تقرير:  رشا حرزالله

على أحد الجدران القريبة من منزل حلبية في بلدة أبو ديس جنوب شرق القدس المحتلة، خطّ محبو وأصدقاء حذيفة "تحية إلى بطل الأمعاء الخاوية الأسير البطل حذيفة حلبية.. سننتصر"، وإلى جانبها رسم العلم الفلسطيني.

وإلى الداخل، كانت الجدة محاسن تجلس في غرفة الضيوف، تحتضن "مجدل" حفيدتها التي ولدت بينما والدها حذيفة يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي وهو محكوم بالسجن الإداري، تم تجديده للمرة الثالثة، معلنا إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ الأول من تموز/ يوليو الحالي، وللآن لم يرها.

تقول محاسن والدة حذيفة إن مجدل هي "البلسم" الذي يصبر العائلة على غياب والدها، وقبل أن تكمل، قطع حديثها طرقات على الباب كان مصعب ابنها الثاني، الذي وما أن لمحته مجدل حتى بدأت برفع يديها وجسدها ناحيته، تخمن الجدة محاسن أن الطفلة تظنه والدها.

تقوم الجدة يوميًا بإخراج صور ابنها حذيفة من الدرج وإعطائها لمجدل حتى تعتاد وجهه وتألفه، وتتقبله عند خروجه من السجن.

وتستذكر محاسن طفولة ابنها حذيفة الذي نجا من الموت ثلاث مرات، الأولى عندما كان في سن الحادية عشرة، حيث خرج هو وشقيقه لشواء قطع من اللحم، مستخدمين مادة شديدة الاشتعال أدت إلى إصابته بحروق بليغة أتت على 60% من جسده ووجهه وتسببت له بتشوهات، بقي يتعالج على إثرها لخمس سنوات، تخللتها إصابته بجرثومة أقعدته في الفراش ثلاثة أشهر.

بعدها قال الأطباء لحذيفة إنه بحاجة لإجراء عمليات تجميل لمعالجة آثار الحروق، وخلال عمل الفحوصات اللازمة لذلك صدمت العائلة بإصابته بسرطان الدم، ليبدأ معها رحلة العلاج الكيميائي الذي استغرق سبع سنوات تصفها محاسن بـ"العجاف"، ليتعافى بعدها من المرض وينجو من الموت مرة أخرى.

لكن حذيفة (28 عاما) لم يتعاف بشكل تام، حيث أثر السرطان على عضلة القلب لديه وأصبح لديه قصور بها وهي الآن تعمل بنسبة 30% فقط، كما أن لديه ارتفاعا في أنزيمات الكبد، وحصوة في الكلى، تتطلب رعاية صحية فورية، وفحوصات دورية، وهذا ما لم توفره إدارة سجون الاحتلال لحذيفة منذ اعتقاله وما يزيد مخاوف العائلة خوض ابنها إضرابا عن الطعام.

بدأت قوات الاحتلال بمطاردة حذيفة، في العام 2012 وبعد عام اعتقلته، وحكم بالسجن 16 شهرا، وفي المرة الثانية جرى اعتقاله عام 2016، وحكم بالسجن ثمانية أشهر.

وعقب الإفراج عنه، تزوج حذيفة بإحدى الفتيات وقبل أسبوعين من موعد الزفاف اتصل به أحد ضباط مخابرات الاحتلال مهددا إياه بالقتل إن لم يقم بتسليم نفسه، لكنه رفض، تصف والدته يوم زفافه بأنه من أصعب الأيام التي مرت عليه، حيث كان يتوقع أن يقوم جنود الاحتلال بمداهمة الحفل واعتقاله أو قتله، وبقي على أعصابه لحين انتهاء الحفل.

لكن وبعد 11 يوما تم اعتقال "العريس"، حينها حاصرت قوات خاصة منزله في أبو ديس تحت جنح الظلام، وأعدوا له كمينا من خلال وضع قطعة سلاح عند باب المنزل، فيما اختبأ الجنود في المحيط، حينها قام أحدهم بقرع الجرس في محاولة لاستدراج حذيفة وقتله غير أنهم لم يفلحوا في ذلك.

داهم الاحتلال المنزل وقاموا باعتقاله، لكن العائلة حصلت على تسجيل فيديو التقطته كاميرات المراقبة في المنطقة، تظهر محاولة اغتياله واتهامه بحيازة السلاح، حينها أفرجت سلطات الاحتلال عنه بعد خمسة أيام من الاعتقال، وتقول محاسن إن ابنها نجا من موت محقق.

لكن مرحلة الاعتقال المتكرر لم تقف هنا، ففي حزيران/ يونيو 2018، اعتقلت قوات الاحتلال حذيفة للمرة الرابعة، وحكم بالسجن الإداري ستة أشهر، وما إن انتهت المدة حتى جددت له مرة أخرى لستة أشهر، ثم أربعة أشهر إضافية، في هذه الفترة وضعت زوجته طفلتهما "مجدل".

وتقول محاسن عن ابنها إنه لا يتأثر بالمرض والاعتقال بقدر حرمانه من طفلته التي يتمنى رؤيتها، مبدية قلقا بالغا على صحته، لكنها تقول إنها على يقين أنه سينتصر ويقاوم المرض، وينجو من الموت كما نجا في مرات سابقة.