تقرير: إسراء غوراني

على أطلال خيامهم المهدمة، يجلس ناجح كعابنة وأفراد عائلته في العراء وتحت أشعة الشمس الحارقة، يقلبون أكفهم على ما أصابهم جراء قيام سلطات الاحتلال الاسرائيلي صباح اليوم الخميس، بهدم خيامهم السكنية وحظائر أغنامهم في منطقة الحديدية بالأغوار الشمالية.

من بين الركام، يستل حمزة ذو الخمسة أعوام وهو أصغر أفراد العائلة دراجته الهوائية ويقودها، محاولا اللهو قرب ركام أمتعتهم، بعد ساعات طويلة من الرعب عاشها خلال اقتحام المنطقة من قبل جنود الاحتلال الذين شرعوا بهدم المنشآت دون سابق إنذار.  

يقول رب الأسرة ناجح كعابنة لـ"وفا"، إن ما تسمى "الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال حضرت إلى المنطقة الساعة الثامنة صباحا دون إنذار مسبق، وشرعت بهدم الخيام السكنية وحظائر الماشية، ومنذ ذلك الحين يجلس أفراد العائلة في العراء تحت أشعة الشمس الحارقة وهم صائمون ويكابدون الأمرين، حيث سجلت درجات الحرارة في الأغوار اليوم 43 درجة مئوية.

ينوه كعابنة إلى أن سلطات الاحتلال تهدم خيامهم باستمرار منذ ثلاثة أعوام، فكلما اعادوا بناءها، أعاد الاحتلال هدمها بهدف ترحيل سكانها من المنطقة.

ويضيف: "في كل مرة يهدم الاحتلال خيامنا نبقى وعائلاتنا في نفس المكان ونرفض المغادرة، لكن هذه المرة سلمنا الجنود قرارا بوضع اليد على الأرض التي هدمت فيها الخيام، بالإضافة إلى إعطائنا مهلة 20 ساعة كحد أقصى لمغادرة المنطقة".

معاناة كعابنة وعائلته مع إجراءات الاحتلال التعسفية ليست جديدة، حيث كانت العائلة تسكن سابقا في منطقة الجفتلك بالأغوار الوسطى، كونهم من رعاة الأغنام المتنقلين، وكذلك تعرضت خيامهم ومنشآتهم في الجفتلك للهدم مرارا وتكرارا.

وأوضح أن الخسائر التي يتعرضون لها لا تقتصر على الخيام والبركسات وإنما في تبعات عملية الهدم، ففضلا عن تشتت أفراد العائلة في العراء، يتعرضون للخسارة الكبيرة في مصادر رزقهم، حيث تنفق عشرات رؤوس الماشية جراء إصابتها بأمراض خطيرة تصيبها بسبب عدم وجود مأوى لها في ظل الظروف القاسية صيفا وشتاء.

وأضاف أن الاحتلال يهدف من وراء ذلك إلى إضعاف إرادة المواطن في الأغوار الشمالية ومحاربته في مصدر رزقه لترحيله من المنطقة وتحويلها بكاملها للمستوطنات.

وتزامنا مع عمليات الهدم في منطقة الحديدية، داهمت آليات الاحتلال منطقة الرأس الأحمر وشرعت بهدم منشآت أخرى تعود للمواطن جهاد بني عودة.

يقول بني عودة، إن أربع آليات لجيش الاحتلال برفقة جرافة اقتحمت المنطقة صباحا وشرعت بتجريف وهدم الخيام السكنية ومخازن الأعلاف وحظائر الأغنام، بالإضافة إلى قيامهم بتمزيق وتخريب "الشوادر" التي يتم تغطية الحظائر بها.

وأوضح أن الاحتلال قام بهدم منشآت تابعة له ولعائلته 11 مرة خلال عدة سنوات، منها مرتان خلال العام الحالي.

وأضاف: "اضطررنا كعائلة بعد قيام الاحتلال بهدم منشآتنا صباحا وتحت الضغط للابتعاد مئات الأمتار عن المنطقة مع مواشينا"، منوها إلى أن أفراد العائلة الخمسة يعانون حاليا من ظروف صعبة بسبب عدم وجود مأوى لهم في هذه الظروف المناخية القاسية، كما أنهم مهددون بالترحيل من المنطقة كاملة بحجة أنها مناطق عسكرية،  فضلا عن أن مواشيهم مهددة بالنفوق بسبب عدم وجود مأوى لها في ظل الظروف الجوية الصعبة، وكونها بعيدة جدا عن مصادر المياه.

ويشير الناشط الحقوقي عارف دراغمة، إلى أن منطقتي الرأس الأحمر والحديدية من مناطق الأغوار التي تتعرض لانتهاكات وعمليات هدم مستمرة، ففي منطقة الحديدية تمت ست عمليات هدم خلال سنتين، بالإضافة إلى إخطارات متكررة بوقف البناء لخيامهم، كما أن الاحتلال استولى على حوالي 2500 دونم من المنطقة، ويمنع الاقتراب من 500 دونم أخرى قرب مستوطنة "روعيه".

أما منطقة الرأس الأحمر فتعرض السكان فيها للإخلاء مرتين منذ بداية العام الحالي، ومصادرة سبع معدات وجرارات زراعية تابعة للأهالي،  وتقديم عشرة إخطارات بالهدم للسكان بحجة أنها منطقة عسكرية، كما تمت فيها 13 عملية هدم خلال عامين، بالإضافة لإغلاق ومصادرة ما لا يقل عن 2000 دونم.