خاص مجلّة "القدس" العدد 355| تقرير: وليد درباس
 9 أشهرٍ من الجد والجهد يقضيها الطلبة الفلسطينيون في مخيَّماتنا على مقاعد الدراسة وعيونهم تشخص نحو المحطّة التي سيرتاحون فيها من أثقال الحقيبة وأعباء الدراسة. ومع انقضاء العام الدراسي، يجد العشرات من الطلاب ضالّتهم في برامج المراكز الأهلية ومؤسّسات المجتمع المدني، وهي كثيرةٌ، ومتنوعةُ الأهداف، يجتمع فيها الترفيه بالإفادة.
 

مؤسَّسة نبيلة برير التربوية الاجتماعية
افتتحت مؤسَّسة نبيلة برير التربوية الاجتماعية نشاطها الصيفي تحت عنوان "تعالوا نلعب سوا"، وهو نشاطٌ يتواصل على مدى 15 يومًا، بمعدل ثلاث ساعات ونصف الساعة يوميًّا. وتُشرف عليه مسؤولة برامج النشاط في المؤسّسة المربية "نهى الخطيب"، تساعدها ست مربّيات من المؤسسة وثلاث منشّطات متطوّعات.
وتوضح المشرفة على المؤسّسة نهى الخطيب أنَّ النشاط يستهدف 57 طفلاً وطفلةً بينهم أربعة أطفال من المقيمين خارج المخيَّم، تتراوح أعمارهم ما بين 6 و13 عامًا. ويبدأ الأطفال نشاطهم من الثامنة والنصف صباحًا بحركات رياضية مصحوبة بصرخات تحفيزية، بعدها ينشدون الأغنيات الوطنية، ويتوزّعون على مجموعات منظَّمة، تتوجّه كُلٌّ منها نحو المنشّطة المسؤولة عن متابعتهم.
ويتضمَّن برنامج "تعالوا نلعب سوا" نشاطات لا منهجيّة وموجّهة ذات أبعاد وأهداف تربوية، وثقافية، وترفيهيّة، تشمل الألعاب الفردية والثنائية والجماعية، والرسم الحُر وكرة القدم، والحوار، والسباقات، ونشاط "اعرف بلدتك واكتب عنها"، ولعبة الإنصات، والسباحة الحُرّة، وزيارة أطفال منتسبين إلى مؤسّسات أخرى كـ"غسان كنفاني" بهدف الدمج مع الأسوياء وذوي الإعاقة، وغيرها.
وخلال هذه الألعاب تكتشف المنشِّطات الفروقات الفرديّة بين الأطفال، وحالات متنوعة من المشكلات، منها على سبيل الذكر كما تنوه الخطيب (الأنانية المفرطة، الانطوائية، اللا مبالاة بالوقت، التسرُّب المدرسي، القصور الجسدي أو الصحي،...) ما يستدعي عندها التواصل مع الاختصاصيين التربويين في مركز الاستماع التابع للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وتشكيل لجنة أهل، وتنظيم لقاءات للأهل مع الاختصاصيين لاطلاعهم على حالات أطفالهم وتزويدهم بالإرشادات والنصائح اللازمة لصحة وسلامة أبنائهم.
كذلك يتضمّن النشاط الصيفي يومًا بيئيًّا، ويومًا صحيًّا للأطفال يتخلّله تقديم وجبة غذاء صحي، فيجلب الأطفال ما أمكن من الخضروات، وتساعد أمهاتهم المنشِّطات في إعداد الطعام، وبدورها تُقدِّم المؤسسة ما يلزم لاستكمال الطهي.
كما تلفت الخطيب إلى مشاركة الأطفال أيضًا في المناسبات والفعاليات الوطنية، وكانت آخرها مشاركتهم في الفعاليات المناهضة لصفقة القرن برفعهم عَلم فلسطين ومجسّمات الأقصى والهتاف لفلسطين، تعزيزًا لوعيهم حول القضايا الوطنية. وتنهي حديثها بالإشارة إلى أنَّ النشاط سيُختَتم برحلة مشتركة للأطفال والأمهات إلى منتزه القاسمية.

