قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: "ندرك أن جهود حماية الأرض وصون هويتها، ومنعتها، يتأتى من خلال تعزيز وحدة الشعب، والأرض، والمؤسسات، ونعمل على تكثيف العمل في المناطق المهمشة والمهددة والمناطق المسماة (ج)، وقطاع غزة".

وبهذا الصدد، تطرّق رئيس الوزراء إلى دعوة الرئيس محمود عباس حركة حماس إلى عدم تضييع المزيد من الوقت والفرص، وتسليم حكومة الوفاق كامل صلاحياتها ومسؤولياتها دون نقصان أو تأخير، لنتمكن من العمل على الأرض وفي الميدان، لنجدة شعبنا، وتقديم كامل الخدمات في المحافظات الجنوبية، وإكساب قضيتنا المنعة والصلابة لمواجهة أية تحديات".

جاء ذلك خلال كلمته في حفل إطلاق واختتام المشاريع الزراعية الممولة من الاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، في قصر المؤتمرات ببيت لحم، بحضور محافظ بيت لحم جبرين البكري، ووزير الزراعة سفيان سلطان، ووزيرة السياحة والآثار رولا معايعه، ونائب ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين توماس نيكلسون، ورئيس صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية ناصر الجاغوب، وعدد من الشخصيات الرسمية، والاعتبارية.

وفي السياق، دعا رئيس الوزراء كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي خاصة حركة حماس، الوقوف صفا واحدا موحدا خلف القيادة الشرعية، وعلى رأسها سيادته، في وجه كافة المؤامرات والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، ومحاولات تصفيتها، بالإضافة الى المشاركة في المجلس الوطني الفلسطيني، باعتبار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وأضاف: إن ازدياد وتيرة ونطاق الانتهاكات الإسرائيلية، إنما يأتي بتشجيع من الإدارة الأميركية الحالية التي أدارت ظهرها لكل الاتفاقيات، والصكوك، والقوانين الدولية، ولدورها كوسيط في عملية السلام، بإعلانها القدس عاصمة لإسرائيل وحجب الأموال عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

وتابع: نطالب المجتمع الدولي بسرعة التحرك لتوفير الحماية الدولية لشعبنا، ووقف العدوان الإسرائيلي الذي يدفع بالمنطقة إلى المزيد من الفوضى والعنف.

وتابع: يشرفني أن أكون معكم في حفل إطلاق واختتام 450 مشروعا في الضفة الغربية، و400 مشروعا في قطاع غزة، ضمن برنامج "المساعدات الزراعية لمتضرري الاحتلال الإسرائيلي" الممول من الاتحاد الأوروبي، وننظر إلى جملة المشاريع الحيوية هذه، على أنها أداة هامة ليس فقط لدعم صمود وثبات المزارع الفلسطيني، بل ولتحفيز إنتاجية وتنافسية الزراعة الفلسطينية، ورفد نمو وتطور القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى، وتحقيق الأمن الغذائي الفلسطيني".

وأردف الحمد الله: "نيابة عن سيادته، أحيي كل جهود ومبادرات ومشاريع دعم القطاع الزراعي والمزارعين، والتي تشكل جميعها دعما للأرض والمواطن في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وممارساته، وقيوده القمعية".

وقال: يأتي إطلاق واختتام هذه المجموعة الكبيرة من المشاريع، في وقت يسطر فيه شعبنا صمودا وثباتا كبيرا في وجه المؤامرات والتهديدات التي تحاصر قضيتنا الوطنية في محاولة يائسة للالتفاف عليها وتشتيت حقوقنا التاريخية، إذ تواصل إسرائيل توسعها الاستيطاني، والاستيلاء على الأرض، والموارد، وفرض مخططات تهويد القدس وتهجير أهلها، واعتقال أبناء شعبنا، بما فيهم الأطفال، والنساء، والمرضى، وكبار السن، وإطلاق العنان للمستوطنين، ليعتدوا على المواطنين، وأراضيهم، وينتهكوا حرمة الأماكن الدينية، ويرتكب جيشها أبشع الجرائم ضد الأبرياء العزل، والتي كان آخرها جريمة قتل الطفل محـمد أيوب بدم بارد في قطاع غزة، وقد وصل عدد الشهداء منذ إعلان ترمب إلى حوالي سبعة وسبعين شهيدا".

