في يومِ وقفةِ عرفة يرفعُ المسلمونَ أيديهم بالدعاءِ إلى اللهِ راجينَ الفوزَ برحمتِهِ ورضاه،  طامعينَ بالمغفرةِ، وهُم الذينَ أتَوا من كلّ فجٍّ عميقٍ تلبيةً لمؤذّنٍ دعاهُم إلى أداءِ فريضةٍ تختزلُ كلَّ معاني طاعةِ الخالقِ والتجرُّدِ من القشورِ الزائفةِ للحياةِ الدنيا.
ليست فريضةُ الحجّ مجرّدَ عبادةٍ يؤدي المؤمنُ خلالها مناسكَ روتينيةً تزدادُ سهولةً ويُسرًا يومًا بعد يوم، لكنَّها تفرّغٌ للتأمّلِ في حالِ المؤمنِ وحالةِ الأمّةِ، فقد كانتْ في بداياتِها تمثّلُ لقاءً سنويًّا للمسلمينَ يتدارسونَ فيهِ شؤونهم ويستمعونَ إلى توجيهاتِ قادتِهم.
ما الذي يمكنُ أن يقولَهُ قادةُ الأمّةِ لو قُدِّرَ لهمُ أنْ يكونوا اليومَ بينَ حجّاج بيت الله الحرام؟
لماذا تتظاهرُ الأمّةُ أنَّها لا ترى ولا تسمعُ ولا تحِسُّ بنداءِ القدسِ وأهلها؟ وهل يُعقَلُ أنْ يحتفلَ الحجيجُ بزيارةِ الأرضِ التي تشرّفتْ بنبوّة رسولِ الله وينسى أنَّ الرسالةَ لمْ تكتملْ إلّا بإسراءِ نبيّنا إلى المسجدِ الأقصى والعروجِ منهُ للقاءِ ربّهِ، إذْ لا طريقَ يربطُ بينَ الأرضِ والسماءِ سوى طريقِ القدس؟
لماذا تتقاعسُ الأمّةُ عنْ نُصرةِ المرابطينَ باسمِها ودفاعًا عنها؟
القدسُ بحاجةِ إلى دعمِ أشقّائها، وبدلاً من تلقّي هذا الدعمِ يفاجئُنا بعضُ المرتدّينَ بين حينٍ وآخرَ بدخولِ المسجدِ الأقصى تحتَ حرابِ المحتلِّ. فلماذا تستسلمُ الأمّةُ لعجزِها وهوانِها وتتخلّى عنْ ثوابتِها؟
لا تتركوا شعبَ فلسطينَ وحيدًا في مواجهةِ الاحتلالِ الاستيطاني الإسرائيليّ المدعومِ من قِبَلِ أمريكا بلا حدودٍ وبلا خجل، ولا تصدّقوها وهي تتظاهرُ بالحرصِ على أمنِ المنطقةِ واستقرارِها، فلا هدفَ لأمريكا غيرَ حمايةِ الاحتلالِ الاستيطانيّ الإسرائيليّ في فلسطين.
يخطئُ منْ يظنُّ أنّهُ سينالُ ثوابًا حينَ يرجمُ إبليسَ بيدٍ ويصافحُ مَنْ يحتلُّ القدسَ والأقصى باليدِ الأخرى.

١٠-٨-٢٠١٩
رسالة اليوم
رسالة حركيّة يوميّة من إعداد أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا د.خليل نزّال.