"هيّا نلعب ونتعلَّم"
هو نشاطٌ تُنفِّذه مكتبة روضة الشهيدة هدى شعلان بالتعاون مع جمعية أرض الإنسان ـ إيطاليا، بتمويلٍ من منظمة اليونيسيف، ومدته ثلاثة أسابيع، يستهدف خلالها أكثر من ٧٠ مُشاركًا من طلاب المرحلة الأساسية، معظمهم من الفئات ذات التحصيل العِلمي المتدنّي.
وحول تفاصيل النشاط هذا العام تقول أمينة المكتبة المشرفة على برنامج الدعم الدراسي هدى سليمان: "يتسبَّب نظام الترفيع الآلي في مدارس "الأونروا" بتدني مستوى التحصيل الدراسي لدى الطلاب، وتنامي ظاهرة التسرُّب المدرسي، وللأسف العشرات من طُلّاب الصف السادس مثلاً لا يحفظون بل لا يعرفون حتّى جدول الضرب! لذا أعددنا برنامجًا مُكثَّفًا لهذا العام بهدف تعزيز قدرات الأطفال التعلُّمية في المواد الأساسية (اللغة العربية، اللغة الإنجليزية، الرياضيات)، بالاستناد إلى منهج تعليم لا صفي، بالإضافة إلى تمارين تشمل مهارات حياتية ذات منحى نفسي واجتماعي، والرسم الحُر، ونشاطات متنوّعة منها البيئي والتربوي، لتنمية الثقة بالنفس لدى الأطفال، وغرس قِيَم لها علاقة بالتواصل، وأهميّة النظافة، والتعاون".
وتُضيف: "نتوخّى التوفيق في تمكين الطلاب، وخاصةً ذوي التحصيل الأكاديمي المتدني، من التغلُّب قدر الإمكان على مشكلاتهم التعلُّمية، وتأهيلهم للالتحاق بالعام الدراسي الجديد. ويُنفَّذ هذا البرنامج بمساعدة مركز الاستماع، كونه يعمل على برنامج المتسرِّبين، وتُشارك في تنفيذه خمس معلّمات من المكتبة وناشطات اجتماعيات من مركز الاستماع، ذوات خبرة".

"اكتشف ميولك واختر تخصُّصك بجدارة"
يهدف نشاط "اكتشف ميولك واختر تخصُّصك بجدارة" إلى تحفيز الطلاب على التعرُّف إلى ميولهم العِلمية، واكتشاف قدراتهم، وتمكينهم من التفكير بهدوء ورويّة، وعلى ضوئه اختيار التخصُّص الدراسي الذي يتناسب مع ذلك، بحسب ما توضحه عضو قيادة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والمدرّبة في مجال التنمية البشريّة في مؤسّسة "البورد العربي للاستشارات والتدريب والتنمية البشرية" هيفاء الأطرش.
وقد استهدف هذا النشاط التربوي التدريبي الذي نفَّذته الأطرش في منطقة وادي الزينة مجموعةً من الطُّلّاب الذين تراوحت أعمارهم ما بين ١٤ عامًا و١٨ عامًا، وتضمَّن نشاطات تفاعليّة هادفة تراعي أحدث التقنيات وفقًا للمقاييس العِلمية والعالمية، وتميَّز بتحفيز المشاركين عبر شعارات مثل: (قُل لا لأي شيء يُشتِّت انتباهك ويعرقل تفكيرك، أنا مُصمِّم على بلوغ الهدف فإمّا أن أنجح أو أن أنجح، وقتك محدود فلا تُمضِهِ وأنتَ تعيش حياةً غير التي تريدها، إنَّ الملائكة لتضع أجنحتها على طالب العلم رضا بما يصنع، إلخ"، ما استفزَّ القدرات، وحفَّز الطاقات، وشجَّع المستهدَفين على التعبير عمَّا يجول في خاطرهم.
وتختم الأطرش حديثها لمجلّة "القدس" قائلةً: "اتَّسمت مشاركة الأطفال بفعالية وهمّة عالية، فتتبَّعوا وتابعوا بحماسة التدريبات، وخلص النّشاط بالتعرُّف إلى الميول العِلمية التي تتواءَم وطريقة تفكير كلِّ طالب، واختيار التخصُّص الجامعي المناسب".