واستطرد الحمد الله: إن هذا الواقع القاسي والمتفاقم الذي يعيشه أبناء شعبنا في غزة، وفي القدس، والأغوار، وسائر المناطق المسماة (ج)، إنما يلقي بصعابه وتداعياته وتبعاته على الأرض والمزارع خاصة. لهذا، نحن هنا اليوم، في إطار عمل وزارة الزراعة وصندوق درء المخاطر وبرامج الاتحاد الأوروبي الطموحة، دعما للمزارعين الفلسطينيين، ونجدة ونصرة لهم ولصمودهم في وجه الأخطار الطبيعية كما التهديدات والممارسات الإسرائيلية التي تحاصر شعبنا وتتهدد المزارع والحقول والحصاد، والماشية والبنية التحتية للزراعة الفلسطينية".

وقال: لقد أصبح "صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية" في خضم كل هذه المعيقات، بنية فاعلة مسؤولة تتحمل هذا العبء الوطني، وتعمل على الحد من تراكم الخسائر بمعالجة تكاملية للمخاطر الزراعية والإنذار المبكر منها ورفع الجاهزية لمواجهتها والتعامل معها والخروج بمشاريع تنموية مستدامة. في هذا الإطار، يشكل برنامجا "المساعدات الزراعية في الضفة الغربية" و"إعادة إعمار القطاع الخاص في غزة- الزراعة"، أحد أوجه دعم الصمود الفلسطيني والنهوض بالزراعة الفلسطينية في محافظات الوطن كافة".

وناشد الحمد الله الاتحاد الأوروبي مواصلة دعمه لإنشاء نظام خاص بالتأمين الزراعي في فلسطين، لدرء وإدارة المخاطر التي تهدد القطاع الزراعي بشكل أكثر شمولية وفاعلية.

وقدم شكره للاتحاد الأوروبي، الشريك الاستراتيجي في مسيرة فلسطين نحو التنمية والمؤسسة والبناء، وفي تطوير زراعة فلسطينية مستدامة، مثمنا عاليا دعمه السياسي والاقتصادي المتواصل والثابت، داعيا إلى البناء على الموقف السياسي الذي تبناه في دعوته إلى إجراء تحقيق كامل في عمليات قتل وقنص جيش الاحتلال الإسرائيلي لأبناء شعبنا في مسيراتهم السلمية الشعبية في غزة.

واختتم الحمد الله كلمته: أحيي الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة الزراعة وصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، لتعزيز صمود المزارعين الفلسطينيين، وكلي ثقة، بأننا معا وبالتعاون مع قطاعنا الخاص وشركائنا الدوليين، سنعمل على تكثيف العمل في المناطق المهمشة والمهددة وسائر المناطق المسماة (ج)، وفي غزة الصامدة الأبية، لحماية الأرض والهوية وتعزيز قدرتها الإنتاجية.

بدوره، أعلن الوزير سلطان عن البدء بفعاليات مشروع التنمية الزراعية الممول من الاتحاد الأوروبي، بقيمة مالية تصل إلى 17.5 مليون دولار أميركي للمتضررين من المزارعين، في كافة محافظات الوطن.

وقال سلطان: إن الوزارة تعمل عل تطوير قطاع الزراعة بطريقة شمولية، وهذا المشروع جزء من دعم المزارعين، وصمودهم، من خلال مساعدتهم، إذا ما تعرضوا لأضرار طبيعية من قبل الاحتلال، مشيرا إلى أن عدد المتضررين من المزارعين يزيد عن 40 ألف مزارع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبهذا الصدد تم انشاء لجان من وزارة الزراعة، وصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية؛ من أجل الوقوف على مدى الأضرار، في إطار سياسة التعويضات.

