّا بعض المطبّعين العرب، فليس لهم سوى اللعنة، فإنّهم يستحقونها ولا شيء آخر.
أيّها الفلسطينيون المنزرعون في وطنكم مثل علامات الله، فالتحية لكم، الأعداء والخونة يكررون أنفسهم، أمّا أنتم بهذا النموذج الفذ المتكامل مع قيادتكم فأنتم المنتصرون.