تحتفل الأمم المتحدة ودول العالم وشعبنا الفلسطيني وكل الشّعوب المحبة للسّلام، باليوم الدولي للتضامن مع الشّعب الفلسطيني، الذي حددته الجمعية العامة عام 1977، في يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، لما ينطوي عليه هذا التاريخ من معانٍ ودلالات بالنسبة للقضية الفلسطينية، حيث يتوافق مع صدور القرار 181 عام 1947 الذي يعرف بـ"قرار التقسيم"، الذي شكل أكبر طعنة لشعبنا الفلسطيني وسلب قسمًا كبيرًا من أرضه وانتزعها من أصحابها الأصليين ومنحها لغرباء صهاينة جاءوا من شتى بقاع العالم، وأعطى لمن لا يملك الحق بإنشاء دولته المزعومة، بقرار أممي مجحف، وبدعم وتأييد واعتراف الدول الاستعمارية الكبرى، حيث نشأ الكيان الصهيوني الغاصب عام 1948، ونال اعترافًا أمميًا ودوليًا وأصبح عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة، فيما الدولة الفلسطينية التي نص عليها ذات القرار لَمْ تَرَ النور حتى يومنا هذا، ونتج عن ذلك تدمير كيانية الشّعب الفلسطيني وتشريده، وحرمانه من أرضه ووطنه.

تطل علينا هذه المناسبة، وشعبنا ما زال يرزح تحت مرارة الاحتلال والاستعمار ويعاني كل أصناف الظلم والتعسف والقهر وقسوة اللجوء والتشريد، وتدمير وتهويد المؤسسات والمنازل وسلب الأراضي وتصاعد عمليات والاستيطان، واستمرار الاعتقالات والاغتيالات اليومية والحصار الجائر على الضفة الغربية وقطاع غزة، وسياسة الخنق والتضييق على أهلنا في مدينة القدس، مع استمرار الانتهاكات اليومية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، التي ترقى جميعها إلى مستوى جرائم الحرب.

وعلى الرغم من كل محاولات العدو الصهيوني مدعومًا من الإدارة الأميركية وانحيازها السافر إلى جانب دولة الاحتلال من خلال قرارها المشؤوم والباطل بما يتعلق بمدينة القدس والحديث عن صفقة القرن المزعومة، وما تبع ذلك من قرارات عنصرية اتخذتها الإدارة الأميركية وحكومة الاحتلال لتكريس واقع جديد على أرض فلسطين، فإن تلك المحاولات جميعها باءت بالفشل، وتمكن شعبنا من خلال مقاومته الشعبية بكل أشكالها، ومن خلال المعركة الدبلوماسية والسياسية التي تخوضها القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس من التصدي والوقوف بوجه كل المحاولات والمشاريع التي تستهدف النيل من قضيتنا الفلسطينية وعدالتها.

في اليوم الدولي للتضامن مع الشّعب، ندعو مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي والدول الصديقة إلى ترجمة فعلية لهذا التضامن بخطوات عملية وتنفيذية لإنهاء أطول احتلال في التاريخ الحديث، وتطبيق كافة القرارات الأممية ذات الصلة الذي اعتمدتها الأمم والتي أكدت على حقوق الشّعب الفلسطيني الثابتة في فلسطين غير القابلة للتصرف، وخصوصاً الحق في تقرير مصيره والحق في الاستقلال والسيادة الوطنييّن، وحق الفلسطينيين، غير القابل للتصرف، في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا واقتلعوا منها، ويطالب بإعادتهم وفق القرار 194.

وفي هذه المناسبة نؤكد أن التضامن الحقيقي مع الشّعب الفلسطيني يستوجب وقف كل أشكال التطبيع والتعاون مع الكيان الصهيوني تحت أي عنوان سياسي، أو اقتصادي أو ثقافي أو رياضي أو أي مسمى آخر، وندعو إلى تفعيل المقاطعة الرسمية والشعبية لـ "دولة الاحتلال" بموجب ما نصّت عليه قرارات الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

إننا نؤكد على ضرورة أن تتحمل مؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية والدول الصديقة مسؤولياتهم تجاه الشّعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وندعو إلى ضرورة أن تفي الدول المانحة بالتزاماتها بالحفاظ على وكالة الأونروا من خلال الاستمرار بتمويلها من أجل القيام بواجباتها ومسؤولياتها المنوطة بها تجاه اللاجئين الفلسطينيين للتخفيف من معاناتهم إلى حين عودتهم، ونرفض رفضًا قاطعًا كل محاولات إلغائها أو شطبها، ونتوجه بالشكر والتقدير لكل الدول العربية والصديقة التي ساهمت في تغطية العجز المالي في موازنة الأونروا لهذا العام الناتج عن قرار الإدارة الأميركية بوقف تمويل الأونروا.

نتوجه بالتحية للبنان وشعبه الشقيق الذي احتضن الشّعب الفلسطيني وقضيته العادلة وقدَّم آلاف التضحيات دفاعًا عنها، ونؤكد على موقفنا الثابت بالتمسك بحق العودة ورفض التوطين والتهجير، وندعو إلى ضرورة إقرار الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان حتى يتمكنوا من العيش بكرامة إلى حين عودتهم إلى أرضهم وديارهم.

التحية لشعبنا الفلسطيني الصابر الصامد في كل أماكن تواجده من أجل حريته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف عودة اللاجئين إلى أرضهم وديارهم في فلسطين.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء العاجل للجرحى والمصابين، والحرية لأسرانا البواسل.

 

وإننا لعائدون

فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان

2018/11/29