من جانبه، خاطب الجاغوب رئيس الوزراء بالقول "لقد كانت مسؤولية كبيرة وضعها وزير الزراعة على عاتق الصندوق لإدارة المشروع، بالمشاركة مع أطقم الوزارة، وموظفي الصندوق، بالتنفيذ بعد تعثر دام خمس سنوات متتالية، لم يستطع المشروع أن ينطلق، بسبب التعقيدات الإدارية والفنية والمالية المطلوبة، لافتا إلى أن وزير الزراعة أصدر أكثر من 50 قرارا بهذا الخصوص.

وأشار إلى أن الحكومة اتخذت عددا من القرارات الهامة، نظمت خلالها وسهلت عمل المشروع على مستوى الوطن، وعلى إثر الخطوات والقرارات أنشئ في صندوق درء المخاطر نظام وطني محوسب شفاف لحصر الأضرار، موصول بنظام الجيو مول في وزارة الحكم المحلي، وننتظر أن نوصل هذا النظام بسلطة تسوية الأراضي في القريب العاجل، لتكون المعلومات غاية في الدقة.

وأضاف "الصندوق اليوم بخطته الثلاثية سيتحول إلى الصندوق الذكي خلال العام 2020، وقد هيأنا البنية التحتية لذلك، وأصدرت الحكومة قرارا بتخصيص أرض لصالح وزارة الزراعة، ومؤسساتها، لبناء مقر يضم الوزارة، وصندوق درء المخاطر، ومؤسسة الإقراض الزراعية، مشيرا إلى ان الوزير أوعز للصندوق للبدء الفوري بإعداد المخططات ليتلاءم مع الأنظمة المحوسبة المزمع إنشائها.

وأكد الجاغوب أن افتتاح رئيس الوزراء اليوم لأكثر من 800 مشروع في جميع محافظات الوطن، دلالة واضحة على اهتمام الحكومة بالقطاع الزراعي، وصمود المزارعين، وتسخير الممكن لخدمة هذا القطاع، والقائمين عليه، واعتماد المشروع بأهميته السياسية، والاقتصادية، والتنويه لإحدى قصص النجاح الوطني.

وفي كلمة المزارعين المستفيدين من المشروع ألقاها محمد طري، قال: إن المزارع دوما يُستهدف من قبل الاحتلال لاجتثاثه من أرضه، والنيل من عزيمته، من خلال الاستيلاء على الأرض، وتدمير الآبار، وقلع الأشجار، وهدم البيوت البلاستيكية، وذلك لمصلحة توسيع المستوطنات.

وتطرّق الطري إلى تجربته عندما أقدمت قوات الاحتلال على تجريف 20 دونما من أرضه في بيت سوريك في محافظة القدس، مزروعة بأشجار الزيتون، والخوخ، والعنب، وهدم بئر للمياه، والقضاء على مصدر رزقه، وصولا إلى اعتقاله لمدة 22 يوما، وكفالة مالية بقيمة 20 الف شيقل، مع إقامة جبرية لمدة ثلاث سنوات ونصف.

وأعرب ممثل الاتحاد الأوروبي نيكلسون عن سعادته للمشاركة في إعلان المشروع البالغة تكلفته الإجمالية 17.5 مليون دولار، مقدمة من الاتحاد الأوروبي، والذي يأتي في إطار دعم كافة النشاطات الزراعية التي تضررت من قبل الاحتلال، وصولا إلى النهوض بقطاع الزراعة، وتفعيله بشكل كبير، لأنه يعتبر مصدرا لرزق شريحة كبيرة من المجتمع الفلسطيني.

وأشاد نيكلسون بالشراكة المتينة مع السلطة الفلسطينية، وكذلك المواطن الفلسطيني الهادفة إلى دعم المزارع، والقطاع الزراعي بشكل عام، ليكون داعما للاقتصاد الفلسطيني، نحو بناء دولة فلسطينية، وحل الدولتين.

وأكد أن الاتحاد الأوروبي دوما إلى جانب دعم القرارات، التي من شأنها ان تكون موجهة لدعم المزارعين، والحفاظ على مصادر حياتهم، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي سيحافظ على مواصلة دعم المزارع الفلسطيني.