تقرير: راسم عبد الواحد

قليلون من سكان منطقة واد الحمص جنوب شرق القدس يعون أو عايشوا نكبة ونكسة الشعب الفلسطيني عامي 1948 و1967، لكنهم جميعا عاشوا اليوم لحظات مشابهة للنكبة، وعلى مرأى ومسمع العالم كله، بعد ان هدم الاحتلال نحو 100 شقة سكنية في الحي.

عائلة المواطن اسماعيل أبو سرحان، كغيرها من العائلات اختارت أن تعيش في هذه المنطقة ووضعت كل مدخرات عمرها وتعب السنين لتستقر في منزل ظناً منها أن البناية لن تطالها يد الهدم التابعة للاحتلال لكونها تقع خلف الجدار العنصري.

العائلة قالت لمراسلنا: إنها تعرضت فجر اليوم لاعتداء وحشي من قبل جنود الاحتلال الذين انهالوا بالضرب على أفراد الأسرة لإجبارهم على ترك واخلاء المنزل، كما اعتدوا برش الغاز على وجوههم، فضلاً عن القاء قنابل صوتية داخل المنزل لترويع من فيه.

الاحتلال دفع بنحو ألف من عناصره وعشرات الآليات العسكرية والبلدوزرات الضخمة الى المنطقة، لتنفيذ أكبر عملية هدم جماعي في القدس، بحجة قرب البنايات من جدار الضم والتوسع العنصري.

المسن المقدسي غالب أبو هدوان يقول: "كل ما ادّخرته أنا وأبنائي وضعناه في هذا المنزل.. اشتريت الأرض قبل أربعة أعوام، لأنه لا قدرة لنا على الشراء والبناء داخل حدود بلدية القدس، وأوقفونا عن البناء، تحملنا رداءة البنى التحتية في المنطقة، وحاولنا تحسينها عبر شق شارع يصل لمنزلنا لكن جيش الاحتلال جرّفه في وقت سابق.

وتعيش على بعد أمتار من منزل أبو هدوان أسرة المواطن إسماعيل عبيدية مع زوجته وأطفاله الستة في منزل يصل إليه الزائر بعد السير في شارع ضيق شديد الانحدار وقعت فيه عدة حوادث سير خطرة.

بدت الحسرة على وجهه، وقال: شقاء عمري وضعته في منزل أحلامي، قررتُ عدم إفراغه من محتوياته، لكن الاحتلال لا يعرف الانسانية ولا يلتفت الى معاناة الفلسطيني.

من جانبه، قال رئيس لجنة خدمات حي واد الحمص حمادة حمادة: إن عدد سكان الحي يصل إلى ستة آلاف نسمة، لكن المتضررين من قرار محكمة الاحتلال العليا يبلغ ثلاثين ألف نسمة وهم جميع أهالي صور باهر، ويعتبر الحي امتدادا لأراضيهم.

وأضاف، الاحتلال تعمد إلحاق ضرر نفسي واقتصادي فادح بالأهالي، لأنه انتظر حتى انتهوا من البناء الذي استنفد كل طاقتهم الاقتصادية، ثم قرر منع البناء في المنطقة وهدم ما بُني من منازل.

بدوره، قال عضو لجنة الدفاع عن منازل الحي محمد أبو طير، إنّ قضية واد الحمص بدأت عندما وزع جيش الاحتلال أوامر هدم جماعية لـ 16 بناية سكنية بقرارٍ من قائد جيش الاحتلال العسكري، بذريعة قرب المنازل من الجدار الفاصل بين القدس والضفة، فقرر الأهالي تقديم التماسٍ للمحكمة العليا للاعتراض على القرار قانونيًا، لكن المحكمة رفضت الالتماس وأيَّدت قرار الجيش بهدم جميع المنازل المجاورة للجدار، ومنع استخدام أراضي المواطنين على بعد 250 مترًا منه.

ويعتبر حي واد الحمص امتدادا لبلدة صور باهر الواقعة جنوب شرق القدس وتبلغ مساحة أراضيه نحو ثلاثة آلاف دونم، وقد حرم جيش الاحتلال السكان فيه من البناء على نصف المساحة تقريبا، بحجة قرب الأراضي من الجدار العازل الذي يفصل الحي عن عدة قرى تتبع محافظة بيت لحم.

يقع حي واد الحمص خارج حدود بلدية القدس وتصنف غالبية أراضيه ضمن مناطق "أ" التابعة للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي دفع بكثير من المقدسيين لشراء أراض في الحي لعدم قدرتهم على الشراء والبناء في المناطق الواقعة داخل حدود البلدية، بسبب الأسعار الخيالية للأراضي واستصدار تراخيص البناء، وقد حصلوا جميعهم على رخصة البناء من وزارة الحكم المحلي الفلسطينية.

وعندما رسمت سلطات الاحتلال مسار الجدار في تلك المنطقة عام 2003 وقعت بعض المنازل خارجه فاضطر الأهالي لتقديم التماس ضد المسار الذي يمر وسط قرية صور باهر، ووقع الحي في الجانب "الإسرائيلي" من الجدار لكنه بقي خارج نفوذ بلدية الاحتلال.